عمان - إيمان يوسف
اعتبر المصور الصحافي، نادر داوود، أن أهمية التصوير الصحافي تكمن في دعم ومساندة القضايا التي لا تقبل التآويل والتفسير الموارب، إذ أنه يسرد الصورة بصدق، ما قد يتراجع عن قوله الكثيرون، إلا أنه يخضع للنهج الأخلاقي نفسه وبموضوعية تامة، لافتًا إلى أن التصوير نوع خاص من أنواع الصحافة يتعلق بإنتاج المادة الصحافية "صورة وخبر"، وإعدادها وتقديمها للمتلقي كقصة كاملة، لتكوين رأي عام بشأن حدث معين.
وتابع داوود، أن المصورين الصحافيين الكبار يساهمون في تقديم صور مذهلة، سجلوا فيها لحظات تاريخية، سواء فيما يتعلق بتغطية الحروب والمجاعات والأزمات البيئية والسياسية والناس المشردين، أو فيما يتعلق بالبهجة المرتبطة بالاحتفالات التي يحيها الناس فيما بينهم.
وكشف داوود، خلال حوار خاص لـ"المغرب اليوم"، أن اهتمامه الأول هو نشر الوعي بالفنون البصرية في أوساط الأجيال الناشئة، من خلال التصوير لزيادة التذوق الفني لديهم، إذ بدأ داوود العمل كمدرب ومُحاضر في مجال التصوير الصحافي لعدة جهات، منها مؤسسة طلال أبوغزالة وجامعتي اليرموك والبترا، بالإضافة إلى عمله كمستشار في معهد صحافة الحرب والسلام التابع لوزارة الخارجية الأميركية.
ويعمل داوود الآن، كمصور صحافي للعديد من الصحف المحلية والعالمية، بالإضافة إلى عمله مصورًا لوكالة الأنباء الأميركية في الأردن، وفي قسم التصوير في جريدة الرأي الأردنية، وقد انضم لعدد من المبادرات والبرامج التعليمية لتدريب الأطفال على التصوير، بهدف التأسيس لخلق ثقافة بصرية تكون جزءً من الذائقة الفنية التي تنمو مع مداركهم، ويأتي ذلك التدريب سواء بالكاميرا أو بكاميرا الهاتف المحمول، بهدف إنتاج صور ذات قيمة جمالية تؤسس لمصور مُتمكن مستقبلًا، ويوجد أيضا برنامج التدريب للمصورين الشباب، المرتكز على تعليم الأساسيات والتعريف بأخلاقيات العمل الصحافي، لتمكين الجيل القادم من العمل ضمن مساحة حرية التعبير ضمن الضوابط الأخلاقية للعمل.
كما أوضح داوود، أنه من شروط الصورة الصحافية الناجحة أن تعكس مختلف النشاط الإنساني، فإذا لم تكن الصورة حية ينتاب القارئ شعور بالركود، ويستطيع المصور إضفاء نوع من الحياة على صوره باختيار اللقطات الجيدة والزوايا المبتكرة، التي تكون على صلة بالموضوع وتلقائية، بحيث لا يشعر القارئ بأن الصورة التي تنشرها الصحيفة معدة سلفًا, لأنه عندئذ يشعر بأنها تخدعه، مشددًا أنه على المصور أن ينتبه إلى ضرورة التقاط صور عفوية تنقل الحدث واللحظة كما حصلت, وإلا تحولت الصورة إلى مجرد تذكار.
ونوه داوود، إلى أن الجميع مستعد لتصوير أي شيء يحدث أمامه، بغض النظر عن أهميته, وذلك لتأثرنا الواضح بوسائل التواصل الاجتماعي التي تعطينا شعورًا بالقبول لدى الآخرين، أو لأن ما نشهده هو ما نقوم به من تفاعل إنساني، ونريد أن نوثق تلك الأعمال على الأقل كجزء من حيانتا اليومية.
فيما لفت داوود، إلى أن المصور الناجح هو الذي يبحث عن الثورة والزاوية الجديدة دائمًا، وذلك التحفيز على لقطة جديدة وجميلة يأتي من خلال التدريب المستمر ومتابعة الصور دائمًا، مؤكدًا أن الصعوبات التي تواجه المصورين عمومًا تكمن في التوجيه ضمن الخطوط التحريرية للمؤسسات الإعلامية، بالإضافة إلى المقابل المادي الذي لا يكاد يغطي ثمن واحدة من المعدات التي يعمل بها المصور، وهناك تحديات اخرى مثل المنافسة المهنية، إذ يتمحور عمل المصور على الانفراد بصور دونًا عن زملائه، ما يشمل ضغطًا مهنيًا عليهم.
وبشأن الصعوبات التي تواجه المصور الصحافي على الصعيد المهني، بين داوود، "أن المواقف الصعبة ضمن عملي تعتبر تحديًا، تجعل مني مصورًا أفضل بحدس أفضل، وأخطاء أقل في المستقبل"، أما المشاكل الأخرى فتكمن في التعامل مع المتعبين من الناس كمادة إعلامية، كاللاجئين والفقراء وغيرهم، ليتحول العمل إلى تعاطف إنساني دون الاتفات إلى الصور المطلوبة، مشيرًا إلى أن ذلك "هو ما حدث معي أكثر من مرة، لأدرك متأخرًا أني مريت دون صور، ولكن بعلاقة إنسانية مميزة وأصدقاء جدد، يستدعون نسيان العمل لأجلهم"، مضيفًا "أن المتعة تكمن في العمل عند القدرة على تغيير واقع الحال عند هؤلاء الناس".