بيروت ـ أ.ف.ب
مدينة تدمر التي استعادها الجيش السوري بشكل كامل من تنظيم الدولة الاسلامية الجهادي والمعروفة ب"لؤلؤة البادية" وقيمتها التاريخية لاثارها التي تعود الى اكثر من الفي سنة، تقع في وسط سوريا وهي مدرجة على قائمة منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) للتراث العالمي للانسانية.
قبل اندلاع النزاع السوري في منتصف آذار/مارس 2011، كان حوالى 150 الف سائح يقصدون هذه الواحة في قلب بادية الشام على بعد 210 كلم الى شمال شرق دمشق، والتي تشتهر باعمدتها الرومانية ومعابدها ومدافنها الملكية التي تشهد على عظمة تاريخها.
- مدينة التوابل والحرير -
ظهر اسم مدينة تدمر للمرة الاولى في مخطوطات مملكة ماري في الالفية الثانية قبل الميلاد بحسب موقع اليونيسكو، عندما كانت واحة لعبور للقوافل واحدى محطات طريق الحرير بعد سقوطها تحت سيطرة الرومان في النصف الاول من القرن الاول الميلادي واعلانها ولاية رومانية.
واصبحت تدمر مدينة مزدهرة على الطريق التي تربط بلاد فارس بالهند والصين والامبراطورية الرومانية بفضل تجارة التوابل والعطور والحرير والعاج من الشرق والتماثيل وصناعة الزجاج الفينيقية.
- العصر الذهبي -
في العام 129، منح الامبراطور الروماني ادريان تدمر وضع "المدينة الحرة" وعرفت انذاك باسمه "ادريانا بالميرا" وعاشت عصرها الذهبي في القرن الثاني بعد الميلاد.
وكان سكان المدينة قبل وصول المسيحية في القرن الثاني بعد الميلاد، يعبدون الثالوث المؤلف من الاله بعل ويرحبول (الشمس) وعجلبول (القمر).
وقالت مارييل بيك التي تدير قسم الاثار الشرقية في متحف اللوفر بباريس في ايار/مايو 2015 ان المدينة "بنيت وفق هندسة غربية، مع ساحة اغورا وشوارع كبيرة ومسرح ومعابد حتى امكن مقارنتها بروما". ولفتت الى ان تدمر "تتميز بابراج مدافنها الكبيرة ذات الطبقات التي كانت توضع فيها النواويس".
- الملكة زنوبيا -
عرفت المدينة اوج ازدهارها في القرن الثالث في ظل مملكة زنوبيا التي تحدت الامبراطورية الرومانية.
في العام 267 بعد الميلاد اغتيل الملك العربي اذينة في ظروف غامضة وتولت الحكم بعده زوجته زنوبيا التي بسطت سيطرتها مدفوعة بحبها للحرية والمجد على بلاد الشام في 270 واجتاحت مصر واطلقت قواتها حتى البوسفور قبل ان يطيحها في عام 272 الامبراطور الروماني اوريليان الذي استعاد تدمر واقتاد زنوبيا الى روما فيما انحسر نفوذ المدينة.
- سجن تدمر، رمز القمع -
في فترة الثمانينات من القرن الماضي، وفي ظل حكم الرئيس الراحل حافظ الاسد والد الرئيس الحالي بشار الاسد، قتل مئات المعتقلين في سجن تدمر، الذي شكل احد رموز قمع النظام السوري.
وقبل سقوط تدمر في يد تنظيم الدولة الاسلامية، نقل النظام المعتقلين داخل السجن الى سجون اخرى في سوريا. وفور سيطرته على المدينة، عمد التنظيم المتطرف الى تفجير السجن.
-التخريب والدمار -
في 18 آب/أغسطس 2015 قام تنظيم الدولة الاسلامية بعد ثلاثة اشهر من استيلائه على المدينة باكملها، بقطع راس مدير الاثار في المدينة خالد الاسعد (82 عاما) الذي شغل هذا المنصب طيلة خمسين عاما.
وبعد اقل من اسبوع قام التنظيم المتطرف الذي يعتبر التماثيل البشرية والحيوانية بمثابة اوثان والمعروف بسوابقه في تدمير وجرف الاثار في مواقع اخرى استولى عليها لاسيما في العراق، بتدمير معبدي بعل شمين وبل بالمتفجرات.
وفي ايلول/سبتمبر دمر عددا من المدافن البرجية في المدينة قبل ان يحول قوس النصر الشهير الى رماد.