الرئيسية » حوارات وتقارير
يوسف عزيزي

طهران - المغرب اليوم

يعتبر يوسف عزيزي بني طرف أحد الشخصيات الثقافية التي شاركت في الثورة الإيرانية، بفعل نضاله المُستميت ضد السياسات العنصرية التي تطال العرب الأهواز في البلاد، إذ كان يطمح إلى نظام سياسي يعيد للشعوب غير الفارسية حقوقها المسلوبة، لكن النظام الديني الذي استلم زمام السلطة كان أشد وطأة من سابقه، إذ عمد إلى الزج بمعارضيه في ظلمات السجون وممارسة التعذيب في حق المُنادين بحرية الشعوب غير الفارسية.

الكاتب الإيراني، الذي كابَد الويلات في سجون "الجمهورية الإسلامية" إثر مطالبته بتدريس اللغة العربية للأهواز وتعميمها على مرافق الدولة؛ على أساس أن العرب الأهواز هم شعب يقطن المنطقة الجنوبية لإيران طوال قرون، ومعظمهم يعتنقون المذهب الشيعي، لكن النظام الديني الإيراني سلبهم مختلف حقوقهم الإنسانية.

الكاتب الإيراني قال إن "إيران تستهدف منطقة شمال إفريقيا ضمن مخططها التوسعي الإمبريالي، إذ تتصور أن المغرب الكبير يجسد المنطقة الرخوة في المنطقة العربية لأسباب تاريخية، لاسيما المغرب والجزائر ومصر"، مضيفا أن "المنطقة المغاربية ترى فيها إيران أرضية مناسبة لنشر التشيع، على اعتبار أن التعصب الإسلامي السني أخف فيها بالمقارنة مع المشرق العربي"، ومؤكدا أن "القضية الفلسطينية تستغلها إيران للترويج لمذهبها الشيعي، إذ تُصور نفسها على أنها مدافعة عن الشعب الفلسطيني".

إليكم تفاصيل الحوار كاملا:

حاز كتابك المعنون بـ"وراء الشمس: يوميات كاتب أحوازي في زنازين إيرانية السرية"، المترجم إلى اللغة العربية نقلا عن الفارسية، جائزة ابن بطوطة لأدب اليوميات المترجمة لسنة 2019. القارئ للمُؤلَّف يستشعر الاضطهاد الذي تعرضت له في سجون إيران، ويروي عبْرك حكاية جيل من المثقفين المعبرين عن شعب الأهواز العرب. بداية، تحدث لنا عن قضية العرب الأهواز.

العرب الأهواز عبارة عن شعب موحد بما يحمله هذا المفهوم القانوني من مبادئ، إذ يجمعنا التاريخ والأرض المشتركة، وكذلك اللغة والثقافة الموحدة..يوجد بالأساس في جنوب وجنوب غرب إيران، تحديدا منطقة عربستان أو الأهواز وشرق الخليج، ويشكل قرابة 10 في المائة من النسمة الإجمالية بإيران، على أساس أن عرب الأهواز يقطنون بالبلاد قبل ظهور الإسلام، بل إن مؤرّخي الفرس العرب يتحدثون عن كونهم كانوا يقطنون في جنوب إيران بأكمله؛ أي من الأهواز إلى كرمان، لكن تقلص عدد أجدادهم بالمناطق الجنوبية.. لكن منطقة الأهواز مازالت تحافظ على هذه السلالات التي حكمت مملكة عربستان.

لقد شكّل شعب العرب الأهواز مملكة عربستان في فترة تاريخية معينة، تلتها دولة مستقلة في القرن التاسع الهجري، بينما انتهكت سيادتهم في العهد الصفوي، ورغم ذلك حافظوا على دولة تتمتع بالحكم الذاتي الواسع.. كنّا نتوفر على حكام عرب منذ القرن الثامن عشر إلى غاية مجيء شاه إيران الذي أسقط آخر حاكم عربي، لنتحول بذلك إلى شبه مستعمرة.

