الكويت-المغرب اليوم
كان النمو غير النفطي في الاقتصاد الكويتي أقوى من المتوقع في النصف الأول من عام 2018. وتعززت الميزانية المالية نتيجة ارتفاع إنتاج النفط، وبلوغ الأسعار أعلى مستوياتها منذ أربع سنوات؛ إلا أنه من جهة أخرى، تباطأ نمو الإنفاق الاستهلاكي وتراجعت المبيعات العقارية؛ وإن كان ذلك بسبب العوامل الموسمية؛ حيث يعد كلاهما من الركائز التقليدية للاقتصاد غير النفطي.
وفي إطار سعي بنك الكويت المركزي لتعزيز النمو الاقتصادي، أبقى على أسعار الإقراض الرئيسية دون تغير، رغم رفع أسعار الفائدة مؤخراً من قبل «الاحتياطي الفيدرالي» (البنك المركزي الأميركي). كما ساعدت ترقية البورصة الكويتية ضمن مؤشر «فوتسي» إلى نمو كبير في أنشطة التداول، وارتفاع العمليات الشرائية من قبل الأجانب إلى مستويات قياسية، إلا أن ذلك لم يؤثر كثيرا على أسعار الأسهم نتيجة لازدياد عمليات جني الأرباح.
وأكد تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني وفقاً للبيانات الرسمية المبدئية، ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 0.7 في المائة على أساس سنوي، في النصف الأول من عام 2018، بعد التحسن الذي سجله في الربع الأول من العام على خلفية انتعاش الأنشطة غير النفطية، معوضا بذلك تراجع الإنتاج النفطي. كما ارتفع الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنسبة 4.9 في المائة على أساس سنوي في النصف الأول من العام، مدعوماً بالأداء الجيد لقطاعات الاتصالات والتصنيع والمَرافق العامة.
في الوقت ذاته، أدى تراجع أنشطة التكرير (إحدى القطاعات النفطية) إلى انخفاض الإنتاج النفطي بنسبة 2.2 في المائة في النصف الأول من العام الحالي، في حين استقر إنتاج النفط الخام والغاز دون تغير في إطار الالتزام بالحدود المتفق عليها ضمن اتفاقية منظمة «أوبك» لخفض الإنتاج. وقد تم تخفيف مستوى الالتزام ضمن محاولة تعويض تراجع الإنتاج من قبل إيران وفنزويلا.
وعلى الرغم من أن البيانات غير النفطية في النصف الأول من عام 2018 كانت أقوى من التوقعات، فإن تلك الأرقام قد تتسم بالتذبذب؛ حيث يتوقع ارتفاع معدلات النمو بنسبة 2.8 في المائة للنشاط غير النفطي و2.5 في المائة في إنتاج النفط في عام 2018 بشكل عام، بما يؤدي إلى زيادة إجمالي الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.6 في المائة. وقال التقرير: «بعد أن سجلت أسعار النفط ارتفاعاً كبيراً في أغسطس (آب) الماضي، واصلت اتجاهها التصاعدي في سبتمبر (أيلول)، ليرتفع سعر خام النفط الكويتي بنسبة 6 في المائة، بالغاً 80 دولارا للبرميل، ثم واصل ارتفاعه إلى 83 دولارا للبرميل في أوائل أكتوبر (تشرين الأول) الجاري؛ حيث إن هناك مخاوف مستمرة بخصوص توقعات زيادة الإنتاج قبيل تطبيق العقوبات الأميركية على إيران في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل».
وقد أدت الكويت دورها في زيادة إمدادات «أوبك» عن طريق رفع إنتاجها من النفط الخام إلى 2.80 مليون برميل يومياً في شهر أغسطس، بزيادة طفيفة مقارنة بشهر يوليو (تموز)، إلا أنها تعد زيادة كبيرة بنحو 100 ألف برميل يومياً (3.7 في المائة) منذ مايو (أيار). ولا تزال التوقعات تشير إلى أن الإنتاج قد يصل إلى 2.85 مليون برميل يومياً خلال الأشهر القادمة. أما بالنسبة للعام بأكمله، فقد يترتب على ذلك نمو بنحو 2.5 في المائة تقريباً.
