الرئيسية » تحقيقات
جمعية حقوق المرأة اللبنانية

بيروت ـ فادي سماحه

"لقد اغتُصبت"، تصرخ منال عيسى بهذه العبارة، وهي تلطم نفسها في أحد شوارع بيروت، ويتجمع حشد من الناس حول المرأة التي تبدو مرتبكة وخائفة، وبعض الناس يشجعونها على أن تبقى هادئة، فيما يقوم آخرون بتوبيخها لارتدائها تنورة قصيرة، بينما يتهمها أحد الرجال بأنها "مدمنة مخدرات".

هذا المشهد هو من تجربة اجتماعية نظمتها جمعية حقوق المرأة اللبنانية "أبعاد"، الشهر الماضي، وخلال تسع ساعات أو نحو ذلك ، عندما قامت منال بلعب دور ضحية اغتصاب، ولم يقم أحد من المارة باستدعاء الشرطة لانقاذها.

ويقول الناشطون إن الهدف من هذه التجربة ، وهو جزء من حملة دامت أسبوعاً تحت عنوان #ShameOnWho ، كان لفضح الوصمة المرتبطة بضحايا الاغتصاب.

وتقول غيدا عناني ، مؤسّسة جمعية حقوق المرأة اللبنانية "أبعاد": "بشكل عام ، يظن الناس أنّ الضحية هي المسؤولة عن جريمة اغتصابها، وهي التي يجب أن تحاسب". وتضيف: نحن في جمعية "أبعاد" نحاول تشجيع النساء الناجيات من الاغتصاب على التحدث ، للخروج من دائرة وثقافة إلقاء اللوم على الضحية".

وعلى الرغم من التحركات المتضافرة للمجتمع المدني اللبناني للتصدي للعنف القائم على نوع الجنس، إلا أن المشكلة آخذة في التزايد. ففي عام 1994 ، كشفت 30٪ من النساء في لبنان إنهن تعرضن لشكل من أشكال العنف ، وفقاً لأحصائيات الأمم المتحدة ، واليوم هذا الرقم أقرب إلى 60 ٪ ، وفقا لبيانات جمعتها "أبعاد" من مختلف تقارير الوزارات ، والشرطة والإعلام.

ومن غير الواضح، ما إذا كانت الزيادة في هذه الشكاوى ناجمة عن استعداد أكبر للإبلاغ عن العنف، أو ارتفاع فعلي في عدد الاعتداءات أو مجرد مزيج من الاثنين معاً، بحسب عناني.

لكن، النشطاء دفعوا بقوة ضد هذا الاتجاه، ويستمر هؤلاء بالضغط على الحكومة اللبنانية لإصدار تشريعات لحماية النساء.

ولفتت عناني إلى أن "اليوم، يجب أن يُسلط الضوء على الأشخاص الذين يقومون بهذا النوع من السلوك، وليس اللواتي يخضعن له، أي محاسبة المجرم وليس الضحية".

وفي عام 2014 ، أقر البرلمان اللبناني أول قانون يجرم العنف المنزلي ومن ثم في عام 2017 ، تم الغاء ثغرة قانونية كانت تبرئ المغتصبين الذين يتزوجون من ضحاياهم. ومع ذلك ، فإن قانون العقوبات اللبناني مازال أمامه الكثير، حيث لا يوجد حد أدنى للسن القانونية للزواج، فيما يبقى الاغتصاب الزوجي أمراً قانونياً.

وفي خمسة مواقع في بيروت، رسم فنانون متطوعون مع مؤسسة "أبعاد" جداريات سوداء وبيضاء لأوجه المغتصبين، مستوحاة من ذكريات الناجيات. ورغم أن الناجيات لسن مستعدات بعد للخروج علانية والإفصاح عما مروا به، إلا أنهن يتحدثن من خلال الفنانين والنشطاء، وذلك من خلال عرض مسرحي وثائقي يحمل اسم الحملة ذاتها، ويرتكز على مقابلات مسجلة أجرتها منظمة "أبعاد" مع ناجيات من الاغتصاب، في مركز "زيكو هاوس" الثقافي في بيروت.

وكانت امرأة عرفت باسم ريهام، قد سجلت قصتها في مقابلة، وذلك بعدما تعرضت للاعتداء الجنسي مراراً من قبل شقيقها الأكبر بين سن الثامنة والثامنة والعشرين. وعندما تكلمت أخيراً، وصفتها أمها بـ "الكذابة".

ما سجلته ريهام، تستمع إليه الممثلة هبة سليمان التي تجلس على كرسي في غرفة أثاثها متواضع، مع إعادة لحظة المواجهة بين الأم وابنتها: "لن أتمكن من إخبارك كيف مزقت أمي غطاء رأسي، وكيف مزقت ثيابي وفتشتني من الرأس حتى أخمص القدمين بينما كانت تضربني وتوجه الإهانات لي مراراً وتكراراً. وعندما انتهى الأمر، قلت: هل حصلت على ما تريدين؟... حملتُ ملابسي الممزقة وبكيت، وصرخت، وصرخت، وصرخت، ولم يسمعني أحد".

تشير سليمان إلى أن الكثير من الجمهور الذي ينتقل من غرفة إلى أخرى في "زيكو هاوس"، وهو مركز ثقافي في بيروت ، قد دفعهم الاستماع إلى قصص الناجيات للبكاء، بينما خرج البعض الآخر قبل انتهاء العرض.

وتُوضح سليمان: "ليس لدينا مساحة كافية للحديث عن هذه القصص في الكثير من الأحيان. نسمع هذه القصص على موقع "الفيسبوك"، أو على التلفزيون، ولكننا لا نواجه هؤلاء الناس في حياتنا." واضافت: "المجتمع المدني في لبنان يبدو مصمماً على إعطاء المرأة منصة أكبر لمكافحة الممارسات الاجتماعية التي ينظر إليها على أنها ذات طابع جنسي".

