الرئيسية » مراجعة كتب

بنى غازى ـ وكالات

إذا كان الروائي الليبي عبد الفتاح البشتي اختار في روايته "مرسى ديلة" البطل "بن عيسى" ليعيش التوق إلى الحلم والحرية من خلاله، فقد استعاد في سيرته الذاتية الصادرة مؤخرا عن وزارة الثقافة الأدوات التي كان يقاوم بها عتمة الزنزانة الانفرادية بـ "الحصان الأسود".وأبرز هذه الأدوات التي كتبها البشتي، الذي اعتقله نظام القذافي بداية السبعينيات من القرن الماضي على خلفية أفكاره السياسية، كتابة الشعر والقصة والمقالة التاريخية والغناء والفلسفة.ويرجع في سيرته إلى حياة السجن على مدى 15 عاما، ويومياته -مع رفاق الكتابة والشعر من جيله السبعيني- إلى تفاصيل الثقافة والسياسة واختلاف الأفكار مع مختلف الجماعات السياسية والثقافية الإسلامية والليبرالية واليسارية.وتقدم زوجته فوزية خبيزة الكتاب "المحنة الملحمة " بقولها إنها لم تتوقع أن الأقدار ستربطها بالرجل الذي عاش وراء أسوار سجن استوقفها كثيرا عندما كانت في طريقها إلى المدرسة الإعدادية بطرابلس. وتذكر "منذ تعرفت على عبد الفتاح كان السجن ثالثنا، حتى وهو يسمعني قصيدة من تلك القصائد التي نجح في تهريبها، كانت الأبيات تصطدم بمرارة في الحلق تطغى على حلاوة القصيد". وتقول إنها كنت تستفزه "بالحديث عن هذا العنفوان الفذ وتحدي المستحيل، فصار حديثه عن زيزو توأم الروح كما يسميه، في إشارة إلى صديقه الكاتب المعروف عبد العزيز الغرابلي الذي توفى داخل المعتقل في 28 يناير/كانون الثاني 1984 بعد 11 عاما على اعتقاله". وتضيف أن الشعر والغناء "العابق بالأمل والاحتفالات والمهرجانات التي كانت تقام رغم القضبان الصدئة وعفونة الزنازين الرطبة ضمن أدوات مقاومة زوجها". السجن والسجان وفي إحدى قصائده التي جاءت بالملحمة، يرسم السجن والسجان قائلا: لم أمض بعيداً في شهوة الماء  عندما هتف بي هاتف ارتعدت له فرائصي  ها هم يدخلون أوراقي  يختبئون بين كلماتي  ويتجسسون عليّ  أسرعت بإحراق كل الأوراق ولكن من الهباء، ارتسمت صورهم  زنزانتي في بورتابينيتو  وجوه المخبرين الكالحة  وقبعة الانضباط العسكري الدموية  لم أشته شيئاً في حياتي  كما اشتهيت أن أكتب قصيدة خالية من الدم  ورعب أن أسجن ثانية.  بعد خروجه من السجن يوم 3 من مارس/ آذار 1988 عاد البشتي إلى ممارسه عمله الثقافي والأدبي بالمشاركة في النشاطات العامة بمسقط رأسه مدينة الزاوية غربا، ودخل في مواجهات مع النظام السابق، حتى أنه نجا من الموت المحقق عند اندلاع الثورة الأخيرة عند اقتحام بيته من كتائب القذافي حينما كانت تحاصر مدينة الزاوية. التعذيب ومازال البشتي يتذكر الأيام الأولى في سجنه عام 1970 حين قال إنه بعد "كل وجبة تعذيب وضرب بالسياط والشتائم العدائية والشراسة في العيون والأبدان ندخل في رقصة إيقاعية جماعية بمجرد خروج الجلاد وقد صارت هذه الرقصة طقساً نمارسه بعد كل فلقة". ويصف لحظة دخول الشاعر عبد الرحمن الشرع عليهم بعد خمسة أيام من اعتقالهم في أبريل/نيسان 1970، بقوله "إنها لحظات فرح بقدوم شاعر، لكنها مشاعر اختلطت بالحزن لسجنه هو الآخر". لكنه يضيف "إذا كان السجن في حد ذاته ابتكاراً إنسانياً جهنمياً، فإن السجن الانفرادي كان أشد هولاً ورعباً بما لا يقاس، كان الهدف هو كسر شوكة السجين، وتحطيم إرادته، وقهره، وتدمير معنوياته بشكل كامل". ورغم فرحه بقدوم مجموعة "بنغازي اليسارية" عام 1974 إلى السجن، لكنه يعتبر التجربة الأكثر أهمية مع زعماء الإخوان المسلمين المعتقلين بسبب آرائه المتحررة وانتقاداته للأطروحات اليسارية الكلاسيكية. ويقول "إن الإخوان كانوا يشجعونه على قراءة "إحياء علوم الدين" و"تهافت الفلاسفة" للغزالي، و"الملل والنحل" للشهرستاني، وسيرة ابن هشام. ويعتبر التغيير المفاجئ في الحكم عليه بالمؤبد في مارس/ آذار 1977 انعطافة في حياته، وبداية رحلة مقاومة السجن وعذابات الزنازين. ولا يتوقف عند محطاته الشخصية، بل يجوب أوضاعا إنسانية وثقافية وسياسية أحاطت بليبيا طوال فترة سجنه إلى المحيط العربي والدولي، وانعكاس ذلك على أوضاعهم في السجن. قسمات الرمل ويقول في مقابلة مع الجزيرة نت إن هدفه من نشر سيرته التوضيح للأجيال الحالية الصغيرة ما جرى للمثقفين الليبيين والنخب المعارضة للقذافي، قائلا إنه عليهم معرفة جيل لم يكن يصمت على طغيان القذافي، مؤكدا أهمية دعم الأجيال الشابة للنهوض بمهمة مناهضة الطغيان والدكتاتورية. ويقول إن إصدار مجلة "إبريل" وراء أسوار السجن مع صديقه عبد العزيز الغرابلي كانت أداة ثقافية مهمة في تطوير أسئلة المبدع والسجن، مؤكدا أنه بعد تدارس السيرة من جميع جوانبها اضطر إلى حذف كتاباته عن رفاقه للابتعاد عن التورط في المسائل الجدلية، تاركا مهمة توثيق سيرة المجموعات الثقافية لمؤسسات أخرى. وما يتذكره البشتي الآن أغاني فيروز والشيخ إمام، والأشرطة المُهربة والرسائل والقصائد المدونة في دواوينه "المتراس" و"قسمات الرمل والورود" التي صدرت في دهاليز السجن الأسود.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

