لندن - كاتيا حداد
عُثر على منسوجات قديمة بالقرب من مقاطعة كامبريدج تكشف عن العصر البرونزي، إذ استخدم البريطانيون تقنية صنع خيوط مصرية لنسج الألياف النباتية قبل فترة طويلة من التوصل للغزل، وكانت الأقمشة التي يبلغ عمرها 3800 عام تُصنع بواسطة التضفير، وهي عملية تم من خلالها ربط ألياف من نبات القراص أو أشجار الليمون أو نباتات أخرى معا لتشكّل خيوطّا.
ويعتقد سابقا بأن هذه التقنية موجودة فقط في مصر القديمة، لكن دراسة جديدة تشير إلى أنها كانت سائدة في جميع أنحاء بريطانيا وأوروبا والشرق الأدنى، ويلمح هذا الاكتشاف أيضًا إلى أن التضفير هو الطريقة الأصلية لصنع الخيوط، قبل الغزل، إذ يتم سحب الألياف ودمجها معا لتشكيل الخيوط، كما أن المنسوجات التي تم تحليلها كجزء من الدراسة الجديدة التي قادتها جامعة كامبريدج، جاءت من أكثر من 30 موقعًا مختلفًا في المملكة المتحدة وإسبانيا وإيطاليا واليونان وتركيا والعراق ومصر.
وقالت الدكتورة مارغريتا غليبا، المؤلفة الرئيسية للدراسة: "تقنية التضفير تختلف اختلافًا جوهريًا عن الغزل.. التحول من التضفير -تقنية الألياف الطبيعية النباتية الأصلية- إلى الغزل تم في وقت متأخر كثيرًا عما كان مفترضًا من قبل".
وسبق التعرف على تقنية التضفير في المنسوجات المصرية لما قبل التاريخ، لكن العلماء فوجئوا بالتعرف عليه في الأقمشة البريطانية، حيث كان يعتقد في الأصل بأن منسوجات الألياف النباتية تم نسجها في أوروبا ما قبل التاريخ باستخدام أدوات بدائية، ويقترح الباحثون الآن أن الألياف النباتية تم تضفيرها لآلاف السنين حتى القرن السابع عشر، عندما بدأ النساجون بغزل الشرائط كما فعلوا بالصوف.
وقالت الدكتور غليبا "يقترح بحثنا أنه حتى عام 600 قبل الميلاد تم إنتاج جميع منسوجات الألياف النباتية المنتجة في جميع أنحاء أوروبا باستخدام خيوط مضفرة.. لقد كانت هذه التقنية الأصلية لصنع الخيط مطورة بالفعل في العصر الحجري القديم، قبل فترة طويلة من تربية الأغنام واستخدام الصوف"، وقالت إن البريطانيين القدامى كانوا يستخدمون هذه التقنية في صناعة جميع منسوجاتهم، بما في ذلك الملابس والخيوط للشباك وغيرها من الأشياء.
تُظهر الدراسة الجديدة أن هذا النوع الخاص من تقنية صنع الخيوط قد تكون منتشرة في جميع أنحاء العالم القديم خلال عصور ما قبل التاريخ، وأضافت الدكتورة جليبا: "يبدو أن الابتكار التكنولوجي في غزل ألياف النبات يتزامن مع التوسع الحضري والنمو السكاني، فضلا عن زيادة حركة البشر عبر البحر المتوسط خلال النصف الأول من الألفية الأولى قبل الميلاد".
ومن بين النتائج التي تم تحليلها لهذه الدراسة بقايا النسيج المتفحمة من فوق بارو في مقاطعة كامبريدج، والتي ترجع إلى العصر البرونزي المبكر بين عامي 1887 و1696 قبل الميلاد.