المنامة ـ بنا
أكدت فعاليات اقتصادية محلية ان منجزات مجلس التعاون الاقتصادية منذ نشأته الاولى قبل 33 عاماً وحتى اليوم تكاد لا تعد ولا تحصى من كثرتها، الا ان طموحات شعوب الخليج بتحقيق المزيد تفوق ما تم تنفيذه خلال 3 عقود. وأوضح محللون اقتصاديون في تصريحات خاصة لوكالة انباء البحرين (بنا) بمناسبة ذكرى مرور 33 عاماً على تأسيس منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ان الآمال معلقة على الانتقال لصيغة اتحادية اكثر متانة لتعظيم المنافع الاقتصادية المشتركة بين دول الخليج الست، وتعظيم حجم التجارة البينية الخليجية. وفي تقييمه لمسيرة مجلس التعاون الاقتصادية وما تم وما يمكن إنجازه، قال عضو مجلس إدارة جمعية الاقتصاديين البحرينية الدكتور احمد اليوشع ان دول الخليج قطعت شوطاً طويلاً منذ بدأت مشروعها التكاملي في عام 1981، حيث توجد اليوم العديد من الاتفاقيات المهمة والأساسية لبناء مشروع تكاملي خليجي، كالاتفاقية الاقتصادية الموحدة واتفاقية الاتحاد الجمركي واتفاقية السوق الخليجية المشتركة. واوضح اليوشع انه بفضل السياسات التي تبنتها دول الخليج خلال العقود الماضية، فإن العديد من الإنجازات كان يصعب تحقيقها لو لم تكن هناك إرادة موحدة للمضي قدماً نحو بناء المشروع الخليجي. وبين اليوشع ان دول المجلس استطاعت ان تحقق إنجازا مهما على صعيد النمو الاقتصادي، حيث ارتفع إجمالي الناتج المحلي لدول المجلس وبالأسعار الجارية من 192.00 مليار دولار في عام 1980 إلى أكثر من 1.5 تريليون دولار مع نهاية عام 2013، أي أكثر من 7.8 ضعفاً عما كان عليه في عام 1980. ووفقا لتقرير للبنك الدولي، أدى النمو الاقتصادي المرتفع لدول المجلس بين عامي 2001 و2010 إلى ارتفاع حجم إجمالي الناتج المحلي الخليجي ليبلغ حجم الزيادة ما يعادل حجم الاقتصاد السويدي. وذكر اليوشع ان دول مجلس التعاون حققت فوائض في ميزان مدفوعاتها للعديد من السنوات، نجم عنها تكوين صناديق سيادية بلغ مجموع موجوداتها نحو 2.3 تريليون دولار، لتستحوذ على نسبة 35.4% من مجموع الصناديق السيادية في العالم، حيث يعبر حجم الفوائض المالية لدول الخليج وبشكل غير مباشر على تزايد أهمية دول المجلس في الاقتصاد العالمي. ولفت اليوشع الى تزايد نسبة التجارة البينية بين دول المجلس نتيجة لبدء تنفيذ اتفاقية الاتحاد الجمركي بين دول المجلس، حيث ارتفع المتوسط السنوي للتجارة البينية من 12.5 مليار دولار لفترة ما قبل الاتفاقية 1994 – 2002، إلى 58 مليار دولار لفترة ما بعد توقيع الاتفاقية 2004-2012، أي تضاعف حجم التجارة بما يعادل 4.6 مرة. واعتبر اليوشع إنشاء جسر الملك فهد بين البحرين والسعودية من ابرز المنجزات في مجال البنية التحتية، اضافة الى مشاريع الربط الكهربائي بين كافة دول المجلس ومشروع الدولفين لنقل الغاز من قطر إلى كل من الإمارات وعُمان. كما توجد خطة لبناء خطوط سكة حديدية تربط دول المجلس ببعضها البعض بطول 2117 كيلومتر. وحول ما يمكن ان يتم إنجازه مستقبلا، دعا اليوشع إلى ضرورة مضاعفة نسبة إجمالي التجارة البينية من إجمالي التجارة الخارجية لدول المجلس التي تصل حاليا الى 6.2% فقط، مقارنة مع 63% لدول الاتحاد الأوربي. وحث اليوشع على وجوب تنويع القاعدة الإنتاجية باتجاهين هما: التنويع الأفقي بتكوين قطاعات أو صناعات جديدة بعيدة عن النفط، والتنويع العامودي الذي يهدف إلى ربط الصناعات الخليجية ببعضها البعض. وطالب اليوشع بدور أكبر للقطاع الخاص لتعزيز التكامل الاقتصادي الخليجي، عبر تكوين مؤسسة خليجية استشارية تمثل القطاع الخاص يكون لها دور في العملية التكاملية وتساعد صانع القرار عبر التنسيق مع المجلس الوزاري وتقديم