فاراناسي - أ.ف.ب
لقرون خلت كانت أقمشة الساري المصنوعة في مدينة فاراناسي رمزا للأناقة، حتى أنه يقال إن جثمان بوذا لف بثوب من الحرير المنسوج يدويا في أكثر مدن الهند قداسة عند مواراته الثرى. غير أن اصحاب المشاغل والحرفيون يؤكدون أن مصير صناعة الحرير في فاراناسي بات معلقا بخيط رفيع وقد يندثر هذا القطاع في غضون جيل في ظل الإنتاج الآلي المكثف والمنافسة الصينية، في حال لم تتخذ الحكومة الهندية المقبلة التدابير اللازمة. ويقول سرادار حفيظ الله وهو ينسج قماش ساري اخضر وذهبي اللون في الطابق الأرضي من منزله الواقع في وسط مدينة فاراناسي القديم "أزاول هذه المهنة منذ أكثر من 40 عاما وأجدادي وأسلافي كانوا يزاولونها قبلي لحوالى 250 سنة تقريبا". ويضيف الحائك البالغ من العمر 65 عاما "لكن يبدو أن هذه الحرفة على طريق الاندثار". وتستقطب مدينة فاراناسي المعروفة أيضا باسم بيناريس والتي تعد من أقدم مدن العالم ملايين الزوار كل سنة، من الهندوس الذين يقصدونها للاستحمام في مياه نهر الغانج المقدسة والسياح الذين يقصدونها للتفرج على هذه المراسم الدينية. وهذه المدينة معروفة أيضا بنوعية المنتجات الحريرية التي ينسجها حائكون مسلمون بغالبيتهم في ازقتها ويستغرقهم صنع أثواب الساري والأوشحة ما بين 15 و 20 يوما. وقد يصل سعر أفخم المنتجات إلى عشرة آلاف دولار. وحتى العقد الماضي، كانت المدينة تضم حوالى 100 ألف نول يدوي، لكن هذا العدد قد تراجع باكثر من النصف النصف منذ تلك الفترة. ويقول أميتابه وهو من كبار مصدري القطع الحريرية في المدينة أن هذا العدد تراجع الان الى 40 ألف نول "فيما الستون الفا الاخرى +مريضة+". ويؤكد "يمكن العودة بالتاريخ إلى أيام بوذا الذي غطي جسده بحرير فاراناسي" لإبراز أهمية هذا القطاع. وهو يضيف أن صناعة النسيج هي "فن بحد ذاته وثقافة وإرث ... لكن هذا الفن بات يزول شيئا فشيئا". والمشكلة الأكبر التي يواجهها قطاع الصناعة اليدوية هو أن العاملين في المصانع يتقاضون أكثر من ضعف رواتب العاملين اليدويين. ويدرك فياز ابن سرادار البالغ من العمر 32 عاما حقيقة هذا المشكلة. وهو ينسج الحرير يدويا لكن لا يخفى عليه أن أولاده الثلاثة قد يرغبون في الانتقال إلى القطاع المؤتمت. وكشفت الحكومة المحلية في إقليم أوتار براديش أن الصناعة اليدوية للحرير في فاراناسي تدر على الاقتصاد المحلي حوالى 80 مليون دولار في السنة الواحدة، بما فيها 20 مليون من الصادرات وحدها. وعدد الانوال الكهربائية غير محدد، لكن معطيات رسمية تعود للعام 2009 كشفت أن عددها قد ارتفع في فاراناسي من ألفين إلى 30 ألف خلال العقد السابق. وتتفاقم المشكلة في ظل ازدياد واردات المنتجات المنخفضة الكلفة من الصين وانتشار المنتجات الصينية الصنع في الأسواق الخارجية على حساب تلك الهندية. ويقول راتانديب أجاروال وهو من كبار أصحاب العمل في هذا القطاع إن "الحرير الهندي بات تدريجيا حكرا على فئة معينة من الزبائن التي في وسعها تحمل كلفته. ويحل الحرير الصيني الصنع محله تدريجيا في الأسواق العامة". ويعتبر أصحاب متاجر الحرير أن اندثار الحرير اليدوي الصنع في فاراناسي سيكون كارثيا بالنسبة إليهم. وفي ظل ضيق الافق، يعلق الكثيرون من أهل القطاع آمالهم على ناريندرا مودي المرشح الأوفر حظا للفوز بالانتخابات التشريعية الجارية حاليا في الهند وخلافة حزب المؤتمر بزعامة عائلة غاندي. وأكد ناريندرا مودي أنه سيوفر الدعم للحائكين وهو كشف أنه من الممكن تحسين الوضع بواسطة تدابير بسيطة، من قبيل اعتماد علامات تجارية وتقنيات متقدمة وحملات تسويق.