الدار البيضاء - محمد إبراهيم
يحتفل المغاربة يومي التاسع و العاشر من محرم بعاشوراء، وخلال هذين اليومين هناك طقوس وعادات يتميز بها المغاربة عن باقي البلدان العربية، وهي مناسبة تزدهر فيها بعض المنتجات والصناعات الخاصة.
ومن بين هذه المنتجات هناك الفواكه الجافة التي يعرف ثمنها زيادة صاروخية خلال هذه المناسبة مثل الثمر واللوز ، الجوز الهندي وفواكه أخرى، أما المنتجات الصناعية التي تزدهر خلال هذه السنة الطعاريج ، والدفوف وآلات موسيقية أخرى بالإضافة إلى ألعاب للأطفال".
ويبدأ الاحتفال بليلة عاشور بعد صلاة عشاء يوم 9 محرم حيث تخرج النساء والفتيات حاملات الدفوف والآلات الموسيقية فيرددن أناشيد تتعلق بعاشوراء "عيشورة عشيرة دلت عليك شعوري" و"بابا عيشور مات وحملوا لواد"، والجميل هو أن النساء تطوف كل الأحياء والأزقة المجاورة وهن يرددن أناشيد جميلة كلها على " بابا عيشور" كما يعملن على طرق أبواب المنازل في محاولة لاستمالة عدد أكبر من النساء من أجل المشاركة في الاحتفال.
أما الذكور بمختلف أعمارهم فيجمعون الحطب والإطارات المطاطية وسط ساحة كبيرة ، فيعملون على إشعال النيران فيها احتفالا بـ"الشعالة"، ويلتف الجميع حول هذه النار ويطوفون حولها مرددين كلمات توحي بالتأثر للحسين، وخلال ارتفاع لهيب النار إلى أوجه تتسرب بعض النسوة بين الشباب حيث يتم رمي الحروز من أعمال الشعوذة والسحر،كما يتم رمي بعض الدريهمات اعتقادا منهن أنها ستجعل أزواجهن يدرن عليهن المال طيلة السنة.
وكوجبة عشاء، جميع البيوت المغربية تقدم الكسكس بــ" القديد والكرداس" أي اللحم المجفف ، والسبع خضر ، ويجتمع أفراد العائلة في الأجواء الاحتفالية بيوم عاشوراء بمنح الكل نصيبه من " الفاكية" ( اللوز والحمص والتمر والجوز والحلويات.
أما الأطفال، يجولون من منزل لآخر مرتدين الأقنعة والأزياء التنكرية يطلبون الحلوى والفواكه الجافة أو حتى النقود وذلك بإلقاء السؤال "حق بابا عيشور؟" على من يفتح الباب. يعتبر حق بابا عيشور من أهم التقاليد في عاشوراء.
اليوم الموالي وهو العاشر من محرم عنده طقوسه الخاصة، تبدأ منذ فجر اليوم حيث تعمل العائلات بالاغتسال اعتقادا منها أن الماء في هذا اليوم هو ماء "زمزم" ، ومع شروق الشمس يخرج الأطفال وحتى الشباب بالرشق بالمياه اعتقادا أنه ماء زمزم ، أما الأطفال فيستعملون مسدسات مائية.
في نفس اليوم يخرج بعض الشباب المنحرفين فيعملون على رشق الناس بالبيض الفاسد، الذي ينتهي بمشاجرات بينهم وفي بعض الأحيان تنتهي النزاعات بين الجيران في ضيافة مراكز الشرطة، كما أن في هذا اليوم يتم زيارة القبور بحيث تعتقد العائلات أن الموتى يسمعون زائريهم، وهنا تتسابق العائلات على تنظيف القبور وإشعال البخور وتوزيع الثمر والتين المجفف والماء وبعض النقود.
وفي البوادي فإن الماء في هذا اليوم يحتفظ به لقدسية خاصة، حيث يلجأ الفلاحون وربات البيوت، مع إعلان الفجر، وقبل أن تطلع الشمس، إلى رش كل ممتلكاتهم بالماء البارد.
كما ترش الحبوب المخزونة، وجرار الزيت والسمن، وتقوم الأمهات برش وجوه الأبناء، الذين يتنافسون في الاستيقاظ المبكر، لأنهم يؤمنون، حسب ما يردده الأجداد، بأن من يكون هذا اليوم نشيطا يقضي كل عامه على نفس المنوال، ومن يتأخر في النوم إلى أن تشرق الشمس، يغرق في الكسل ما تبقى من العام.