الرئيسية » قصص وروايات
رواية المتحضر

القاهرة - المغرب اليوم

تعدّ الرواية عند عمر حسين سراج ليست حكاية يُعرفها صاحبها، الرواية في "المتحضّر" تكاد أن تكون (رواية الأفكار) موضوعها هو الكتابة نفسها، وهنا تقع الأهمية الخاصة لرواية عمر حسين سراج في النتاج الروائي العربي الجديد. فحين تكشف الرواية أن موضوعها الأساسي (الكتابة)؛ تكشف أيضاً الآلية التي تستطيع عبرها الكتابة أن تَعْبُرَ في زمنها وأن تُعبّرِ عنه، أي أن تكون جزءًا من البحث، وتعبيرًا عن محاولاته داخل النظام ككل، بهدف تحقيق نوع من التكامل بين الوجوه المتعددة للحياة وللشخوص والمصائر، والتعبير عنها في إطار سردي متقن يمنح أكثر من مقترح لمقاربتها وقراءتها.

وتبدأ الرواية بعودة "فاضل" بعد تخرجه من جامعة القاهرة إلى مدرسته الثانوية يشده الحنين إليها وإلى أستاذ مادة التاريخ "أمل" والده الروحي ومرشده وموجهه منذ بداية شبابه متذكرًا رحلته معه ورفاقه يوم وقف أمام تلاميذ فصله، ليقول لهم إنه قد جاء ليعلمهم كيف يكونوا متحضرين، إذا ما أرادوا ذلك، وكيف أوضح لهم الفرق بين "الحضارة" و"التحضر". وتذكر فاضل كيف تناول متحضر بالشرح المبسط أعقد الأفكار الشائكة، ومنها أصل الحياة، وارتباط مفهومها مع الدين والفلسفة وكافة المعتقدات الأخرى، وبالتالي تعرّضها المتوقع للتصادم مع مفاهيم أخلاقية، وقيمية عامة في المجتمع.

وهكذا يتلازم الماضي مع الحاضر في حياة بطل الرواية، فينتقل السرد عبر راوٍ عليم من "الوقائع" وهي عودة التلميذ إلى حياة أستاذه إلى "الذكريات" الأولى التي جمعته به؛ وهو في هذه الأخيرة يتّخذ مجرى متعاقباً حتى النهاية التي تعود إلى البداية النصية في مسار دائري تحضر فيه كل الأحداث التي شكلت علاقة التلميذ بأستاذه والتي تتعدى إطار العلاقة الشكلية إلى العلاقة الأبوية، وخاصة إذا ما علمنا أن الأستاذ متحضر لم يرزق بالخلف، ولكنه منذ أن قابل فاضلاً لأول مرة أحسّ بعاطفة الأبوة تجاهه؛ فمتحضر كان شاهداً على حبه الأول مع زوجته زينب، يذكر أنّه روى له يومها "أسطورة نهر النيل"، ليبين له في النهاية أن زينب مصرية، والفتاة المصرية مثل نهر النيل، نقية ومتدفقة، وقبيل بداية فاضل لحياته العملية يتذكر كيف شرح له متحضر علم الإدارة وفن قيادة الآخرين ولقنه أهم دروس حياته وهي "أن يعمل ما يحب لا أن يحاول، دون جدوى، حب ما يعمل".

 وقبل اندلاع الحرب الأهلية في لبنان، أوضح متحضر لفاضل فلسفة "الحرب" و"السلام" وبمناسبة وجود فاضل في بيروت يومها، حدثه متحضر عن أندر علاقة بين رجل وامرأة، وقصد بها علاقة جبران خليل جبران والأميركية ماري هاسكل التي ساعدته في فنه ورسومه، ولم تبخل عليه في ميدان الكتابة، فكتبه وأعماله الإنجليزية العديدة، لم تكن لتصل لأيدي الناشرين أو محرري المجلات، قبل أن تمرّ على يديها هي، وأنه في الواقع لم يغفل قط الاعتراف بجميلها عليه. وفي جلسة على رمال كورنيش مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، تحدث متحضر لفاضل عن عصور ما قبل التاريخ؛ البرونزي والحديدي دون أن يغفل أهم حضارة عرفها الإنسان وهي حضارة الأولدواي. وفي زيارة لصديقه المقرب أحمد باشا رفعت شرح تجربة الإصلاح الزراعي والقوانين الاشتراكية في عدد من الدول النامية والمتقدمة. ثم في مناسبة أخرى تطرّق للثورة الفرنسية والمصير المحزن الذي آلت إليه ماري أنطوانيت وزوجها لويس السادس عشر.

