القاهره - المغرب اليوم
أصدرت الروائية المصرية رشا عدلي رواية بعنوا " آخر أياب الباشا" والتى لاقت قبولا كبيراً في الوسط الثقافي وخارجه وتحدثت عن تقديرها للمناخ الأدبي والابداعي قائلة: "أن عملية الإبداع يصحبُها القلق والهواجس الداهمة، وقد تتصاعدُ حدّة التوتّر مع كتابة الرواية، لأنَّ تأسيس العمل - الرواية عبارة عن فعل إبداعيّ يتّكئ على مبدأ المعرفة، كما يتشابك فنّ الرواية مع النصوص الفلسفية إضافة إلى انفتاحه على أجناس أدبية أخرى، وبذلك كلّه تتكرّسُ خصوصية الإبداع الروائيّ حول تجربة الكتابة وما وصلت إليه ذائقة القراءة من مستوى جديد". وقالت بداية مشوارها الروائي أنها: "بدأت قراءة الروايات عندما كان عمري١٢عاماً، كانت منتشرة في تلك الفترة منذ منتصف الثمانينات روايات رومانسية مترجمة للجيب، وهي التي أفضت بي الى فضاء الرواية الواسع، بعدها بدأت قراءة فرجينيا وولف وأحببت أدبها جداً ثم قرأت لإحسان عبد القدّوس ونجيب محفوظ وأنيس منصور وعدت مرّة أخرى الى قراءة الأدب الفرنسي المترجم، ولم أتوقف من يومها عن قراءة الأدب والتاريخ؟ وكشفت الروائية المصرية عن تأثرها في كتاباتها الأولى بالأحداث الواقعية والصدف الحياتية قائلة: "عندما بدأت كتابة الرواية الأولى كنت قد قرأت عدداً كبيراً من المؤلفات وشدّني في تلك المرحلة أدب الحرب. طبعاً تكمن قيمة الأدب في قدرته على نقل المشاعر الإنسانية والحالات الاستثنائية التي تنتجها تجارب عميقة في مواجهة الموت والحياة والحب، وذلك خارج الشكل المعتاد. وكان هذا النوع من الأدب يستطيع أن يكشف التجربة الوجودية بشكل مختلف، لذلك دارت أحداث روايتي الأولى "صخب الصمت" حول الحياة في مدينة الإسكندرية أثناء الحرب العالمية الثانية لأنّها كانت من اكثر المدن المتضررة بعد هذه الحرب ورصدت تداعيات الحرب على الحياة الاجتماعية والثقافية، وكان هذا الموضوع مدار اهتمامي في أعمال أخرى".. وتحدثت عن موقفها من رواية التكوين التى تعد انعكاسا للتجربة الذاتية قائلة:"أعتقد أنّ كلّ عمل روائي هو استعادة للتجربة الذاتية وليس العمل الأول فقط، على العكس، أعتقد أنّ النضوج العمري والفكري والخبرات التي يكتسبها الروائي بين كلّ عمل وآخر يسمح له بالتعبير عن تجربته الحياتية بشكل أكثر فهماً وأكثر وعياً، لذا نجده قد أدرجها في أعماله حتى دون أن يدري ذلك".. وتحدثت عن علاقة الرواية بالمجتمع وارتباط عددها بمدى الانفتاح المجتمعي قائلة:"السرّ وراء تصاعد فن الرواية ليس فقط هو انفتاح المجتمعات إنّما انجذاب المتلقي تجاه هذا النوع من الأدب بشكل كبير في الأونة الأخيرة، كما هو معروف تقنيات السرد قطعت شوطاً طويلاً من تاريخها التجريبي حتي وصلت الى قمة نضجها وتطورها التقني مع تصاعد موجات ما بعد الحداثة، ومن ثمّ بدأ البعضُ بالحديث عن تراجع الرواية ولكن هذا لم يحدث، لأنّ الرواية هي فنّ تجريبي خالص ونصّ منفتح على حقول الفكر والثقافة وهذا هو السبب الحقيقي لشيوع هذا الجنس الأدبي. والمستغرب أنّ هناك أنواعاً من الروايات لاقت انتشاراً في الفترة الأخيرة كالرواية التاريخية التي أصبح لها جمهور كبير من القراء. مقارنة كذلك، ظهرت أنواع أخرى من الروايات مثل الخيال العلمي وروايات السير الذاتية، وفي رأيي أنّ الرواية ستظلّ دائماً تنال أهمية كبيرة لقدرتها على التأثير واستقطاب قرّاء كثيرين يفضّلون الحكايات على الأفكار. فالرواية تتيح للقارئ أن يتماهى مع شخصيات العمل ويتفاعل مع أحداثها ويتبنّى أفكارها". وعلقت