أفكار واقتراحات تعبر عن وجهة نظر القطاع الخاص في كيفية التعامل مع الشأن الاقتصادي والتجاري. وشدد اليوشع على اهمية إنشاء نظام إنذار مبكر خليجي يكوّن آلية مشتركة للتنبؤ ومن ثم الكشف عن الصدمات قبل وقوعها سواء كانت محلية أم خارجية، والتعرف على نوعية ومصدر الصدمة ومن ثم تحديد السياسات المطلوبة للحد أو التخفيف من آثار هذه الصدمة. ويرى اليوشع أنه قد آن الأوان للتفكير في توظيف أموال الصناديق السيادية الخليجية في الاستثمار في الخليج، ووضع تشريع يتسق والاتفاقيات التي وقعتها دول المجلس مع بقية دول العالم وتسمح بإعطاء الأولوية للاستثمارات البينية وتقديم دعم يشجعها على الاستثمار في الخليج، اضافة الى تكوين صندوق دعم خليجي تكمن مهامه في تعويض الدول المتضررة من السياسات التكاملية وتقديم الدعم المالي وتمويل الدعم الفني للمشاريع المشتركة. بدوره، قال المحلل في الشؤون الاقتصادية الدكتور يوسف المشعل، ان دول مجلس التعاون تحتفي حالياً بإنجازات تحققت وطموح لا يحدّه حد، حيث جاء مجلس التعاون بقناعة راسخة وبمنظور واع كرّسته حكمة القادة وحنكتهم التي كانت وسط عالم مضطرب وأوضاع سياسية واقتصادية متقلبة. واضاف المشعل بالقول: "هذا الصرح الشامخ ما جاء واستمر طوال الأعوام الـ ?? الماضية، إلاّ بعزيمة وتصميم قادة دول المجلس وإيمانهم بما يمثله هذا الكيان من دور حيوي في الحاضر والمستقبل". واوضح المشعل ان مجلس التعاون نجح طوال الثلاثة عقود المنصرمة في اجتياز المخاطر وتخطي الصعاب، وأثبت للجميع صلابته وتماسكه واستمراره مع استمرار الإنجاز، وإن كان بهدوء، فهناك العديد من الإنجازات الساطعة في مجال تحقيق المواطنة الخليجية، كالمساواة في الاستفادة من التعليم قبل الجامعي، والمساواة في الحصول على الخدمات الصحية والعلاج المجاني في المستشفيات والمراكز الحكومية، ومد مظلة الحماية التأمينية لمواطني دول المجلس العاملين في أية دولة عضو، والمساواة في تملك العقار والأسهم. ومن ابرز المنجزات الاقتصادية أيضا، وفقا للمشعل، إقامة الاتحاد الجمركي وإلغاء الضريبة الجمركية بين دول المجلس الست، فضلاً عن الشروع في مشروع السكة الحديد، والربط الكهربائي، والسوق المشتركة، فضلاً عن توحيد الكثير من الأنظمة والقوانين في مجال الأمن والتعليم والصحة والتأمينات والتقاعد والتجارة والزراعة والصناعة والاستثمار وتداول الأسهم وتملك العقار. وأكد المشعل ريادة البحرين في تسجيل خلال كل المراحل التكاملية الخليجية استجابة منقطعة النظير لتنفيذ القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى للمجلس، حيث تفيد التقارير بأن البحرين تتصدر دول المجلس من حيث الالتزام بتنفيذ جميع قرارات المجلس الأعلى لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس الست في مختلف القطاعات والمجالات. واعتبر المشعل أن قيام مجلس التعاون كان خطوة موفقة، خاصة وانه بعد مرور كل هذه السنوات، مازال الهاجس الأمني قائما وموجودا، ولايزال الوضع الذي يحيط بدول الخليج مضطربا كما كان في بداية الثمانينيات، ما يتطلب مرحلة اكثر نضجا من التعاون الى الاتحاد الخليجي. وبين المشعل ان الانجازات المتحققة خليجيا تبدو محدودة بالقياس الى الطموحات الكبيرة وعمر المجلس نفسه، وخطورة التحديات التي تواجهها الدول الخليجية هذه الأيام، لافتا الى انه بالرغم من فكرة مجلس التعاون النبيلة والسامية فإنه ولد في ظروف سياسية وإقليمية بالغة الصعوبة، وسط منطقة عربية شاسعة مهددة بعوامل التفتت والتشرذم، تترصدها القوى الخارجية، وتحاول اقتطاع أجزاء منها، ليكون مجلس التعاون استجابة طبيعية للتحديات التي كانت وما زالت تواجه أبناء منطقة الخليج.