الرئيسية » أخبار محلية وعربية وعالمية
الانتخابات العامة الإيطالية

لندن - سليم كرم

يثير ازدهار الأحزاب الشعبية في الانتخابات العامة الإيطالية، الرعب في بروكسل والاتحاد الأوروبي، الذي يُلقي عليه باللوم على كل من الموروث الاقتصادي الإيطالي المستمر منذ عشر سنوات، والفشل في السيطرة على الهجرة، ويجد أيضا مشكلة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ومعسكر مؤيدي الخروج الذي يقوده نايغل فاراغ، فسرعان ما يلاحظ العديد أن المخاوف الكامنة في إيطاليا تعكس تلك التي تسببت في خروج بريطانيا من الكتلة الأوروبية، ولكن سيكون من الخطأ أن نعتقد أن هذا النصر للمشاعر المعادية للاتحاد الأوروبي، والمعادية لليورو ستساعد في المفاوضات الحالية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بل على العكس تماما، والواقع أن الاستياء مع أوروبا في إيطاليا من المرجح أن يجعل عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أكثر صعوبة، وليس أسهل، حيث التمرد في الدول المؤسسة للكتلة.

واستدعي البريطانيون لبروكسل لاتخاذ نهج عملي لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بعزم ثابت للدفاع عن البناء السياسي الأوروبي والسوق الموحدة، ولكن الخطر الآن هو أن بروكسل تضاعف جهودها. وكان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ضربة لأوروبا، ولكن انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وصعود الحكم الاستبدادي في أوروبا الشرقية، وتفكك الديمقراطيات الوسطية في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، قد صاغ تصويت بريطانيا بالموافقة على مغادرة الاتحاد، وستؤدي نتيجة الانتخابات هذه إلى تعميق هذا الشعور بإنعدام الأمن في الاتحاد الأوروبي، هذه النتيجة تثير الرعب في بروكسل، وسط العديد من مخاوف انعكاس تلك النتائج التي تسببت في مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي على إيطاليا.

ومر عقد من الزمان منذ الأزمة المالية، ولكن أوروبا لا تزال تكافح من أجل السيطرة على نفسها، ولكن لا تؤكد نتائج الانتخابات الإيطالية هذا الصباح إلا هذا الاتجاه، ويظهر العد المبكر بأنه لا يوجد حزب واحد أو مجموعة من الأحزاب قادرة على تأمين الأغلبية، ولكن أكثر من 50% من الإيطاليين صوتوا للأحزاب الشعبية الأوروبية مثل حركة النجوم الخمسة أو رابطة مكافحة المهاجرين بشكل صارم سابقا الرابطة الشمالية.

ويمكننا الآن أن نتوقع ما سيحدث في الأسابيع أو الأشهر المقبلة، حيث لن تتمكن إيطاليا من حكومة تعمل على استقرار البلاد، وعلى الرغم من بعض التقدم الذي أحرز في الميزانيات العمومية لمصارف روما، لا تزال إيطاليا غارقة في الدين العام بنسبة 130% من الناتج المحلي الإجمالي، وتعطل ببطء نمو الناتج المحلي الإجمالي، وضعف الإنتاجية، وتزايدت بطالة الشباب، هذه هي العوامل الأساسية التي تفسر خيبة أمل الشعب الإيطالي مع كل من بروكسل ودرجة الحكم الخاصة بها، والتي تشعر الإيطاليون أن الاتحاد فشل في مساعدتهم خاصة في العمالة والمساواة والهجرة.

وستؤدي هذه النتيجة أيضا إلى إضعاف آمال بروكسل في أن يؤدي انتخاب إيمانويل ماكرون في فرنسا إلى إعادة طموح للمشروع الأوروبي، الذي استند إلى إقناع ألمانيا بتمويل مشاريع تقاسم الأعباء في منطقة اليورو. وبإلقاء نظرة على وعود حركة خمس نجوم أو الليغا، سنجد أن هذا أمر مستبعد للغاية، فالشعب الألماني لن يرمي أمواله على إصلاحات سيئة، كما أن إصلاحات السيد ماكرون، تحتوي على مخاطر، بجانب أن الرد المعتاد على نتيجة الانتخابات الإيطالية هي التغاضي عن الفوضى، بحيث نلاحظ أن "كل شيء لا يتغير، يمكن أن يبقى كل شيء على حاله".

وكان لدى إيطاليا نحو 65 حكومة منذ عام 1945، ومجموعة من رؤساء الوزراء المعينين حديثا، ولكن التصويت المناهض للمؤسسة واضحا جدا، فقد قامت اليغا بتطهير فورزا إيطاليا من سيلفيو برلسكوني إلى اليمين، في حين تلقى الحزب الديمقراطي الوسطي في ماتيو رينزي سقوطًا كبيرًا، وربما انخفض بنسبة 20%، وجاءت حركة خمس نجوم بزيادة حوالي 10% قبل السيد رينزي، وسجلت نحو ضعف حصة التصويت على فورزا.

