دبي - وكالات
قال محللون ماليون إن أسواق الأسهم المحلية تجاهلت في الأسبوع الماضي، العوامل الإيجابية كافة، سواء الداخلية أو الخارجية، لتستقر الأسهم عند مستويات سعرية محددة وسط تداولات ضعيفة لا تعبر عن رغبة في التداول، بقدر الرغبة في البيع لسداد مراكز ائتمانية مكشوفة، مؤكدين أنه لا يوجد سبب منطقي لذلك التراجع، سوى دخول الأسواق عطلة عيد الميلاد (الكريسماس) مبكراً، مع سفر عدد كبير من المستثمرين ومديري المحافظ المالية للخارج، لقضاء إجازات العطلة، فضلاً عن سيطرة حالة من الترقب على المستثمرين، لتوصيات مجالس إدارات الشركات بشأن توزيعات الأرباح السنوية. وأضافوا أنه على الرغم من ظهور مؤشرات أكيدة ترجح صعود الأسهم في العام الجديد، فإن المحافظ المالية والصناديق السيادية، وحتى محافظ البنوك لاتزال عازفة عن الدخول لأسواق الأسهم المحلية حالياً. وأشاروا إلى أن هناك علامات استفهام عدة عن أسباب تحييد دور المصارف في أسواق الأسهم، وتوقف محافظها عن الاستثمار، ثم توقف المصارف ذاتها عن إقراض المستثمرين لشراء الأسهم، لافتين إلى أهمية أن تأخذ المصارف مبادرات فعالة وحلولاً مبتكرة لدعم أسواق الأسهم (حتى ولو بتحفظ في البداية)، ما يضمن لها تحقيق دخل جيد، ويحل مشكلات المستثمرين العالقين في الأسهم، وضعف التداولات من جهة أخرى. مؤشرات تحسّن اهتمام خليجي بالإمارات قالت رئيسة قسم البحوث والدراسات المالية في شركة الفجر للأوراق المالية، مها كنز، إن «أهم الملاحظات في الأسبوع الماضي تمثلت أيضاً في زيادة اهتمام المستثمر الخليجي بأسواق الإمارات، إذ أفادت إدارة الإحصاء بقطاع المعلومات في الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، ببلوغ عدد التراخيص الممنوحة لمواطني دول المجلس لممارسة مختلف الأنشطة الاقتصادية 34 ألفاً و428 رخصة حتى عام 2011». وأضافت أن «الإحصاءات أظهرت أيضاً أن الإمارات سجلت أعلى ارتفاع تراكمي، في إجمالي التراخيص الممنوحة لمواطني دول المجلس، لممارسة الأنشطة الاقتصادية لعام 2011، وتشكل حصتها 84٪، من إجمالي التراخيص الممنوحة، تليها الكويت بنسبة 9.8٪، والبحرين بنسبة 3.1٪، ثم السعودية وعُمان وقطر». وأشارت إلى أن «أمانة المجلس أكدت كذلك أن الإمارات الأكثر استقطاباً للمستثمرين في أسواق الأسهم من مواطني دول المجلس، إذ جذبت نحو 212 ألف مساهم مثلوا 46.5٪ من إجمالي عدد المساهمين بدول المجلس البالغ عددهم 456 ألفاً بنهاية عام 2011، تلتها قطر بـ197 ألفاً، وبنسبة 43.2٪». تفصيلاً، قالت رئيسة قسم البحوث والدراسات المالية في شركة الفجر للأوراق المالية، مها كنز، إن «الأسبوع الماضي شهد إعلان عدد من التقارير التي ترصد التغيرات الخاصة بالنشاط العقاري في الدولة، وتعطي مؤشرات عن القطاع العقاري في الإمارات بعيون الغرب»، مؤكدة أن «هذه التقارير أظهرت أن هناك شبه إجماع من خبراء دوليين على أن عقارات الإمارات نجحت عام 2012 في التحول من مجرد مكان للعيش، أو ملاذ آمن، إلى أن تتفوق في منافسة نظيراتها في الأسواق التقليدية العريقة التي تميزت في السابق بنمط الحياة، ومزايا التعليم، والرعاية الصحية». وأضافت أن «الصورة تبدلت حالياً لمصلحة عقارات الأسواق الصاعدة، بعدما أصبحت الأسواق العريقة تقع تحت طائلة الأزمات الاقتصادية، وخطط التقشف، واحتمالات الغرق في استحقاقات