الرئيسية » اقتصاد دولي
صندوق النقد الدولي

مسقط - عمان جو

يؤكد تقرير 'آفاق الاقتصاد العالمي'، الذي أصدره صندوق النقد الدولي خلال الأسبوع الحالي، بطريقته الخاصة أن أزمة العام 2008 الاقتصادية لم تكن مجرد تقلبات عنيفة، وإنما دليل انهيار رئيسي في أداء الاقتصاد الرأسمالي العالمي.

ومع أن ذلك يظهر في العديد من جوانب التقرير، فإن أياً منها لا يفعل ذلك بنفس الوضوح الذي فعلته محاولة اقتصاديي صندوق النقد الدولي أن يفسروا في خمس صفحات السبب في أن تقاريرهم على مدى السنوات الأربع الماضية بالغت في تقدير معدل النمو الاقتصادي العالمي.

عقب الانتعاش الأولى الذي عاشه العالم بعد مرور الآثار المباشرة للأزمة الاقتصادية العالمية، عاود النمو العالمي تراجعه على أساس سنوي في الفترة ما بين العام 2010 والعام 2013 من 5.4 % إلى 3.3 %.

وعلى الرغم من أن تقارير صندوق النقد المتتالية قللت من شأن التوقعات، إلا أن النمو الفعلي واصل في نسب أقل من توقعات الصندوق سنوياً منذ العام 2011.

وتسلم اقتصاديو صندوق النقد الدولي مهمة لا يحسدون عليها، تتمثل في تفسير كيف أخطأت منظماتهم في إدراك الواقع إلى هذا الحد، مبينين ذلك في قائمة من الأسباب.

وتنطوي الأسباب الموضحة على الاستخفاف بمساهمة الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، وبشكل خاص (البرازيل، وروسيا، والهند، والصين)، بالإضافة على عدم توقع ضرب الأزمة منطقة اليورو والفشل في الأخذ بالاعتبار تأثير الاقتصادات المتوترة في الشرق الأوسط.

مع ذلك، فإن قائمة الأخطاء هذه لا تفسر أي شيء.
يتجذر السبب الرئيسي لإخفاق توقعات صندوق النقد الدولي في المنهجية المستخدمة؛ حيث يستخدم الصندوق، في صياغة توقعاته، نماذج وأساليب توقع تستند إلى الخبرات السابقة التي تعاملت والأزمة الاقتصادية العالمية على أنها مجرد تقلبات، وإن كان تقلب واحد كبير بطبيعة الحال، في دورة الأعمال. مع ذلك، دلت الأزمة الاقتصادية العالمية على أكثر من ذلك بكثير: انهيار في عملية تراكم رأس المال بحد ذاتها.

لا يشير تحليل صندوق النقد الدولي إلى أحد أكثر المظاهر المثيرة للاهتمام.

فبعد ملاحظة المناطق الجغرافية التي حدثت فيها المبالغة، تحول تحليل الصندوق إلى سؤال أي عناصر الناتج المحلي الإجمالي هي الأهم: يعكس التنبؤ المبالغ فيه للنمو العالمي في الفترة ما بين العامين 2011 و2013 بشكل رئيسي توقعات مبالغ فيها على صعيد الاستثمار.

وعلى الرغم من أن الأمر توقف هنا، إلا أنه من السهل ملاحظة أن هذه النتائج لا تعرف العجز النهائي في النمو الاستثماري. وينبغي على كل تحليل، مع ذلك، أن يبدأ من هذه النقطة لأهمية دور الاستثمار في نمو الاقتصاد الرأسمالي.

لا يستند نمط الإنتاج الرأسمالي بواقع الحال على تراكم الثروة المادية على هذا النحو، أو إلى الإنتاج لغاية الاستجابة لاحتياجات المجتمع. في ضوء أن قوته الدافعة تنبع من تراكم فائض القيمة، والذي يظهر على هيئة أرباح. ولا تعتبر هذه الحادثة أمراً يقع مرة واحدة فقط، وإنما دائرة مستمرة. تصبح الأرباح التي يتم تحقيقها في نقطة معينة أساس الاستثمار في أخرى، مع استهداف المزيد من التراكم، يليها استثمار آخر وهلم جرا. ويعتبر النمو الاقتصادي نتيجة ثانوية لهذه الدائرة من التراكم.

تفيد الأزمة الاقتصادية العالمية -2008- بأن هذا التوسع الرأس المالي 'الطبيعي' قد انهار. وقد يتوج هذا الانهيار عملية تعود إلى أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، وترتكز في الولايات المتحدة؛ حيث لم يلحظ ركود بدايات الثمانينيات، على عكس أسلافه في الفترات السابقة، العودة إلى الطريق السابقة للتطوير، وإنما كان بداية تحول الاقتصاد الأميركي.

تم إبدال التوسع الصناعي، الذي شكل أساس الانتعاش في دورة الأعمال في الخمسينيات والستينيات التي تبعت الركود، بالتخلي عن التصنيع ما أدى إلى إغلاق أقسام كاملة من الصناعات الأميركية. وأصبحت الأرباح المتراكمة للصناعة التحويلية، التي كانت مركز ديناميكية الاقتصاد الأميركي في القرن الماضي، تُستبدل بشكل متزايد بتراكم الثروات عبر الوسائل المالية الطفيلية ترافقها تفاقم الأزمات في الولايات المتحدة والعالم.

