مقديشو ـ عبدالستار حسن
يتوجه كثير من الرجال والشباب إلى المناجم، التي تقع في شمال العاصمة مقديشو، لاستخراج الأحجار، ويتراوح أجرهم اليومي، مقابل العمل الشاق، ما بين عشرة إلى خمسة عشر دولار .ويكلف هذا العمل المتعب أصحابه ثمنًا باهظًا، وغالباً ما يجدون أنفسهم تحت الأنقاض، عرضة للموت، نتيجة انهيار الكتل الصخرية عليهم، لاسيما أثناء تفتيت الصخور، وكسر الأحجار، التي تدخل البناء .ويقول العامل أحمد بدار، في حديث إلى "العرب اليوم"، أنه "كان يعمل في مقالع الأحجار لأكثر من عشرين عامًا، وأمضى شباب عمره في هذا العمل الشاق"، مشيرًا إلى أنه "يعتبر بالنسبة له مصدر رزق لأسرته، حيث ينفق يوميًا جزء من أجره لتدبير شؤون حياتهم، فيما البقية الأخرى تذهب لتسديد رسوم الدراسة لأبنائه"، مؤكدًا أن "هذا العمل له مخاطر متعددة، منها الأمنية، وقلة الأدوات، والآلات لحفر الأحجار، وتكسيرها، ومن ثم فرزها من الأحجار الصالحة والمناسبة للبناء"، موضحًا أن "عددًا كبيرًا من الرجال ينقلون الحجارة عبر شاحنات، حتى تصل إلى أصحابها، الذين يستخدمونها في البناء" .ويشير محمد طيري (60 عامًا)، في حديثه إلى "العرب اليوم"، إلى أنه "يعمل في هذه المهنة قبل وبعد انهيار الحكومة المركزية عام 1991 من القرن الماضي"، مؤكدًا "أن ظروف الأمس مختلفة تمامًا عن ظروف اليوم، حيث يفتقرون إلى الأدوات المستخدمة لهذا العمل" وكان عمال المناجم يستخدمون المتفجرات والبارود لتفتيت الكتلة الصخرية، غير أن الظروف الأمنية حالت دون ذلك، وذلك تفاديًا من اشتباههم في "حركة الشباب المجاهدين"، التي تزرع المتفجرات في الشوارع والطرق، ما أدى إلى استخدام هؤلاء سواعدهم الفتية، لتكسير الأحجار وتفتيتها .ويُبين محمد أحمد، في معرض حديثه إلى "العرب اليوم"، أنه "كان يعمل في هذه المناجم في منتصف السبعينات من القرن الماضي، ووقتها كانوا يستخدمون المتفجرات، لإخضاع الجبال الصخرية لإرادتهم، ومن ثم تكسيرها، أما اليوم فقد اختلفت الظروف، فبدأوا يلجأون إلى أدواتهم البسيطة لتفتيت صخور شاهقة" .وتستخدم الأحجار التي يتم اقتلاعها من الصخور والجبال في البناء وذلك بعد تزايد الحركة العمرانية في مقديشو، بعد انسحاب مقاتلي "حركة الشباب" الصومالية من مقديشو، عام 2011، وذلك ما انعكس إيجابًا على حياة عمال المناجم، والمقالع، شمال مقديشو .غير أن عمال المقالع يصيبهم ضيق في التنفس، وبعض الأمراض التي تصيب الجهاز التنفسي نتيجة استنشاقهم للغبار والأتربة، وذلك ما يؤثر سلبًا على صحتهم ومستقبل سلامتهم النفسية ، حيث يؤكد العمال على حاجتهم إلى دوائر طبية، تساعدهم وتوفر لهم العلاج، لاسيما حال حدوث حالات اختناق داخل الحفريات الآرضية، أو بعد حدوث انهيارات أرضية أو صخرية، غير أن مطالبهم لا تجد طريقها إلى الآذان الصاغية . وكان 11 صوماليًا من عمال المقالع توفوا نتيجة انهيار كتلة صخرية على عمال كانوا يحفرون تحتها، فضلاً عن إصابة أخرين بجروح متفاوتة .يذكر أن، في الحكومة المركزية، كان عمال المناجم يجدون دعمًا من الحكومة، كما كانت الطواقم الطبية تعمل معهم لتسهيل عملهم، غير أن غياب حكومة مركزية، لأكثر من 20 عامًا، أجبر هؤلاء على استخدام سيارات لنقل زملائهم المصابين إلى المستشفيات، التي تبعد عن المنطقة بضعة كيلومترات.