نيويورك_ المغرب اليوم
تساءل الكاتب والمفاوض الأمريكي المخضرم آرون ديفيد ميلر عن مصير حل الدولتين: "هل مات؟" بعد خطاب وزير الخارجية جون كيري في هذا الصدد.
وقال ميلر، في مقاله بصحيفة (الـوول ستريت جورنال)، إن "عملية السلام لن تموت أبدا؛ لكن ذلك لا يعني أن هدفها المتمثل في حل الدولتين بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية يمكن أن يتحقق بشكل ما".
ونفى الكاتب أن يكون ما حدث في الشهر المنصرم، من امتناع الولايات المتحدة عن استخدام حق النقض الفيتو إزاء قرار ضد المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية وما تبعه من خطاب لوزير الخارجية جون كيري، أن يكون هذا وذاك بمثابة تأبين لحل الدولتين.
ورأى ميلر أن خطاب المستر كيري قد أغفل عددا من الحقائق الأساسية المزعجة في هذا الصدد والتي تقلص فرص نجاح حل الدولتين – ومنها: "انعدام القيادة"؛ ذلك أن التعامل مع أصعب القضايا على صعيد الصراع العربي الإسرائيلي والمتمثلة في القدس والحدود واللاجئين يتطلب وجود قادة على الجانبين يحكمون السيطرة على المقاليد السياسية والأيديولوجية لشعوبهم لا أن يكونوا أسرى لها... وإنما يتطلب التعامل مع هذه القضايا وجود قادة مستعدين لاتخاذ قرارات مؤلمة وصعبة.
ورأى صاحب المقال أن حكومة نتنياهو ليست الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل؛ ولكن يبدو بوضوح أنها غير مستعدة وغير قادرة على الموافقة على أي شيء يقبله الفلسطينيون كما تشرف تلك الحكومة على مشروع مستوطنات يحكم مسبقا على الاتفاق النهائي.
ورأى الكاتب أن أيا من الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني لا يشعر بما يكفي من الحاجة والضرورة لاتخاذ قرارات كبرى، ومن ثم فإنه لا يوجد أي طرف ثالث وسيط قادر على إعطاء الإرادة للطرفين المتنازعين.
ولفت ميلر إلى أن الظروف الإقليمية لم تكن يوما أسوأ مما هي عليه الآن لإبرام أي اتفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين؛ فثمة ثلاث دول عربية تعاني التفكك هي سوريا وليبيا واليمن بينما العراق يواجه تحديات بالغة الصعوبة؛ في حين تقلق دول عربية أخرى بشأن إيران والجهاديين السنيين أكثر مما تقلق بشأن المشكلة الفلسطينية.... واستبعد الكاتب إمكانية أن تنظر إسرائيل في إعادة الضفة الغربية إلى قيادة فلسطينية مقسمة في ظل هذه الحالة من الضبابية.
ورأى ميلر أن حل الدولتين قد يكون الطريق الوحيد العقلاني لإنهاء الصراع، لكن دولة فلسطينية ضعيفة أو تواجه فشلا من شأنها أن تنذر بتبعات أمنية سلبية على دول الجوار.
وعن موقف إدارة ترامب من القضية، رجح الكاتب من خلال المؤشرات المبدئية أن تتجنب هذه الإدارة طرح أي خطط شاملة لتسوية المسائل الكبرى كالقدس واللاجئين، ولربما أعطت هذه الإدارة حكومة نتنياهو مزيدا من الضوء الأخضر للتوسع في النشاط الاستيطاني.
وحذر صاحب المقال من أن اختيار الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لـديفيد فريدمان سفيرا لأمريكا في إسرائيل إضافة إلى مؤشرات بأن الإدارة الجديدة تنظر نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس – هذا وذاك كفيلان بزيادة حدة التوترات.
وقال ميلر إنه حتى لو تبنت الإدارة الأمريكية الجديدة حل الدولتين أو استمرت في نهج الإدارة السابقة إزاء النشاط الاستيطاني الإسرائيلي فإن ذلك لا يعني أن هذه الإدارة الجديدة ستعطي حل الدولتين أولوية أكبر.
وخلص الكاتب إلى القول "إنه كما شهدنا من قدوم الربيع العربي وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وظهور المستر ترامب ، فإن الحياة مليئة بالمفاجآت، وعليه فمن السابق لأوانه إعلان وفاة ودفن حل الدولتين؛ وإنما أغلب الظن أن يبقى حل الدولتين رهينَ المستقبل القريب وأن يبقى من الأهمية بمكان بحيث لا يمكن التخلي عنه على الأقل خطابيا من جانب، ومن الصعوبة بمكان بحيث لا يمكن تنفيذه من جانب آخر.