ويكمن الخطر الآن في أن هذه النتيجة ستدفع بروكسل وباريس وبرلين إلى دفاع أعمق عن أنفسهم، كما أن احتمال وجود تحالف غير قوي بين خمس نجوم وحزب ماتيو سالفيني يثير الرهبة، وكل هذا لن يؤدي إلا إلى إثارة الغضب وخيبة الأمل لدى 80% من الإيطاليين الذين تظهر استطلاعات الرأي أن تصويتهم لا يعوض شيئا.

ومنذ وقت ليس ببعيد، يمكن التعامل مع الموروث السياسي الإيطالي على أنه فريد، ليس أكثر من ذلك، ومن الشمال إلى الجنوب، ومن إسبانيا إلى هولندا، تتأثر أوروبا الآن بحكومات الأقلية والائتلافات الضعيفة، حتى ألمانيا القوية، أخذت ستة أشهر لتشكيل حكومة، وليست في مأمن من هذه القوى المركزية الجديدة، وحيثما يكون هناك تركيز للقوة في الشرق في بولندا والمجر، فإن الانجراف يعود الآن إلى الاستبداد وليس الديمقراطية، وفي نهاية المطاف، فإن هذا التراجع العميق مع حالة عدم اليقين العميق بالنسبة للنخبة السياسية في أوروبا، هو أمر يزيد الأمور تعقيدا من جانب حكومات الأقليات الضعيفة.

وتناشد رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي، أوروبا بنهج أكثر واقعية، ولكن الخطر الواضح الآن هو أن هذه النتيجة التي تشكل تهديدا جديدا للمشروع الأوروبي، ستدفع بروكسل وباريس وبرلين إلى التعمق في دفاعاتهم.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

ارتفاع اجمالي حصيلة قتلى غارة الضاحية لـ70 بينهم 16…
إسرائيل تُؤكد عدم سعيها لتوسيع الصراع في لبنان ولن…
البيت الأبيض لم يفقد الأمل بصفقة لوقف النار في…
إبراهيم عقيل قائد قوة الرضوان والرجل الثاني في "حزب…
إيران تعلّق على ضربة الضاحية الجنوبية و"الحرس الثوري" ينفي…

اخر الاخبار

ترامب يرفض عرضاً من هاريس لمناظرة ثانية ويقول فات…
فاطمة الزهراء المنصوري تُؤكد أن الذين حاولوا الهجرة الجماعية…
البحرية الملكية تُحبط محاولة العشرات من المرشحين للهجرة السرية…
حزب الأصالة والمعاصرة يدعُو لتمديد صلاحية جواز السفر المغربي…

فن وموسيقى

احتفاء بفيلم "رحلة 404" لمنى زكي عقب ترشحه للأوسكار
منى زكي تُعبر عن سعادتها الكبيرة بترشيح فيلمها "رحلة…
سميرة سعيد تؤكد أن ألبوم قويني بيك من أحلى…
ظافر العابدين يبدء ثالث تجاربه في الإخراج بفيلم صوفيا…

أخبار النجوم

فيلم نادر يكشف سراً عن منى زكي
أشرف عبد الباقي يكشف أسباب ابتعاده عن السينما
حميد الشاعري يتنازل عن بصمة صوته لتقديم أغانٍ جديدة…
الفنان عمرو دياب يتألّق عند سفح أهرامات الجيزة

رياضة

حكيم زياش ينتقد المغرب والدول التي تدعم الإبادة الجماعية…
هاري كين وجريزمان يتنافسان على جائزة لاعب الجولة في…
ميسي يعود للملاعب بعد غياب شهرين للإصابة
انتخاب عادل هالا رئيساً جديداً لنادي الرجاء الرياضي لمدة…

صحة وتغذية

دواء مضاد للاكتئاب قد يساعد في علاج أورام المخ
التعرض إلى الضوء في الليل يُزيد من خطر زيادة…
عقار تجريبي يساعد مرضى السرطان على استعادة الوزن
جدري القردة يُؤجل النسخة الرابعة من المؤتمر الدولي للصحة…

الأخبار الأكثر قراءة

السودان يصّل إلى نقطة إنهيار كارثية جراء المجاعة والفيضانات…
ستارمر يُهاتف الرئيس الإيراني مُعبراً له عن قلقة إزاء…
بوتين يتوعد بـ رد قوي على استفزازات كييف التي…
"حزب الله" يقصف شمال إسرائيل بالصواريخ بعد ضربة قتلت…
السلطة الفلسطينية ترفض مقترحًا إسرائيليًا مشروطًا لفتح معبر رفح