بيونغ يانغ - المغرب اليوم
من أرض التباينات والصمود، خرجت كوريا من ظلال الشدائد لتصبح واحدة من أكثر الدول تقدما من الناحية التكنولوجية في العالم، وعلى الرغم من الماضي الحافل بالغزوات والمظالم، فقد حولت الأمة الكورية التحديات التي واجهتها إلى فرص، وأظهرت عزيمة استثنائية وعملا جادا.
واستغل الشعب الكوري هذه التحديات كعوامل محفزة لتنمية بالبلاد بدلا من الاستسلام لثقل هذه الصعوبات، كما خلقت ندوب الماضي عزيمة لا تتزعزع وإرادة للنجاح رغم كل الصعاب.
الصحوة الاقتصادية
خرجت كوريا من حرب سنوات الخمسينيات منهكة اقتصاديا ومحرومة من الموارد الطبيعية مثل الغاز والنفط، غير أنها اتخذت خياراً جريئاً من خلال التركيز والرهان على رأس المال البشري، واعتبار التعليم والتكوين ركيزتان أساسيتان للنهضة الاقتصادية، كما شجعت الحكومة الاستثمار في التعليم، مما مهد الطريق أمام اليد العاملة المؤهلة التي من شأنها أن تصبح محركا للنمو.
ويتردد صدى العبارة الشهيرة التي قالتها المرشدة سارة مثل شعار وطني في كوريا: “لم يكن لدينا خيار آخر سوى العمل بجد والعمل بجدية أكبر من الآخرين”. أخلاقيات العمل الجاد هذه كانت حاسمة في التحول الاقتصادي للبلاد، حيث خلقت ساعات العمل الطويلة والالتزام بالتميز بيئة مواتية للابتكار والإنتاجية.
الابتكار التكنولوجي
لقد برزت كوريا كعملاق عالمي في مجال التكنولوجيا، حيث أصبحت شركات مثل “إل جي” رائدة في مجالات تخصصها. وقد أدى الاستثمار الضخم في البحث والتنمية إلى ظهور تقدم ثوري، مما دفع الأمة الكورية إلى قمة السلم العالمي في مجال تكنولوجيا المعلومات والإلكترونيات والسيارات، وبهذه الروح التكنولوجية، أتيحت الفرصة لمصادر مشاهدة عالم “LG” المبتكر في العاصمة سيول، إحدى التكنولوجيات التي لفتت انتباهنا، والتي تستعد شركة “LG Electronics” لإطلاقها، هي تحالف الاتصال المنزلي (HCA).
في التفاصيل؛ هو منزل متصل يشبه مخبأ صغيرا، يسمح باتصال الأجهزة بين العلامات التجارية المختلفة بفضل المنصة المنزلية الذكية “LG ThinQ”.
وبالتالي، يتمكن المستهلكون من التحكم في الأجهزة من مختلف العلامات التجارية مثل “Samsung” و”Vestel” باستخدام تطبيق “ThinQ” البديهي وسهل الاستخدام، مما يوفر اتصالاً شفافا ومنزلًا أكثر ذكاءً وملاءمة.
وبفضل التزامها القوي بابتكار تجربة العملاء، ارتبطت LG”” بعلامات تجارية أخرى لجلب البساطة الأنيقة للتوافق بين العلامات التجارية إلى الأسواق العالمية الكبرى، خاصة كوريا والولايات المتحدة وأوروبا، حيث ستغطي الشراكة مبدئيا فئات منتجات الأجهزة المنزلية الرئيسية، مثل الغسالات والمجففات وغسالات الأطباق، وستتوسع تدريجياً لتشمل أنواعًا أخرى من الأجهزة في المستقبل.
ويبقى الأمر الأكثر إثارة للدهشة في هذا “المنزل المتصل” من “LG”، هو التبني المعمم وواسع النطاق لمميزات “HCA 1.0” التي تسمح بمراقبة بالأجهزة المنزلية وحلول تكييف الهواء من علامات تجارية مختلفة والتحكم فيها باستخدام تطبيق واحد.