إصدار جديد يقارب حصيلة الدراسات الأمازيغية في المغرب
مؤلف يرصد البرلمان المغربي في ظل ثلاثة ملوك
رواية "وجوه يانوس" تقود أول امرأة إلى رئاسة الحكومة…
ديوان شعري أمازيغي يدعم مرضى السرطان الفقراء
أول عدد من "مجلة تكامل للدراسات" يرى النور

اخر الاخبار

حزب التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة المغربية بالكشف عن مَبالغُ…
إشادة فلسطينية بالدعم المغربي المستمر لصمود الشعب الفلسطيني وثباته
الملك محمد السادس يُؤكد على عمق العلاقات الأخوية بين…
وزير الداخلية المغربي يؤكد الاهتمام الذي يوليه الملك محمد…

فن وموسيقى

سلاف فواخرجي تفوز بجائزة أفضل ممثلة بمهرجان أيام قرطاج…
كاظم الساهر يسّتعد للعودة للغناء في المغرب بعد غيابه…
المغربي حاتم عمور يستنكر عدم حصوله عن أي جائزة…
منى زكي تؤكد أنها تتأنى دائما في اختياراتها لأعمالها…

أخبار النجوم

الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني
تامر حسني يشوق جمهوره لدويتو مع رامي صبري
أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
أحمد السقا يكشف عن مفاجأة حول ترشحه لبطولة فيلم…

رياضة

المغربي أشرف حكيمي ضمن أفضل 100 لاعب لسنة 2024
نجم منتخب البرازيل وريال مدريد فينيسيوس جونيور يفوز بجائزة…
ليفربول يتواصل مع نجم برشلونة رافينيا لاستبداله بصلاح
يوسف النصيري يواصل تألقه رفقة فريقه فنربخشة في الدوري…

صحة وتغذية

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
وزارة الصحة المغربية تكشف نتائج التحقيق في وفيات بالمركز…
اختبار عقاراً جديداً يُعيد نمو الأسنان المفقودة
المغرب يُنتج أول اختبار لفيروس جدري القردة في أفريقيا

الأخبار الأكثر قراءة