(مُقاطعا) هل تتوفرون على أي تعليم باللغة العربية في إيران؟ ما طبيعة الانتهاكات التي يقوم بها النظام الديني بإيران؟..

مُنعنا من التعليم باللغة العربية بشكل مطلق في المدارس، ونُحرم من استعمال العربية في المحاكم وغيرها من مرافق الدولة؛ ذلك أن الشعوب غير الفارسية بإيران محرومة من أبسط حقوقها الإنسانية، فضلا عن نهب ثرواتنا وممارسة العنصرية في حقنا.. بل أكثر من ذلك، حاول النظام طمس هويتنا خلال العقود التسعة الأخيرة.

هكذا، خططوا لتغيير التركيبة السكانية لصالح الفرس، لكن لم تنجح محاولاتهم بشكل كامل، لأن معظم ساكنة محافظة كردستان (الاسم الفارسي لعربستان) مازالت عربية، إلى جانب استقرار العرب في عدة محافظات أخرى؛ فرغم من كون أغلب الشعب العربي بإيران يعتنق المذهب الشيعي، إلا أنه يتعرض للقمع والاستبداد، مع وجود شريحة أخرى تعتنق المذهب السني تتشابه مع جنوب العراق.

أقدم مجموعة من المفكرين والباحثين الأهواز على تدويل القضية خلال السنوات الأخيرة، حيث تنامى الوعي لدى الشعوب غير الفارسية بطبيعة الممارسات العنصرية التي يقوم بها النظام الإيراني في حقهم. ما تشخيصك لهذه المتغيرات الدولية التي رافقت نضال شعب العرب الأهواز بالمنطقة؟..

تزايد حراك الشعوب غير الفارسية بالتدريج خلال السنوات الأخيرة، ما مرده إلى تطور وسائل الإعلام والطفرة المعلوماتية بالعالم، ومن ثمة انكسر الجدار الحديدي الذي اصطنعه النظام الإيراني، ليؤثر ذلك على وعي الجماهير غير الفارسية؛ بل إن الحراك يتزايد يوماً بعد يوم، على أساس أن الذين قطعوا شريان الحياة في عهد الشاه، على خلفية ثورة 1979، هم العرب الأهواز الذين كانوا يمتلكون شركات النفط، وذلك بعدما أقدموا على إغلاق أنابيب النفط في تلك الفترة.

الوعي تنامى أيضا بعد انتفاضة الكرامة سنة 2005 بالأهواز وعربستان التي خلفت عشرات القتلى والجرحى، وسُجنت بسببها لفترة معينة نتيجة الانتقادات التي وجهتها للسلطة خلال تلك المظاهرات السلمية، إلى جانب أحداث الربيع العربي سنة 2011 التي أسفرت عن صدامات عنيفة مع الشرطة في كردستان.

هل تتوفر على أي إحصائيات بشأن أعداد العرب الأهواز المعتقلين بالسجون الإيرانية؟..

أصبحت عشرات الشخصيات الأجنبية تعترف بالعنصرية المتفشية بإيران، لتساهم بدورها في تنامي الوعي الداخلي رويدا رويدا، ما يتسبب في تزايد أعداد الناشطين المعتقلين بسجون النظام الإيراني، إذ تعترف الحكومة نفسها بكون 70 في المائة من السجناء هم غير الفرس الذين يشكلون قرابة خمسين في المائة من نسمة إيران؛ بينما يبلغ عدد الإعدامات التي تتعرض لها الشعوب غير الفارسية قرابة 78 في المائة، فيما تتحدث منظمة العفو الدولية عن كون 50 في المائة من السجناء بإيران عبارة عن أكراد.. لكنه مؤشر على تطور نضال الشعوب غير الفارسية.

