بقلم : أنور الخطيب
سأغتال القصيد؛
العاجزَ عن زرع النار والورد والبياض
في قلوبِ الشعراء
سأغتاله،
في لحظة الترنّح خارجاً من ملهى الحلاّج
سأخنُقُه،
بالخيط الذي لا يمر بين زانٍ وزانيةٍ،
وإذ يدلّى لسانَه على البحر الطويل
سأنشره على حبل غسيلٍ
يجفّ وحيدا، ثم يموت
لا أحد يشفع له: لا أم عبدالله ابن الزبير
ولا زهير!
سأحمِلُه إلى مضاربَ ليلى
ليُعفّرَ قيسٌ وجهَهُ بالجمر ثانية
أمدّدُه على خشب الاستعارات
أغسِّله بفودكا رسول حمزاتوف
أحشو أُذنيه بنثر الجاحظ
أعطّرُه بالغموض
أكفّنه بورق البُرْدي
أدعو النقادَ لأمسيةٍ شعريةٍ على شرفه
تقدّمها الولاّدة بنت المستكفي
يوزّع "درويشُ" الدروعَ على الناجين
من لعنته
يؤمنا أدونيس في صلاة الجنازة
يقرأ ما تيسّر من "ثابته المتحوّلِ"
نرفع جثّتَه على أناملنا
يتقدّمُنا النوّاب ناشداً: "أما أنا، فلا أخلع صاحبي"
ندفنه في مقبرةِ المتنبّي
يخطُب السيّاب بالعابثين
"جيْكور ستخرج من دمي"
نوزّع عن روح الميت، التبغَ والحشيشَ
والتاكيلا والكتبَ المقدسة،
ننفضّ عائدين إلى عشيقاتنا
نشرح عصرَ ما بعد الشعر
يُقِمنَ مأتماً
يتقبّلن العزاء بنا
تحضره أراملة الشعراءِ
رجالُ الأمنِ
ماسحو الأحذيةِ
سماحةُ الفراهيدي
حورياتُ النّعيم
ونمضي إلى الجحيم
حيث الله، يعذّب الغاوينَ بالغاوين.
*أنور الخطيب شاعر فلسطيني مقيم في بيروت