كابول – المغرب اليوم
ترك نسيم عامري عمله في بيع الخضار ليحمل السلاح دفاعاً عن مسجد حيه في كابول وينضم إلى مئات المدنيين الذين جندوا لحماية المساجد والمقار الدينية الشيعية قبل مراسم عاشوراء السبت.
يستعد الشيعة في مختلف أنحاء أفغانستان الغارقة في الحرب للتصدي لهجمات يتوقعون أن تشنها حركة طالبان وتنظيم الدولة الإسلامية اللذين استهدفا الأقلية الشيعية مرارا في السنوات الماضية.
وبعد تعرضها لانتقادات عديدة جراء فشلها في حماية الأقلية التي تعد نحو ثلاثة ملايين نسمة في البلد ذي الغالبية السنية، اتخذت الحكومة هذه الخطوة غير المسبوقة لتدريب وتسليح نحو 400 مدني للمشاركة في حماية مساجد كابول.
هذه البادرة التي قد تشمل مدنا أخرى وانتقدها بعض الأعيان لعدم كفايتها، تسلط الضوء على ضعف قوات الأمن الأفغانية التي تكافح من أجل التصدي لهجمات طالبان وجماعات إسلامية أخرى.
يعيش عامري البالغ من العمر 43 عاما بالقرب من مسجد باقر العلوم الذي تعرض لاعتداء السنة الماضية، وهو يعرف "تقريبا كل المصلين الذين يؤمونه".
ويقول عامري الذي يرتدي قميصاً تقليدياً طويلاً وسلواراً فضفاضاً "سأتصدى لأي تهديد، لا يخيفني الموت فداءً لأهلي".
ويضيف "علينا كمسلمين أن نتردد على الحسينية خلال شهر مُحرم ولذلك نحتاج للأمان".
- الناس خائفون -
وشهد يوم عاشوراء في السنوات الماضية هجمات دامية مثلما حدث في سنة 2011 عندما فجر انتحاري سترته الناسفة بين جمع من المشاركين في الذكرى في أكبر مساجد الشيعة في كابول فقتل ثمانين شخصا بينهم نساء وأطفال.
ووجه المسؤولون الأفغان اصابع الاتهام إلى جماعة عسكر جنقوي الباكستانية. وبعدها بسنة تقريباً قالت شرطة كابول إنها أوقفت عنصرين من طالبان يضعان سترتين ناسفتين قبل أن يفجرا نفسيهما بين المصلين الشيعة.
وفي تشرين الأول/اكتوبر 2016، دخل مسلحون إلى مسجد كارتي ساخي قرب جامعة كابول وقتلوا 18 شخصا تجمعوا لإحياء ذكرى عاشوراء، في اعتداء تبناه تنظيم الدولة الإسلامية.
وفي اليوم التالي قتل 14 شيعياً على الأقل في تفجير استهدف مسجداً في شمال أفغانستان. وبعد ذلك باسابيع استهدف مسجد باقر العلوم تفجير انتحاري تبناه تنظيم الدولة الإسلامية وأوقع عشرات القتلى وخلف أضرارا جسيمة في المبنى.
استغرقت أعمال إصلاح المسجد ثمانية أشهر وهو أحد أكبر مساجد كابول لكن الجراح التي خلفها التفجير أصعب من أن تندمل.
ويقول محمد علي عارفي إمام المسجد لفرانس برس إن "عدد المصلين الذين يأتون اليوم اقل بكثير مقارنة مع ما كان عليه قبل الاعتداء".
ويضيف إن "ثلث الناس تقريباً خائفون وما عادوا يلتزمون بمواعيد الصلاة".
- تشديد الأمن -
ومن بين الذين واظبوا على المجيء للصلاة سيد صادق حسيني البالغ من العمر ثمانين عاما والذي نجا من المذبحة.
ويقول حسيني لفرانس برس "لا يمكن لأحد أن يمنعني من المجيء إلى المسجد. ستكتب لي الشهادة إذا قتلت في المسجد وأنا أصلي".
تم تعزيز التدابير الأمنية حول المسجد حيث يخضع الداخلون إليه للتفتيش وكلف بحراسته خمسة شرطيين وخمسة من الحراس المدنيين.
ويقول سراج دانيش عضو مجلس إدارة مسجد باقر العلوم "ليس لدينا خيار سوى تسليح أهلنا لحماية مساجدنا لأن قوات الأمن منهمكة تماماً في المعارك".
ويقول عارفي إنه قرر أن تنحصر فعاليات عاشوراء في المسجد وباحته بدلاً من تسيير مواكب في الشوارع مثلما درجت عليه العادة، لخفض فرص شن هجمات.
ولكن إمام المسجد البالغ من العمر 67 عاماً كان يأمل أن تكون لدى الحكومة خطة أفضل من مجرد تسليح المدنيين لحماية المساجد.
ويقول "لا أظن أن تسليح خمسة من الأهالي سيحسن الأمن كثيراً في المساجد"