تُعاب على إيران التدخلات التوسعية الخارجية التي تقوم بها في مجموعة من بلدان المنطقة. ما هي رواسب التفكير التوسعي الذي يسِم النظام الديني الإيراني؟..

إيران ليست دولة أمة، بل هي بقايا الإمبراطورية الفارسية التي يزيد عمرها عن 25 قرناً قبل الإسلام، إذ سيطرت على شعوب دول مختلفة، لكنها انهارت بعد الإسلام، غير أن عقلية الإمبراطورية الصفوية مازالت راسبة في أذهان الحكام بإيران؛ ذلك أن الشاه كان يتصور نفسه بمثابة شرطي الخليج، لكن لم يكن فكره التوسعي يشبه ما يقوم به الحكام الدينيون بالجمهورية الإسلامية، بعدما استعملوا الأحاسيس المذهبية الشيعية المناصرة في لبنان وسوريا والعراق واليمن لخدمة أجندتهم، فضلا عن ترويجه بشمال إفريقيا، من قبيل مصر والجزائر والمغرب.

كيف استنزفت التدخلات الخارجية التي تقوم بها إيران في المنطقة ميزانيتها الداخلية في ظل العقوبات الأمريكية المُطبقة عليها؟

هنالك إحصائيات تتحدث عن مساعدة عسكرية تصل إلى 800 مليون دولار لحزب الله اللبناني، بينما يبلغ مبلغ المساعدات العسكرية لإيران في العراق واليمن أكثر من 300 مليون دولار، وغيرها من المساعدات التي تذهب لدعم نظام بشار الأسد الدموي. هذه الميزانية تستنزف الموارد الداخلية، خصوصا بعد العقوبات الأمريكية التي نهجها دونالد ترامب السنة الماضية. لكن لا ننسى أن قرابة 35 في المائة من الاقتصاد الإيراني تسيطر عليه الشركات التابعة للمرشد الأعلى خامنئي.

تعتبر منطقة المغرب الكبير وجهة مستهدفة من لدن النظام الإيراني الذي يعمد إلى نشر المد الشيعي في المنطقة لأغراض إيديولوجية وسياسية بالدرجة الأولى. في نظرك، ما مدى استهداف إيران للمملكة المغربية؟.

تعتبر إيران شمال إفريقيا ضمن مخططها التوسعي الإمبريالي، إذ تتصور أن المغرب الكبير هو المنطقة الرخوة في جسم المنطقة العربية لأسباب تاريخية، ونتحدث هنا بالأساس عن المغرب والجزائر ومصر، إذ ترى فيها أرضية مناسبة لنشر التشيع، على اعتبار أن التعصب الإسلامي السني أخف فيها بالمقارنة مع المشرق العربي؛ بل إنها تستغل عداء شعوب المنطقة، بما فيها الشعب المغربي، للكيان الإسرائيلي، حتى تُصور نفسها على أنها مدافعة عن الشعب الفلسطيني.

تبعا لذلك، تستغل إيران القضية الفلسطينية بغية ترويج مذهبها الشيعي وضمان توسعها الاقتصادي، مثلما فعلت بالعراق، وتهدف إلى فعل الأمر نفسه بالمغرب والجزائر والسودان وغيرها من البلدان الإفريقية، غير أن الوعي المتنامي في دول الجوار أصبح يرفض هذا المد الشيعي، وهو ما دفع بالمغرب أيضا إلى قطع علاقاته السياسية مع النظام الكهنوتي بإيران.

هل يمكن أن تسهم الضغوط الإقليمية والدولية في تغيير النظام الإيراني مستقبلا؟.

الطريقة الوحيدة لتغيير النظام الإيراني هي الشعب فقط.. يمكن أن تلعب الدول الإقليمية والأجنبية عاملا ثانويا في التغيير، لكنني أرى أن هذه الجماهير التي أسقطت نظام الشاه يمكن أن تقوم بذلك في ظل النظام الإيراني الاستبدادي خلال الفترة الحالية؛ ذلك أن الاحتجاجات والتطورات الأخيرة تمنحنا جرعة من الأمل في أن الأمر ليس ببعيد.