رشا عدلي على اضافة مبادرات ورش الكتابة لمجال الرواية وتأثرها به قائلة: "بالرغم أن الكتابة هي عمل فردي قائم على الموهبة الفطرية، ولكن هناك عدداً من أصحاب المواهب لا يستطيعون الكتابة، لذلك تمنح الورش لهؤلاء الأدوات اللازمة لترتيب أفكارهم وتطوير أساليبهم. فبرأيي الورش هي بيئة للتشجيع على العمل وتبادل الأفكار، ليست لي تجارب في هذا المجال، وبالنسبة إليّ القراءة الكثيرة في جميع المجالات، والبحث والمعرفة هي العوامل الأساسية لاكتساب الخبرة، وهذا ما اعتمدت عليه في صقل موهبتي. وأكدت الروائية المضرية معلقة على علاقة الحراك النقدي بالتضخم الروائي أنها: "للأسف الحراك النقدي غير مواكب لهذا التضخّم، فهناك عدم توازن على هذا المستوى. ومن المؤكد أنّ النقد لا يستطيع أن يجاري الأعمال الروائية التي تتوالى، إذ ثمّة الكثير من الأعمال الجميلة لم تأخذ حقّها من النقد. وعندما أتحدّث عن النقد هنا فأنا أعني الناقد الأكاديمي المُختص بالنقد الروائي وليس القرّاء أو الهواة الذين يكتبون مراجعة لعمل تحت مسمّى النقد، وعند قراءتها نكتشف أنّها مجرّد سرد لأحداث العمل دون أيّ إضافة تذكر، وهذا لا يدخل في باب النقد بل هو في نظري أقرب إلى قراءة مختصرة للعمل ولا شكّ أنّ النقد له دور كبير في صقل المواهب الإبداعية وإحداث الحراك على المستوى الأدبي". وكشفت عن مدى تأثر وعي القراء بترجمة أعمال الروائيين المعاصرين قائلة: "اعتقد أن نقل الأدب وترجمته له اهمية كبيرة جدا بالنسبة الى القارئ العربي لأنه بدون شك يساعده على معرفة العوالم الاخرى، ويتيح له فرصة السفر الى بلدان مختلفة واكتساب ثقافات مختلفة ومعرفة عادات وتقاليد متنوعة، ربما لأول مرة يسمع عنها. كل ذلك دون أن يبرح مكانه وهذا شيء اجده في منتهي الروعة. كما أن الازدهار الذي حدث مؤخراً في حركة الترجمة كان له دور كبير وفعّال على الذائقة الأدبية ليس للقارئ فقط ولكن للكاتب ايضاً، لأنها دفعته دون شك نحو المزيد من الإبداع، ومنحته القدرة على بلورة أفكاره باتجاه أشكال مختلفة من الفكر والمعرفة وهذا كله في النهاية يصبّ في نتاج الكاتب". وأخيرا تحدثت الروائية المصرية رشا عدلي عن توظيف المعلومة التاليخية في روايتها الأخيرة قائلة: "من خلال أعمالي أعيد للذاكرة ما يحاول أن يسدل عليه التاريخ ستار النسيان، لذلك دأبت على السير عكس اتّجاه الزمن، في الواقع إنَّ كتابة الرواية التاريخية ليست أمراً سهلاً، فإذا أردت إنجاز عمل جيد ويستحق القراءة، يتطلّبُ مزج الحقيقة بالواقع والحفاظ على الحدود الفاصلة بينهما لعدم الوقوع في فخ الزيف وعياً وإمكانية فنية، وأيضاً يجبُ توفير عنصر الجاذبية والتشويق حتّى لا يتوه نوعه ما بين الأدب والتأريخ ولا يؤدي بالقارئ الى الملل، لطالما كان في الكتابة التاريخية شيء من الخديعة ما لم يتوفر على عناصر جذابة ولغة شعرية. وفي النهاية هي بالنسبة إليّ مشروع أدبي ومعالجة فنية لعناصر تبدو جامدة. فمثلاً قصة الزرافة الدبلوماسية التي تدور حولها روايتي الأخيرة آخر أيّام الباشا لم تذكرها كتب التاريخ سواء المصري أو الفرنسي إلّا في صفحتين او ثلاث على الأكثر. فأعتقد أن تصنع من بضع كلمات والقليل جداً من المعلومات التي عثرت عليها بعد الكثير من البحث رواية كاملة فهذا عمل شائق بدون شكّ، ولكن على مشقّته إلّا أنّه ممتع جداً بالنسبة إليّ". وقد يهمك أيضا : جمال القصاص يرصد مفاصل مدينة القاهرة في رواية الليل والنهار هنري العويط يطالب بتطبيق العروبة الموحدة