أصبح الاقتصاد العالمي يعتمد أكثر من أي وقت مضى على سلسلة من طفرات الائتمان. جميعها قادت بطبيعة الحال إلى الانهيار، لتلحق بها طفرة أخرى تخلقها تدخلات البنوك المركزية في سعيها إلى دعم النظام المالي.

واليوم، تُبقي البنوك المركزية النظام المالي يقف على قدميه عبر توفير مليارات الدولارات على شكل نقود رخيصة جداً للبنوك ومؤسسات التمويل.

تظهر مظاهر انهيار الاقتصاد العالمي جلية في كل صفحات تقرير صندوق النقد الدولي الأخير. حيث تنص مقدمة الفصل الأول من التقرير على أن 'وتيرة الانتعاش العالمي مخيبة في السنوات الأخيرة'. كان نمو النصف الأول من العام الحالي أضعف مما كان متوقعا، مع تزايد 'مخاطر الانهيار'. وكنتيجة لذلك، 'فإن الانتعاش المتوقع قد يسقط مجدداً أو ربما يتحقق أو ينخفض عما هو متوقع'.

يشير التقرير إلى 'النمو البطيء' في أميركا اللاتينية، وخاصة في البرازيل التي كان من المتوقع لها، ليس على الماضي البعيد، أن تزود بأساس جديد لتوسع الاقتصاد العالمي.

لفترة من الزمن، شكلت 'الأسواق الناشئة' 80 % من النمو العالمي. ومع ذلك، كما أشار رئيس صندوق النقد الدولي -أوليفر بلانشارد- في مؤتمر صحفي، فقد انخفضت معدلات النمو لديها منذ العام 2011 حتى الآن بنسبة 1.5 %.

وعلى صعيد الاقتصادات المتقدمة، أوضح التقرير أن التضخم ما يزال منخفضاً، في إشارة إلى أن هذه الاقتصادات تملك 'ثغرات كبيرة في المخرجات' وأن 'الانكماش يستمر في أن يكون مصدراً للقلق'.

في منطقة اليورو، كان هناك مخاطر تتعلق 'بانكماش مباشر' أو فترة طويلة من التضخم المنخفض جداً. وعلى المدى المتوسط، يتمثل الخطر بالنسبة للاقتصادات المتقدمة في 'انخفاض الناتج المحلي المحتمل' و'الكساد العلماني'.

وعلى الصعيد المالي، 'هناك قلق يلف الأسواق حول تدني الأسعار' كما ولم يتم الأخذ بالاعتبار توقعات الاقتصاد الكلي والآثار المترتبة على سحب البنوك المركزية الحوافز النقدية.

الخبر الجيد، في التقرير كاملاً، هو 'التوقعات القوية' الخاصة بالدول منخفضة المدخول، وخاصة أفريقيا حيث يُتوقع للنمو أن يصل 6 % في العامين الحالي والقادم.

استمرار انهيار الاقتصاد الرأسمالي العالمي، الذي تضمنه تقرير صندوق النقد الدولي ولا يفسره، عواقبه السياسية والاجتماعية الوخيمة. فهو القوة الدافعة لتفاقم الهجمات على الطبقة العاملة في كل دولة، وتصاعد النزعة العسكرية.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

إرتفاع الدولار الأميركي في تعاملات اليوم ليلامس أعلى مستوياته…
الذهب يهبط دون 2600 دولار للأونصة لأول مرة منذ…
عملة البيتكوين تقترب من 90 ألف دولار بعد انتخاب…
صناعة العملات الرقمية بالولايات المتحدة قد تدخل "عصرها الذهبى"…
الصين ترفع سقف ديون الحكومات المحلية بمقدار 6 تريليونات…

اخر الاخبار

مواجهات بين الشرطة الإسرائيلية والحريديم في تل أبيب
إنعقاد المؤتمر الدولي بالداخلة حول "المبادرة المغربية للحكم الذاتي
وزير الداخلية المغربي يدعو إلى التصدي للنقل "غير القانوني"…
رئيس الحكومة المغربي والشيخة المياسة يفتتحان منتدى الأعمال القطري…

فن وموسيقى

حاتم عمور يُؤكد أن ألبومه الجديد "غي فنان" عبارة…
مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يُكرّم "الفتى الوسيم" أحمد عز…
هيفاء وهبي تعود إلى دراما رمضان بعد غياب 6 سنوات وتنتظر…
المغربية بسمة بوسيل تُشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة التي تستعد…

أخبار النجوم

شيرين عبد الوهاب تشعل حماس جمهورها في الكويت استعدادًا…
مروان خوري يحيي حفلا غنائيا في الكويت 12 ديسمبر
عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

رياضة

محمد صلاح يتصدر ترتيب أفضل خمسة لاعبين أفارقة في…
كريستيانو رونالدو يعتلي صدارة هدافي دوري الأمم الأوروبية
محمد صلاح على رأس قائمة جوائز جلوب سوكر 2024
الهلال⁩ السعودي يتجاوز مانشستر يونايتد في تصنيف أندية العالم

صحة وتغذية

وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات…
نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية
الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء…
هل تختلف ساعات نوم الأطفال عند تغيير التوقيت بين…

الأخبار الأكثر قراءة

استقرار أسعار الذهب وسط ترقب لقرارات الفيدرالي الأميركي
انكماش نشاط الأعمال في منطقة اليورو يهدد الانتعاش الاقتصادي
الدولار الأميركي يُحافظ على قوته مع تباين التوقعات بشأن…
الدولار قرب أعلى مستوى في 7 أسابيع
الذهب يرتفع وسط تصاعد الصراع في الشرق الأوسط‭ ‬