وبالنسبة للعام المقبل، توقع التقرير أن تستقر معدلات الإنتاج إلى حد ما عند المستويات نفسها، إلا أن الطاقة الإنتاجية للكويت قد تشهد ارتفاعاً، إذا تمت إعادة تشغيل المنطقة المحايدة المشتركة مع السعودية كما تردد مؤخراً؛ حيث تصل حصة الكويت إلى 250 ألف برميل يومياً في حال تم استعادة مستوى الإنتاج بالكامل.
على صعيد آخر، استقر مؤشر بنك الكويت الوطني للإنفاق الاستهلاكي في سبتمبر الماضي، إلا أن معدل النمو قد تراجع للشهر الثالث على التوالي إلى 2.4 في المائة على أساس سنوي. حيث أثر ضعف الإنفاق على السلع غير المعمرة على مستوى النفقات بصفة عامة، في حين أن الإنفاق على السيارات والخدمات تلقى دفعة جيدة.
كما قد يؤثر النمو الضعيف للأجور، وضعف مستوى الاقتراض والقروض الشخصية وتراجع عدد عائلات الوافدين على نمو الإنفاق. وعلى الرغم من ذلك، فمع ارتفاع مستوى الثقة إلى أعلى مستوياته منذ أربع سنوات، وتحسن نمو الوظائف وارتفاع أسعار النفط بما يساهم في دعم وتعزيز الآفاق المستقبلية، يتوقع التقرير أن يتعافى الإنفاق الاستهلاكي، وأن يظل داعماً للمناخ الاقتصادي الكلي على مدى الأشهر القادمة.
التضخم
وارتفع مستوى التضخم هامشياً من 0.8 في المائة في يوليو، إلى 0.9 في أغسطس، مدفوعاً بشكل رئيسي بتخفيف وتيرة الانكماش في قطاع الملابس والأحذية، وارتفاع معتدل في أسعار المواد الغذائية. ويشكل هذان العنصران معا 25 في المائة من سلة السلع المكونة لمؤشر أسعار المستهلك. حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.4 في المائة على أساس سنوي، بعد أن كانت سلبية في وقت سابق من العام، في حين تباطأت وتيرة انخفاض أسعار الملابس بسبب تراجع مبيعات موسم الصيف والعروض الترويجية. واستقر التضخم في إيجارات المساكن عند «سالب 0.9» في المائة على أساس سنوي، كما لم يتغير مستوى التضخم باستثناء المواد الغذائية والسكن عند 1.9 في المائة على أساس سنوي.
هذا ويبدو أن معدل التضخم الإجمالي يتحرك في اتجاه يتماشى مع توقعات بالغة 0.8 في المائة في المتوسط لعام 2018، إلا أنه على الرغم من ذلك، هناك بعض المخاطر السلبية البسيطة، بما في ذلك تراجع أرقام قطاع الإسكان؛ حيث لا يزال عدد الشقق الشاغرة مرتفعاً نسبياً مع استمرار انخفاض الإيجارات.
الحساب الخارجي الجاري
سجل الحساب الجاري الكويتي في النصف الأول من عام 2018 فائضاً قدره 4.7 مليار دينار كويتي (نحو 15.5 مليار دولار)، وهو ما يعادل نحو 23 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، فيما يعد أفضل أداء له خلال أربع سنوات، وذلك بفضل ارتفاع أسعار الطاقة؛ حيث ارتفع متوسط سعر النفط الخام الكويتي بنسبة 36 في المائة على أساس سنوي في النصف الأول من عام 2018، مما عزز قيمة كل من صادرات النفط الخام والبتروكيماويات.
وارتفعت السلع المستوردة بنسبة 8 في المائة على أساس سنوي خلال الفترة نفسها، بدعم من زيادة الطلب المحلي وارتفاع مستويات ثقة المستهلك. وبالنسبة لقطاع الخدمات، فقد كانت النفقات المرتبطة بالسفر إلى الخارج من أبرز النفقات كالعادة؛ حيث سجلت أقوى ارتفاعاتها في ستة أشهر.