دمشق - وكالات
صدرت حديثا عن دار نشر النايا بسوريا رواية تحت عنوان «أهل الوقت» للكاتب الحبيب الدائم ربي. وللتذكير فقط، وجبت الإشارة إلي أن هذه الرواية الحديثة في صدورها، قديمة في تأليفها.إذ إن مخطوطتها فازت بجائزة إحسان عبد القدوس للرواية العربية لسنة 1996. لا يندرج حديثي عن هذه الرواية في إطار مقاربة علمية لـ 3 أسباب رئيسية:أولا، لست مؤهلا للقيام بهذا النوع من الدراسة لأن تكويني غير الأدبي لا يسمح لي بالتطفل عن ميدان له مختصوه في البحث والنقد. ثانيًا، خوفا من السقوط في أحكام القيمة، فالأديب الحبيب الدائم ربي كان أستاذي في النصف الـ 2 من سنوات الثمانينيات. وللأعتراف، فلولا إلحاحه المستمر في التشجيع لي لخوض غمار الكتابة والوقوف بجانبي من أجل النشر، لما رأى عملي الأول الصادر حديثًا في مجال الأدب «شغب الذاكرة» النور. ثالثًا، الحكاية سارت في اتجاه يأخذ منطلقه من «البنورية» ، وأنا شاطرت كاتب الرواية فضاءها وما زلت. ورغم جور أهل الوقت وبطشهم، فإن الحنين إلى البنورية فاتك وباطش بكل من تطأ أقدامه أديمها. وقد كتب المؤلف في الصفحة 5 ما يلي: «وخارج الحضن الدافئ، في الأصقاع البعيدة الموحشة لا يشعر الواحد من محبيها، وهو يلاقي ابن بلدته، إلا وقد انفلت منه سِؤال»: ما أخبار البنورية؟» أو «متى تزور البنورية؟». وهكذا، كل ما سيأتي من كلام أصنفه في خانة المقاربة الإستيطيقية للعمل من طرفي أنا كقارئ وقارئ فقط. وللتأكيد، فالملاحظات التي سأدرجها في هذا الباب ليست بالشاملة لما أحسست به وأنا أنهي القراءة الأولى لهذا العمل. على مستوى الإبداع الفني، إن الأسلوب الذي نهجه الكاتب شدني بقوة لقوة الكلمة المستعملة داخل الجمل البديعة التي شكلت النص. وهذا منحني كقارئ نشوة لا توصف، حتى أني أجد متعة في إعادة قراءة كثير من الجمل إن لم أقل جلها باستمرار. على مستوى الموضوع، فالعمل يتنبأ أو يدعو إلى الربيع العربي سبع عشرة سنة قبل حدوثه بربوع العالم العربي. نقرأ في الصفحة 62 من الرواية، على لسان السارد، ما يلي: «فظائع أيها الأعزاء، تقع باسم الله، وباسم الوطن، باسم الدين وباسم التاريخ. فكروا أيها الأعزاء في إيقاف هذا الخراب. ويقرأ بصوت مشروخ: إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر قد تعرض، مقابل نبوءته (أي السارد)، حسب الحكاية، لكثير من المحن من طرف «أهل الوقت»، الذين عملوا على نسج كثير من الافتراءات المغرضة ضده. وبهذا تم الشروع في إعداد تقرير مفبرك للضرب بيد من حديد عليه. إلا أن «جلبة» فقط، بل «انتفاضة» من طرف التلاميذ تنقذ البطل (الراوي) تؤدي إلى تمزيق التقرير. لن أعرض هنا لما يقصده الكاتب بـ«أهل الوقت»، فكل ما فهمته من الحكاية أننا كلنا «أهل الوقت»، بما فينا الراوي نفسه. نقرأ في الصفحة 113 ما يلي: «(أهل الوقت) صفة تنطبق على الذئب والحمل، وحدها الرؤية هي التي تصيّر الحمل حملا والذئب ذئبا..في وقت عمى الألوان يستحيل التأكد من الذئب ومن الحمل. «أهل الوقت» مصطلح حربي صرف، وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم.» هي دعوة إلى قراءة هذا العمل ليس من أجل الدعاية له. يقينا فهو ليس بحاجة إلى مجهود إشهاري من طرفي في هذا الأتجاه. فكما أشرت في البداية فهذا العمل نال باستحقاق جائزة إحسان عبد القدوس في وقت كان يترأس لجنة التحكيم جائزة الكاتب المصري نجيب محفوظ، الفائز بجائزة نوبل للآداب. ولكن دعوتي وبكل وطنية من أجل أن نحسن مستوى القراءة بالمغرب على سلم ترتيب الدول حسب الوقت الذي يخصصه كل الفرد لفعل القراءة. للتذكير، فالوقت الذي يخصصه كل واحد منا للقراءة لا يتجاوز دقائق معدودات. ولن يندم من سيقوم بقراءة هذا العمل، فهو يستحق القراءة فعلا وبصدق.