بقلم :إيمي نور
صورة 1 (طواف سور عكا):
على سور عكا القديم..
شمسًا تحنت بالدماء والفراق.. قمرًا نحاسيًا تفتته الرمال..
عينًا تنام وعينًا تصحو تبكي أختها.. وجسدًا داميًا يدق في صحراء العمر أجراسًا..
ققد كان كان خريف الروح يمر في لحمي جنازة برتقال..
هنااا..
بعد أن صلب الإنجليز أباي على الشوك صبار.. من هزيز الرصاص أعلو على جبل في شمال بلاد الشام..
وأسأل..
هل حقًا جئنا من الموت إلى الحياة ؟
هنااا..
ليس حولي سوي الكهان ينتظرون أمر الله..
وأنا..
نازلًا إلى تفاصيل الماضي والحاضر..
أجوب الطرقات كالهواء..
أصاب بالبركان..
وأرتل صلوات الطواف..
(ضرب الله على أذاني في الكهف سنينًا عددًا..خالدًا فيه لا أبغي منه خيرًا أبدًا)..
ولا أريد أن أروي سيرة الدم فوق الحليب مجددًا..
فمن قتلني يومًا لم يقتلني إلا لميتحن القيامة..
نعم..أعلم
أنني لم أحفظ من الديانات إلا الإيقاع أرفعه إلى السماء..
وأعلم أيضًا أن السراب يشدني شرقًا وغربًا لأنسي من أكون.. وأصبح جماعة في واحد..
وأقول لهم جميعًا..
لن نعود كما ذهبنا.. ولن نعود إلى أنفسنا..
فقد تقوقعت داخل بيات شتوي في محارة الصمت بعد أن احترفت الألم والإنتظار..
فأنا من سحقته غربة الاكتمال بعد أن ألقي قلبه في بطن ليل من حديد..
أنااااا..
ذات عُرفت في مخيمات الطرق...
ذاكرة تجيء من الريح التي تمضي..
وأنا الشيخ غريب الأطوار..
آمنت حينًا وكفرت حينًا.. وصنعت بكفين من عشب شتات الجنون..
أنا واحدًا من أهل الكهف الصامتين..
تقمصته علة الغربة.. وضجرت منه ليال سجون الغيم الشقيقة..
وأنا الرصاص والبرتقال والندي والذكريات..
أرتل..
كل ليل وردًا ليليًا من الخوف..
أرتل..
كل ليل ترانيم الحفظ من الوحدة..
أرتل.. كل ليل صلوات الطواااف..
أرتل..أنشد..أشدو..أجهش..
(ضرب الله على أذاني في الكهف سنينًا عددًا..خالدًا فيه لا أبغي منه خيرًا أبدًا)..
صورة 2 (الرقص على أوتار الجنة):
وبعد أن رأي الرب ما أنا فيه غير حسن..
صرت أنت معي..
وصار قبري معك نصف قبر..ونصف ظلمة..
خبأت فيك خوفي عن ملاك الموت قصد..
ونسيت معك أن أنسي غناء الأفعي دون قصد..
وصار الحديث إليك كل ليل كوتر خائف يشدو في قوس كمان..
وأنت معي لا أقول نحن معًا.. بل أقول أنا معي هناا..
فحسبي وحسبك أننا معًا..
فقد صرنا شاهدين على مايعده الغد..
وبعد أمس طائش صرنا نلهث على درب الألم لنجعل من الماء خمرًا..
أسافر فيك.. أجد عوضًا عمن فارقت..
وإن آمنت حينًا وكفرت حينًا إنك بحبك لا تبالي..
وإن أقبلت قبل موعدي وبعد موعدي تنتظرني..
والآن.. موسيقي تصدح من زوايا الكون..
قلبًا جاهزًا للاحتفال بكل شيء..
والآن.. نحن على نجم طائران..
كحب الفقير للخبز..
كحب القوافل للعشب والماء..