وإلى جانب تاريخ الحضارة تناول موضوع الصحة والنظافة العامة، وأوضح معنى القحط، وتأثيره على منظومة البيئة والزراعة في المنطقة المتضررة. ثم انتقل ليثير قضايا سجالية مثل فكرة الخلود وسعي الإنسان نحوه بينما كل شيء إلى زوال سواء على مستوى الأفراد أم على مستوى الدول والممالك.

ولم يغفل متحضر النصف الآخر في الحياة المرأة وعلاقتها بالرجل عندما سأله فاضل لماذا لا تستطيع المرأة البوح بحقيقة عواطفها بشكل مباشر ودون مواربة، وهل يحق للأنثى التعبير عن حبها؟ وهل الرجل الشرقي سيستقبل مبادرتها في التعبير عن حبها له؟ كما أوضح كيف نشأت علاقة الزواج تاريخياً، ومدى علاقتها بالبيولوجيا، وبالإخصاب! وتوغل في أسرار الحياة الزوجية والتغيرات البيولوجية والعجز الجنسي، ولماذا يتحول الرجل ليتقاسم الحياة مع امرأة أخرى غير زوجته في بعض الحالات كما تطرق لفهم الاختلافات بين النساء والرجال... وأمور أخرى تجعل من الإنسان يستحق لقب "متحضر".

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

رواية "نهر النار" عن مشروع كلمة تسرد تاريخ الهند…
"نصف شمس صفراء" رواية أفريقية عن أحزان نيجيريا في…
إتاحة كافة إصدارات الوزارة عبر الموقع الرسمى لهيئة الكتاب
صدور "زوجات من اليابان" رواية ترصد معاناة المهاجرين فى…
"زوجات من اليابان" رواية ترصد قصة المهاجرين في أميركا

اخر الاخبار

وزير الداخلية المغربي يؤكد الاهتمام الذي يوليه الملك محمد…
وفد برلماني شيلي يشيد بدينامية المشاريع التنموية بمدينة الداخلة
وزير الخارجية الأميركي يُشيد بالشراكة مع المغرب في مجال…
لفتيت يُبرز مجهودات وزارة الداخلية لمحاربة البطالة ودعم المقاولات…

فن وموسيقى

سلاف فواخرجي تفوز بجائزة أفضل ممثلة بمهرجان أيام قرطاج…
كاظم الساهر يسّتعد للعودة للغناء في المغرب بعد غيابه…
المغربي حاتم عمور يستنكر عدم حصوله عن أي جائزة…
منى زكي تؤكد أنها تتأنى دائما في اختياراتها لأعمالها…

أخبار النجوم

الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني
تامر حسني يشوق جمهوره لدويتو مع رامي صبري
أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
أحمد السقا يكشف عن مفاجأة حول ترشحه لبطولة فيلم…

رياضة

المغربي أشرف حكيمي ضمن أفضل 100 لاعب لسنة 2024
نجم منتخب البرازيل وريال مدريد فينيسيوس جونيور يفوز بجائزة…
ليفربول يتواصل مع نجم برشلونة رافينيا لاستبداله بصلاح
يوسف النصيري يواصل تألقه رفقة فريقه فنربخشة في الدوري…

صحة وتغذية

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
وزارة الصحة المغربية تكشف نتائج التحقيق في وفيات بالمركز…
اختبار عقاراً جديداً يُعيد نمو الأسنان المفقودة
المغرب يُنتج أول اختبار لفيروس جدري القردة في أفريقيا

الأخبار الأكثر قراءة