تونس - حياة الغانمي
كشف الخبير الاقتصادي عبد الجليل البدوي، أن ما يجري في جبل الشعانبي، وفي أماكن أخرى وبخاصة الحدودية منها، هي أحداث متوقعة، نظرا لتوفر آليات موضوعية وذاتية، لا يمكن أن تتيح الا ما هو واقع الان، وذلك أنه تم التهاون مع دخول الأسلحة وتداولها.
واعتبر الخبير الاقتصادي في حيث خاص إلى "المغرب اليوم" أنه لم يتم التعاطي بالجديّة اللازمة، مع الحركات الدينية المتطرفة، ومراقبة تحركاتها واتصالاتها، بل وصل الأمر الى إرسال خطاب جعلهم يطغون على غرار "هم ابناؤنا، يذكرونا بشبابنا ونحن في فترة انتقالية، تفرض علينا احترام حقوق الانسان"، الى غير ذلك من الاقوال التي شجعتهم على التطرف.
وبالاضافة الى ذلك، قال البدوي إنه لم يتم التعاطي بجدية مع ملف تحييد المساجد، حيث يقع التهييج وتجييش بعض المراهقين، أو الطامعين في الأموال السهلة. وقد وصل الأمر الى حماية تحركات الأطراف المتشددة مثل حادثة إسقاط العلم في كلية منوبة، ورشق علم أسود في ساحة 14 جانفي.
وأوضح أنه كل هذه العناصر، سهلت محاولة استيطان اتباع تنظيم "القاعدة" أو "داعش"، في العديد من المناطق التونسية، وجعل تونس أرض "جهاد" وقاعدة لانطلاق الإعمال المتطرفة، مشيرا إلى أن كل هذه الأوضاع كان لها انعكاسًا خطيرًا جدا على الصعيد الاقتصادي، الذي يشتكي بطبعه من مشاكل عدة.
وأشار الخبير إلى أن أول انعكاس سلبي، كان على القطاع السياحي الذي يمر هو الاخر بأوضاع متردية جدا، والضرر اللاحق بهذا القطاع هو ضرر مباشر، لكن هناك أيضا أضرار غير مباشرة، تخص كلّ الأنشطة المرتبطة بهذا القطاع، على غرار الصناعات التقليدية والنقل والمطاعم والمقاهي وغيرها، مضيفًا، علمنا في هذا الصدد أن العديد من الفنادق أغلقت نظرا لتقلص توافد السياح ومعاناتهم من ظروف مالية عسيرة، مما أثر على التشغيل والانتاج من جهة، وعلى قطاع البنوك من جهة أخرى، من جراء ارتفاع الديون التي سيصعب تسديدها من طرف أصحاب النزل والأنشطة المرتبطة بها.
وأضاف أن هناك أيضا تأثيرًا سلبيًا مباشر يتمثل في عدم اطمئنان المستثمرين الذين يشعرون أن المخاطر أصبحت مرتفعة ولا تشجع على الاستثمار ولا تبعث على الاطمئنان، ولا يمكن ترقب تحسن الأوضاع الامنية والاجتماعية في المدى القصير أو المتوسط، وغياب الاستثمار أو ركوده سيكون عامًا، لكن بصفة أكثر في الجهات الداخلية وبخاصة الحدودية المتميزة بتوتر الأوضاع وبكثرة المخاطر.
وقال إن الأوضاع الراهنة ستؤثر سلبيا على القطاع الاقتصادي، من خلال تراجع الترقيم السيادي لتونس. وسينتج عن ذلك صعوبات كبيرة للحصول على موارد مالية من السوق العالمية لمواجهة الحاجات المتصاعدة للاقتصاد.
وأضاف البدوي أن هناك ملفات قائمة منذ زمن طويل، مثل البطالة التي ستعرف أكثر تدهورا بحكم ركود الاستثمار، ومرور عديد المؤسسات بصعوبات جمة، كالسياحة والصناعات المشتغلة، في إطار المناولة والتي توجه انتاجها للتصدير، باعتبار أن المؤسسات التي تتعامل معها ستقلص طلبها على منتوجها، نتيجة تخوفها من عدم التزام المؤسسات التونسية بعقودها معها، وعدم قدرتها على الايفاء بتعهداتها المتعلقة بتسليم السلع في الاجال المتفق عليها.
والى جانب البطالة، اعتبر الخبير الاقتصادي، أن هناك قضية التضخم المالي الذي سيزداد حدة، خاصة تحت تأثير تراجع قيمة الدينار، الذي سينتج عنه هو أيضا ارتفاع التضخم المستورد زيادة على تقلص الانتاج وتواصل ارتفاع الطلب، مضيفًا أنه من المنتظر أن يتسبب تراجع قيمة الدينار في زيادة قيمة وتكاليف الواردات، الذي ينتج عنه زيادة في التضخم المالي، وتراجع القدرة الشرائية للمواطن، كما ينعكس هذا التراجع سلبا على قيمة الديون الخارجية المحتسبة بالدينار، ويزيد في تكاليف الدعم بالنسبة الى المواد الغذائية المدعمة، والمحروقات التي هي أيضا مدعمة.