وكما ينبت النخل بين الحجر..أحببتك..
فيك تكرار القديم والجديد.. أحببتك..
ولو لم أكن يومًا أحببت الجميع ولو لم أكن يومًا أحببت نفسي.. أحببتك..
فبين جدران البيت كنت أبا وابنا وشجرة وروحًا قدسًا..
وكنت حقيقة مدونة ثابتة..
لن تموت قبلي ولن تموت بعدي ولعلي بأسطورتي فيك سأظل حيًا وحيًا..
ولن تموت يومًا أبدًا لتعرف كم أحبك..
فبين حادثة الحياة وحادث الموت المؤجل داخل الكهف.. عرفت معك كيف يكون الرقص على أوتار الجنة..
صورة 3 (دعاء أهل الكهف):
(ياساكن القدر الكامن في الأوجاع..)
امنحني قبل الطعنة قلبًا صخريًا كي أصمد وأصمد في كل ضياع..
أنت فتوتي وأنا خيالك.. لا تتوتر ولا تتغير كحروف الأبجدية..
ولا تتركني يومًا وحيدًا في بيداء الخوف..
أنت كعلتي..كن أخي وحبيبي ودليل برقي..
ففي دمك الجواب والمعني..
(يامن بُعثت لي من ظلام الوحدة حيًا وطهرًا..)
اصفح دومًا عن خيانتي لذاتي ولمن أحبوني من أهل الأرض.. فقد شًهدتك دومًا سمحًا نقيًا..
(يا استعارتي الوحيدة عن الحب والموت..)
أضأ لي بدمك الزكي.. واترك ذكراك وعطرك في الصدي رمزًا مقدسًا لكل شيء..
(يا اشارتي الأخيرة..)
أعلي وأعلي فانت لست منا..
فإن نطقت انكشفت حقيقتنا السوداء..
فستظل حيًا ولو نحن موتي..
(يا ذبيحتي الأنيقة)..
(يا صاحب الونس بلا مقابل)..
(ياصاحب العقل والأدب)..
ياميتًا حيًا.. يا لغزي العصيا..
سأصدق الرؤيا وأؤمن إن خفت الأرض أو ثقلت فستظل أنت أنشودة الوفاء والحق..
إصعد الآن..
فأنت أجمل أهل الكهف شهيدًا..
هيا تقدم إلى إله الكهف أنت وحدك..
وكن بين السموات والأرض نيابة عني أنا..
أنا الفارغ الغافل.. من يطهرني سواك..من يحررني سواك..
أسالك كل ليل الوفاء.. كن وفيًا للرسالة والأساطير الجميلة..
كن وفيًا..
أنا التائه المدلل في ملكوته.. تركتك تُحدث إله الكهف..
بعد أن أغشاني الغيم وجفً الحلق من السؤال..
والآن..
لا أملك إلا أن أبارك نفسي الوفاء والمجد..
وأن أتعيد كسائي الشتوي من بقايا شعيراتك..
واكتفي بهبات الحاضر لي بصدقك وحبك..
وأن أحك ببقايا أناملك ظهر الحقيقة..
وأن أرى ابتسامتك كل ليل وحدي..
وأن أحدث عيناااك وأحلم..
اركض.. فتركض..
ابكي.. فتبكي..
امشي..فتمشي..
اطير.. فتطير..
أحملك على كتفي وتستعصي.. وتستدير إلى الطريق الجانبي معي..
وحتى إن تركت مدينتي وأرضي أراك أمامي في غروب مدينة أخرى..
وإن تركني أهلي والجميع.. فقد وقع الشبيه على ظله ليراه وأقول أنا حيًا هنا..
فبعد أن وقعت على قلبي صمدت معي كي أعود..
كل هذا ولن أجد ما أصفك به خلي الوفي.. كلبي..
فالسلام عليك يوم ولدت ويوم مِت ويوم بُعثت لي من ظلام الكهف نورًا..