وعن طريقة استعمال تطبيق “ThinQ”، يحتاج المستخدمون فقط إلى تسجيل منتجاتهم المتوافقة، وبعد ذلك يصبحون مستعدين للاستمتاع بسهولة وحرية إدارة وتدبير الأجهزة الشاملة. على سبيل المثال، لن يضطر أولئك الذين يتوفرون على غسالة “LG” وغسالة أطباق “Samsung” في المنزل إلى التبديل بين التطبيقات لضبط دورة الغسيل وإعدادات التنظيف المفضلة لديهم.
حقق مجيء الاتصال بين العلامات التجارية رؤية “HCA” لتجربة منزل ذكي وموحد، التي تأسست في يناير 2022 وتضم مصنعي حلول التشغيل الآلي للمنزل، وتهدف “HCA” إلى ضمان إمكانية التشغيل البيني القائم على السحابة بين منصات المنزل الذكي للشركات الأعضاء.
تعمل “LG” بشكل وثيق مع الشركات المصنعة للأجهزة المنزلية الأخرى، باعتبارها عضوًا في مجلس إدارة التحالف، لتعزيز اعتماد وتبني مواصفات “HCA 1.0″، بهدف أساسي هو تحسين راحة المستخدمين.
وبالإضافة إلى التزام “LG” بتوسيع النظام البيئي للمنزل الذكي، تدعم بنشاط عمل تحالف معايير الاتصال (CSA)، وهي المنظمة العالمية المتخصصة في تطوير بروتوكولات التواصل المفتوحة لأجهزة التشغيل الآلي للمنزل.
كما ساهمت “LG” في تطوير وتوحيد “Matter Protocol”، وهو معيار اتصالات إنترنت الأشياء المنزلي استنادًا إلى بروتوكول الإنترنت، بقيادة “CSA”.
وفي هذا الصدد، قال جونغ كي هيون، نائب الرئيس التنفيذي مسؤول مركز أنشطة المنصات: إن “LG ThinQ” تتيح نظامًا بيئيًا مترابطًا بطريقة شفافة ستوفر تجارب منزلية ذكية جديدة للعملاء في جميع أنحاء العالم.
افادت مصادر انها زارت المنزل المتصل لـ “إل جي” وطرحت أسئلة على المسؤولين على إطلاق هذا المنتج الجديد بالمغرب، وأكدوا لها أن المنزل الذكي سيتم تسويقه في المرحلة الأولى بكوريا قبل أن يتم طرحه تدريجيا في بلدان وقارات أخرى.
وفي حالة ارتفاع الطلب، يمكن لـ “إل جي” تسليم المنزل المتصل مباشرة في المكان والموقع المطلوبين من قبل الزبون، وتكمن أصالته في كونه مصنعا معدا مسبقا يتم وضعه في المكان الذي يختاره العميل دون الحاجة إلى بناء إضافي.
بمعنى آخر، إذا كنت تمتلك أرضًا بجوار البحر أو وسط غابة، وترغب في تجنب متاعب مقاولي البناء والعقارات، فيمكن لشركة “LG” أن توفر لك منزلًا متصلاً وجاهزا للاستعمال.
وسط هذا النجاح تكمن قدرة كوريا على الدمج المتناغم للتقاليد والمعاصرة، مع الحفاظ على الثقافة الكورية الغنية بالتاريخ والقيم واحتضانها للتقدم التكنولوجي في تآزر فريد يرتكز فيه الابتكار على هوية ثقافية عميقة.
لقد استطاعت كوريا أن تتغلب على تجارب ماضيها، مجسدة قوة صمود وابتكار. لقد شكل هذا التاريخ شهادة ملهمة عن الكيفية التي يمكن بها لبلد ما أن يتعافى وينهض، ويعيد اكتشاف نفسه، ويبرز كزعيم عالمي، حتى بدون موارد طبيعية وفيرة. ومن خلال مزاوجتها بين التقاليد والحداثة، تواصل كوريا أسر العالم بثقافتها المغرية ومكانتها البارزة في مجال التكنولوجيا، مما يثبت أن المثابرة يمكن أن تحول التحديات إلى انتصارات غير عادية.
قد يهمك ايضـــــا :
المغربي إبراهيم الموساوي نموذج ناجح في مجال تطوير تكنولوجيا المعلومات