تعيش المرأة الإيرانية معاملة عنصرية واستبدادية في ظل "الجمهورية الإسلامية الإيرانية" أشد وطأة مما كانت عليه في عهد شاه إيران الذي منحها الكثير من الحقوق والامتيازات، لكن بدأت تظهر حركة نسائية تكافح من أجل تغيير الأوضاع الحالية. ما تعليقك على وضع المرأة في المجتمع الإيراني؟.

كنّا ننتقد الحكم الملكي في ظل شاه إيران الذي كان مستبدا، ومع ذلك كانت الحريات الاجتماعية متوفرة نوعا ما، منها عدم فرض الحجاب على المرأة وتقلدها للمناصب القضائية والثقافية والاجتماعية والسياسية أيضا، لكن قيام الثورة أدى إلى هيمنة رجال الدين على السلطة، الذين لا يَعتبر تفكيرهم القروسطي المرأة بمثابة إنسان، إذ يمنعها الدستور من رئاسة البلاد أو الجمهورية أو سلطة القضاء، بل يوجد أبارتايد جنسي ضدها في جميع مناحي الحياة.

 

قد يهمك ايضا
أزمة الثورة الإيرانية
أحزاب كردية تُحيي ذكرى مقتل العشرات في بداية الثورة الإيرانية

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

رئيس الوزراء الفلسطيني يدعو إلى الضغط بجدية على إسرائيل…
أوستن يؤكد التزام الولايات المتحدة الراسخ بأمن إسرائيل ودعم…
غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع الرئيس…
غوتيريش يُندد «بشدة» بالهجمات الأخيرة لقوات الدعم السريع في…
ميقاتي يُعلن عن هدنة محتملة بين "حزب الله" وإسرائيل…

اخر الاخبار

سفارة المغرب في واشنطن تُسلط الضوء على التاريخ الاستثنائي…
فرنسا توجه دعوة خاصة للملك محمد السادس وترامب لحضور…
وزير الخارجية السعودي يؤكد أن العدوان الإسرائيلي على غزة…
خامنئي يحث حزب الله اللبناني على الموافقة على مخطط…

فن وموسيقى

النجمة ماجدة الرومي تُحقق نجاحاً كبيراً في حفل خيري…
المغربية فاتي جمالي تخوض تجربة فنية جديدة أول خطوة…
حاتم عمور يُؤكد أن ألبومه الجديد "غي فنان" عبارة…
مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يُكرّم "الفتى الوسيم" أحمد عز…

أخبار النجوم

شريف سلامة يكشف أسباب قلة أعمالة الفنية
حسين فهمي يردّ على انتقادات عمله بعد أيام من…
محمود حميدة يكشف سرّاً عن مشاركته في "موعد مع…
درّة تتحدث عن صعوبات تجربتها الإخراجية وسبب بكائها

رياضة

المغربي أشرف حكيمي ضمن المرشحين الخمسة للفوز بلقب أفضل…
محمد صلاح يتصدر ترتيب أفضل خمسة لاعبين أفارقة في…
كريستيانو رونالدو يعتلي صدارة هدافي دوري الأمم الأوروبية
محمد صلاح على رأس قائمة جوائز جلوب سوكر 2024

صحة وتغذية

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً
وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات…
نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية
الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء…

الأخبار الأكثر قراءة

بري يتحدث عن تفويض "حزب الله" له وينتقد الموقف…
غوتيريش يُعلن أن 2024 هو عام الأزمات ولبنان على…
غوتيريش يُحذر من منع الأونروا من مزاولة أنشطتها في…
نجيب ميقاتي يؤكد أن أساس استقرار جنوب لبنان هو…
أنطونيو غوتيريش يُعرب عن أسفه لعدم حدوث تحسن ملموس…