ديون سيادية، تحديداً في منطقة اليورو». وأوضحت أن «الأسواق الناشئة أصبحت تحقق عائداً كبيراً على الاستثمار العقاري بشقيه (البيع والإيجار)، مقارنة مع معظم دول العالم، إذ إنه عند مقارنة قيمة عائدات تأجير العقارات، والتي تراوح بين 6 و11٪ في العديد من مناطق دبي، فإننا نجدها توازي ثلاثة أو أربعة أضعاف عائدات الودائع في بعض المصارف»، مشيرة إلى أن «هذه النظرة للقطاع العقاري أدت إلى إقبال واسع من المستثمرين العالميين على عقارات الإمارات عموماً، ودبي على وجه التحديد». ارتباط عقاري وقال حسام عبد النبى أنه في ما يتعلق بأسباب اهتمام المتعاملين في أسواق الأسهم بتطورات ونمو القطاع العقاري، أفادت كنز بأن «أولها كبر أحجام وقيم التداولات لأسهم القطاع، إذ مثلت نحو 45٪ من إجمالي قيم التداولات للسوق، إضافة إلى ثقل الوزن النسبي لشركات القطاع العقاري في (مؤشر سوق الإمارات للأوراق المالية)»، موضحة أن «هذه العوامل تجعل ارتداد الأسواق المالية مرتبطاً بشكل مباشر بتحسن الدورة العقارية، لاسيما أنه طوال الفترة الماضية لم تدخل قطاعات أو ابتكارات مالية جديدة تضاف إلى الأوعية الاستثمارية المتاحة، كي تتحول إليها أنظار المستثمرين». وأكدت كنز أنه «مع تواتر عدد من المؤشرات الدالة على استقرار القطاع العقاري، مع الميل إلى التحسن في أداء الأسهم (خصوصا في دبي)، نكون أكثر تفاؤلاً بتحسن أسواق الأسهم خلال العام المقبل، لتعبر بالشكل الملائم عن مدى التحسن في الظروف الاقتصادية، وظروف القطاع وظروف الشركات نفسها». ونبهت إلى أن «ما حدث من تحسن في المؤشر القياسي لأسعار أسهم شركات القطاع العقاري خلال عام 2012، لا يوازي التحسن في الأداء المالي للقطاع خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2011»، مدللة على ذلك بأن «القطاع العقاري كان أفضل القطاعات الرئيسة أداء خلال الفترة، بتحقيقه نمواً في الأرباح الصافية للفترة بنسبة 451.8٪، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2011، فيما بلغ إجمالي أرباح القطاع 3.77 مليارات درهم مقابل أرباح بقيمة 682.7 مليون درهم في الفترة المقابلة من عام 2011». واستطردت أن «الشركات العقارية المدرجة في سوق أبوظبي المالي (الدار)، و(صروح) و(رأس الخيمة)، و(إشراق) نجحت في تحقيق أرباح إجمالية بقيمة 1.8 مليار درهم خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، مقابل أرباح بقيمة 810.3 ملايين درهم خلال الفترة ذاتها من عام 2011 وبنسبة نمو 121.7٪». وبينت أن «الشركات العقارية المدرجة في سوق دبي المالي (إعمار) و(أرابتك)، و(ديار)، و(الاتحاد العقارية)، و(دريك آند سكيل)، و(دبي للتطوير)، حققت أرباحاً بقيمة 1.97 مليار درهم للأشهر التسعة الأولى من 2012 مقابل خسائر بقيمة 127.6 مليون درهم في الفترة المقابلة من 2011». وأشارت إلى أن «شركات القطاع العقاري أجرت توزيعات نقدية لمساهميها عن عام 2011 بقيمة 1.17 مليار درهم، وهو ما يقارب ضعف توزيعاتها بالعام السابق والتي بلغت قيمتها 609.1 ملايين درهم، وكان ذلك من خلال ست شركات من إجمالي 10 شركات عقارية مدرجة»، لافتة إلى أنه «في مقابل ذلك كله، سجل مؤشر القطاع العقاري في سوق الأسهم نمواً بنحو 40٪ فقط، مقارنة بمستوياته في بداية العام الجاري». تفاؤل عالمي من جهته، أعرب رئيس الاستثمارات في مجموعة