وخلال الشهر الماضي، ناشد نشطاء حقوق المرأة مقاطعة قناة "MTV" اللبنانية، بعد أن بثت مقابلة مع محمد النحيلي، الزوج القاتل لمنال عاصي البالغة من العمر 33 عاماً، في برنامج حول السجناء اللبنانيين حمل عنوان "عاطل عن الحرية". وانتقد الناشطون ما قالوا إنه تصوير متعاطف بشكل مفرط مع الرجل الذي ضرب عاصي حتى الموت. وفي المقابلة التي أجراها، قال نحيلي إنه "نادم" على جريمة القتل في عام 2014 ويتوق إلى "العودة إلى الوراء حتى لا يقوم (هو) ولا منال بالخطأ".

كما تضمنت الحلقة أيضاً ممثلة تصور منال من وراء القبر، تحث المنظمات غير الربحية والمحامين على "التوقف عن التحدث نيابة عنها"، لتقترح أنه كان بالإمكان تجنب القتل لو أنها هي ومحمد فقط "تحدثا عن مشاعرهما".

وعلّقت مجموعة حقوق المرأة "كفى" على "فيسبوك" بإشارة إلى الحلقة التي بثتها قناة "MTV" بعبارة: "من الواضح بلا شك أن الهدف من هذه الحلقة،  مهما كان النفي، هو تبرير القتل من خلال تركيز المقابلة على حالة الغضب التي كانت تسيطر على محمد النحيلي". وأضافت: "لُخصت القضية كجريمة يتحمل فيها الطرفان مسؤولية متساوية".

من جهتها، قالت قناة "MTV" إنها عاملت النحيلي بالطريقة ذاتها التي عاملت فيها السجناء الآخرين، في برنامج "عاطل عن الحرية". وقال مقدم البرنامج سمير يوسف لـ سي إن إن، : أن "البرنامج أتاح الفرصة لقاتل منال عاصي، بالتكلم بالطريقة ذاتها، كما الفرصة التي قدمت لـ90 سجيناً قبله. وقد قدموا جميعًا الأسباب والظروف التي أدت بهم إلى ارتكاب الجرائم المختلفة ، بما في ذلك الجرائم العائلية."

وقال مقدم البرنامج سمير يوسف في تصريح لشبكة سي.ان.ان."تزامنت حالة منال عاصي مع جهود المنظمات غير الربحية لتطوير قوانين حقوق المرأة. لذا ، كان من الطبيعي أن تتسبب هذه الحلقة  في ردود الفعل هذه، خاصة أن القاتل محمد كان يتحدث إلى وسائل الإعلام لأول مرة منذ ارتكاب الجريمة ".


اقرا ايضا :تنظيم مسيرة نسائية بالملابس الداخلية في العاصمة الأيرلندية

قد يهمك ايضا :توقيف شخصَيْن في مدينة أغادير لتورّطهما في قضية تتعلّق بالاحتجاز والاغتصاب

:

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

جدل في ألمانيا حول مستقبل مليون لاجئ سوري قبيل…
الولايات المتحدة تحقّق في رفض موانئ إسبانيا استقبال سفن…
واشنطن ترفض بناء قاعدة عسكرية إسرائيلية دائمة في غزة
منظمة الفاو تؤكد أن فرص توافر الغذاء في أدنى…
الجيش الإسرائيلي أنشأ 19 قاعدة عسكرية في قطاع غزة

اخر الاخبار

ابن كيران يدعو لتوضيح تعديلات مدونة الأسرة ويرفض حرمان…
حموشي يُنوه بنجاح بروتوكولات الأمن المواكبة لاحتفالات قدوم السنة…
وزير العدل المغربي يُقاضي الصحفي هشام العمراني بتهمة القذف
وزير الداخلية المغربي يؤكد تعرض ضحايا زلزال الحوز بعدة…

فن وموسيقى

المغربية جنات تكشف عن موقفها من إجراء عمليات التجميل…
لطيفة أحرار تؤكد أن الجمهور الذي يعرفها فقط كفنانة…
وفاة الأب الروحي للأغنية الشعبية في مصر أحمد عدوية…
لطفي بوشناق يقدّم أغنية لبيروت ويتضامن مع المدينة الجريحة…

أخبار النجوم

سيمون تتحدث عن بداية دخولها الوسط الفني وعلاقة مدحت…
محمد سعد يكشف سر تغيير نوعية أدواره في الدشاش
شيرين عبدالوهاب تحمس جمهورها لأغنيتها الجديدة "بتمنى أنساك"
نانسي عجرم تكشف تطورات فيلمها الجديد مع عمرو دياب

رياضة

المغربي حكيم زياش يشترط على غلطة سراي الحصول على…
البرازيلي فينيسيوس جونيور يُتوج بجائزة غلوب سوكر لأفضل لاعب…
المغربي أيوب الكعبي ضمن قائمة أفضل هدافي الدوريات الأوروبية
محمد صلاح بين الانتقادات والإشادات بسبب صورة عيد الميلاد…

صحة وتغذية

وزير الصحة المغربي يُطالب باليقظة لمواجهة مضاعفات داء الحصبة…
دراسة تكشف أن أمراض القلب تُزيد من خطر الإصابة…
المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع
نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

الأخبار الأكثر قراءة

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7…
منظمة الغذاء العالمي تكشف أن إسرائيل تقيد عمل المخابز…
اعتقال عاصف رحمن المسؤول في الـ "سي آي أيه"…
أميركا لن تغير سياستها بشأن نقل الأسلحة إلى إسرائيل
مكتب نتنياهو يواجه 5 قضايا بعضها قيد التحقيق