الرباط - المغرب اليوم
اهتمام متزايد خلال السنوات الأخيرة باتت تظهره عدد من الشركات الدولية الناشطة في سوق الاستثمارات في الطاقات المتجددة؛ لاسيما أن المملكة المغربية كانت من أولى الدول السباقة في المنطقة المتوسطية وشمال إفريقيا التي دخلت عصر إنتاج واستهلاك الطاقات المتجددة والإنتاج الكهربائي النظيف.
آخر المؤشرات على ذلك كان ترؤس الملك محمد السادس، الثلاثاء 22 نوفمبرالماضي، بالقصر الملكي بالرباط، جلسة عمل خصصت لتطوير الطاقات المتجددة والآفاق الجديدة في هذا المجال، الذي أصبح محط رحال عدد من الشركات الأوروبية والعربية على السواء.
وتحظى الأهداف الإستراتيجية التي حددتها المملكة في مجال تطوير الطاقات المتجددة، ولاسيما رفع حصة هذه الطاقات إلى أزيد من 52 بالمائة من المزيج الكهربائي الوطني في أفق 2030، بتتبع ملكي لا تخطئه عين الفاعلين في مجال الاستثمار في هذا النوع من مشاريع الانتقال الطاقي التي بوأت المغرب ريادة إقليمية وعالمية.
وشهدت جلسة العمل ذاتها توجيهات ملكية بشأن تسريع وتيرة تطوير الطاقات المتجددة بالبلد، ولاسيما الطاقات الشمسية والريحية؛ قصد “تعزيز سيادته الطاقية، وتقليص كلفة الطاقة، والتموقع في الاقتصاد الخالي من الكربون في العقود القادمة”. ويتعلق الأمر، خصوصا، بتسريع وتيرة إنجاز المشاريع التي توجد قيد التطوير، وكذا التثمين الأمثل لتنافسية المغرب من أجل استقطاب مزيد من الاستثمارات الوطنية والأجنبية في هذا القطاع.
في هذا الصدد، عبّرت الشركة العالمية “ليكيلا باور”، التي تتخذ من هولندا مقرا لها، مع تركيز استثماراتها على القارة الإفريقية، عن عزمها دخول سوق الطاقات المتجددة بالمغرب، وتعزيز الاستثمار فيه.
وحسب ما أعلنته الشركة ذاتها فإن هذه الخطوة تأتي ضمن خطتها كجزء من إستراتيجية التوسع الإفريقي التي تنتهجها، واصفة مجال الطاقة النظيفة بـ”المتنامي في المغرب”.
ويُعزى اختيار السوق المغربية لاستثمارات الشركة إلى “الفرص الكبيرة الموجودة التي تتيحها المملكة للطاقة المتجددة”، مستحضرة “توفر موارد وفيرة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح التي تضع الأساس لنمو قوي عبر قطاعي الطاقة والهيدروجين الأخضر”؛ هذا الأخير الذي يحظى بعناية ملكية خاصة ضمن تحيين الإستراتيجية الطاقية الوطنية.
واعتبر الرئيس التنفيذي لشركة “ليكيلا باور”، كريس أنتونوبولوس، أن “أجندة الحكومة المغربية للطاقة الخضراء وإمكانات الموارد المتجددة في البلاد توفر فرصة للشركة لتحقيق هدفها المتمثل في مضاعفة حجم معاملاتها ثلاث مرات خلال السنوات الثلاث إلى الأربع المقبلة، مع المساهمة في أوراش التنمية الكبرى في المغرب، التي تعتمد إلى حد كبير على التوسع في الطاقة المتجددة”.
ويأتي التفكير في دخول السوق المغربية للطاقة في أعقاب استحواذ شركة “ليكيلا باور”، مؤخرا، على شركتيْن في كل من مصر ونيجيريا، إذ “من المتوقع أن يؤدي الدخول إلى زيادة الاستثمارات المتجددة لدفع عملية الانتقال الطاقي وضمان الأمن الطاقي في جميع أنحاء القارة السمراء”.
تعليقا على ذلك قال أمين بنونة، أستاذ علوم الطاقة بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن ذلك “سيتيح للمغرب فرصا جديدة لتحقيق أهدافه في مجال القدرة الإنتاجية للكهرباء بحلول 2030 على أبعد تقدير، مع تنويع الاستثمارات الدولية”، لافتا إلى أنها ليست الشركة الأولى التي عبرت مؤخرا عن نواياها بدخول السوق المغربية الواعدة، بل “هناك أيضا فاعلون في المجال من الهند وإيطاليا”.
وأضاف بنونة، في تصريح لهسبريس، أن المملكة “جذبت بالفعل في العقد الماضي استثمارات من شركات الطاقة المتجددة العالمية، مع تعبئة موارد تمويل كبيرة للمشاريع المفتوحة أو المزمع انطلاقها”، موردا نماذج “أكوا باور السعودية”، ومجموعة Adani الهندية؛ فضلا عن خط ائتمان تمويلي فتحه بنك الاستثمار الأوروبي بخصوص الاقتصاد الأخضر.
وشرح الخبير الطاقي المغربي أن “الهدف الموضوع منذ 2008 ببلوغ قدرة إنتاجية 52 في المائة منها متجددة من أصل 25 آلاف ميغاواط بحلول 2030 قد نبلُغه في المغرب قبل ذلك، أي بين عامي 2026 و2028″، موضحا أن السبب هو أن “الطلب على الكهرباء بتنوع مصادرها لم يرتفع بالسرعة المنتظرة، وحاجياتنا ستنحصر في 16 ألف ميغاواط حسب آخر المعطيات”.
وأبرز المتحدث لهسبريس أن “الاستثمارات فوق التراب المغربي للإنتاج الكهربائي تستأثر باهتمام فاعلين دوليين مشهود لهم بالخبرة في المجال”، مستحضرا “صفقات عملية تمت لصالح استثمارات إماراتية وسعودية وفرنسية، مع طموح إيطالي وهولندي وهندي للمنافسة بقوة”، وكاشفا أن “الصراع كان تقليديا بين مستثمرين أوليّين، فيما أصبح حاليا بين مستثمرين ثانويين اشتد التنافس في ما بينهم لاستغلال إمكانيات هائلة من الإنتاج الطاقي النظيف يشجع عليها المغرب”.
وخلص بنونة إلى أن “العرض يظل قليلا ومحدودا، مقابل ارتفاع الطلب العالمي والجاذبية الاستثمارية، رغم أن سوق بيع الكهرباء ضعيفة عموما”، مذكرا بأن “ارتفاع أسعار الطاقة الأحفورية يحفز التوجه الاقتصادي ورؤوس الأموال نحو الطاقات المتجددة، بينما يعطي قانون 13-09 حق الاستثمار في مشروع ريحي وشمسي، مع إمكانية بيع أو تصدير الطاقة النظيفة لطرف يستخدم الجُهد العالي”.
وختم المتحدث ذاته بأن “المغرب ينوع شراكاته الاستثمارية الطاقية من خلال توقيعه مع إسبانيا والبرتغال عقودا لبيع كهرباء خضراء نظيفة، مع فتح الأبواب نحو تصريف المنتج داخل التراب الوطني أو تصديره المشروط، مساهما بذلك في دينامية الاستثمار”.
قد يهمك أيضا
المغرب يوقع اتفاقية تعاون مع مصر في الطاقة المتجددة