شركات الزرعوني، وضاح ماجد الطه، عن اندهاشه من عدم تفاعل الأسواق المحلية مع حالة التفاؤل التي سادت البورصات العالمية في أميركا وأوروبا واليابان». وقال إنه «عند دراسة معامل الارتباط بين أسواق الأسهم الإماراتية بالأسواق العالمية من جهة، والأسواق الخليجية الأخرى والبورصات العالمية من جهة أخرى، يتضح أن سلوك أسواق الأسهم المحلية كان مختلفاً، ولم تنعكس حالة التفاؤل على المؤشرات المحلية بأي شكل»، مستبعداً أن يكون تأثر القرار الخاص بتعديل رسوم الامتياز في شركتي الاتصالات العاملتين في الدولة هو سبب الثبات الحالي في الأسعار، لاسيما مع انتهاء التأثير في الأسبوع الماضي، وخصم الأثر من القيمة السوقية للسهمين». وانتقد الطه تراجع قيم التداول في سوقي دبي وأبوظبي الماليين، واقتصار التداولات على صفقات بيع، لسداد مراكز ائتمانية مكشوفة وليس رغبة في التداول. ونبه إلى أن قيم التداولات الحالية، لا تشجع على تحرك الأسهم، إذ تشهد الأسواق حركة ضيقة ومترددة في بداية جلسة التداول، ثم يبدأ الانكماش السريع في التحركات والتداولات»، مشيراً إلى أن «هذه التحركات السعرية لا تعبر بأي حال، عن المعطيات الإيجابية سواء الخارجية أو الداخلية التي تتمثل في بدء تعافي القطاع العقاري ونمو أرباح المصارف، فضلاً عن محدودية معدلات التضخم والتوقعات الإيجابية لأداء الاقتصاد في عام 2013». وتساءل الطه عن أسباب عزوف المحافظ المالية والصناديق السيادية، وحتى محافظ البنوك عن الدخول لأسواق الأسهم المحلية حالياً، وذلك على الرغم من التوقعات والتقارير العالمية التي تفيد بأن هناك نزوحاً جماعياً من الأدوات المالية ذات الدخل الثابت إلى الأسهم في عام 2013». وأكد أن «هناك علامات استفهام عدة عن أسباب تحييد دور المصارف في أسواق الأسهم وتوقف محافظها عن الاستثمار، ثم توقف المصارف ذاتها عن إقراض المستثمرين لشراء الأسهم»، لافتاً إلى أهمية أن «تأخذ المصارف مبادرات فعالة وحلول مبتكرة لدعم أسواق الأسهم (حتى ولو بتحفظ في البداية)، ما يضمن لها تحقيق دخل جيد ويحل مشكلات المستثمرين العالقين في الأسهم وضعف التداولات من جهة أخرى». إجازات «الكريسماس» بدوره، لم يجد الرئيس التنفيذي لشركة «غلف مينا» للاستثمار، هيثم عرابي، سبباً منطقياً لتراجع أسعار الأسهم المحلية والانخفاض الحاد في معدلات التداول، سوى احتمالية سفر عدد كبير من المستثمرين ومديري المحافظ المالية للخارج لقضاء إجازات عيد الميلاد (الكريسماس)»، موضحاً أن «استقرار معدلات التداول ربما يكون معتاداً في مثل هذه الفترة من العام التي تسبق حلول العام الجديد، ومع سيطرة حالة من الترقب على المستثمرين لتوصيات مجالس إدارات الشركات بشأن توزيعات الأرباح السنوية». وتوقـع عرابي أن «تعاود الأسهم ارتفاعاتها في العام الجديد في ظل التوقعات التي ترجح سخاء توزيعات الأرباح»، مؤكداً أن «استقرار أوضاع البورصات العالمية، الذي لم ينعكس حتى الآن على أسواق الأسهم المحلية، سيدعم هذا الصعود». واستبعد عرابي أن يستمر تأثر الأسهم المحلية سلباً بالقرارات الخاصة برسوم الامتياز في شركتي الاتصالات، لاسيما بعد أن تفاعلت الأسواق مع القرار فور صدوره بالشكل الكافي، مشيراً إلى أن «الأسواق حين تبدأ الصعود ستتجاهل أي مؤثرات سلبية في شركة أو قطاع ما، ولن يتأثر السوق بمثل هذه الأخبار».