لندن - المغرب اليوم
تساءل الكاتب البريطاني جوناثان جونز، عما تعنيه المزاعم الخاصة بعلاقة المرشح الجمهوري دونالد ترامب بروسيا، ودورها في سباق الرئاسة الأمريكية.
وأعاد جونز - في مقاله بمجلة "النيوستيتسمان" - بالأذهان إلى عام 2012، عندما سخر باراك أوباما من منافسه الجمهوري ميت رومني، جراء وصف الأخير روسيا بـ "العدو الجيوسياسي" رقم واحد للولايات المتحدة.
وتساءل الكاتب قائلا"كيف تغيرت الأمور في غضون أربع سنوات فقط؟"، راصدا رغبة الديمقراطيين اليوم في الترويج لأن الروس هم الأشرار وأن المرشح الجمهوري يتودد إليهم.
ولفت جونز إلى أن هيلاري كلينتون وفريقها ركزوا على الاستحسانات المتبادلة العديدة المرصودة بين ترامب وفلاديمير بوتين في ديسمبر الماضي، حيث وصف بوتين ترامب بأنه "شخص لامع جدا، وموهوب بلا أي شك"، ورحب برغبة الأخير في علاقات أقرب مع روسيا.. وفي المقابل، ردّ ترامب على إطراء بوتين له بأن قال عندما سُئل عن قيام بوتين بـ "قتل الصحفيين، والخصوم السياسيين، واجتياح الدول"، أجاب ترامب: "بوتين يدير بلده وهو على الأقل قائد، وليس كمن لدينا في الولايات المتحدة".
ورأى الكاتب أن ترامب في الحقيقة قد تباهى بعلاقته مع بوتين كإحدى أوراق اعتماده على صعيد السياسة الخارجية، حيث قال عن بوتين: "أعرفه جيدا وأستطيع كرئيس أن أتعامل معه بنجاح".
ورصد جونز تكهنات أثيرت مؤخرا عن محاولة روسيا لتيسير وصول ترامب إلى البيت الأبيض، وقبيل انعقاد مؤتمر الحزب الديمقراطي لترشيح كلينتون الشهر الماضي، نشرت "ويكيليكس" أكثر من 19 ألف رسالة إلكترونية مسروقة من أجهزة حواسب اللجنة الوطنية الديمقراطية، وقد أشار خبراء بأصابع الاتهام إلى روسيا في عملية القرصنة.
وشجع ترامب، قراصنة الإنترنت الروس على إنجاز المزيد في هذا الصدد قائلا: "روسيا.. إذا كنتم تستمعون، آمل لو استطعتم نشر الـ 30 ألف رسالة إلكترونية الباقية .. أظنكم ستكافأون بقوة من صحافتنا".
ورأى صاحب المقال أنه من السهل الوقوف على سبب تفضيل بوتين لترامب في البيت الأبيض على كلينتون، حيث أشاد ترامب بهجمات روسيا على المعارضين السوريين دفاعا عن نظام الأسد، وشجع ترامب على المزيد، كما اقترح ترامب أن تترك الولايات المتحدة للبلدان الأوروبية مهمة التصدي للعدوان الروسي على أوكرانيا، فضلا عن قول ترامب إنه لو كان رئيسا، إذن فإن الولايات المتحدة ما كانت لتضطر للوفاء بالتزاماتها في الدفاع عن أعضاء آخرين بحلف الناتو ضد هجوم من روسيا: "لو كنت رئيسا لكنت على استعداد مطلق لأن أقول لهذه البلدان.. تهانينا، ستدافعون عن أنفسكم".
وعلى الصعيد الاستخباراتي، كتب مايكل موريل نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية السابق قائلا: "يمكننا القول أن بوتين قد جنّد ترامب كعميل عفوي للاتحاد الروسي".
وتابع جوناثان جونز قائلا إن نزعة ترامب الانعزالية تلقى بعض الاستحسان بين قطاع من الشعب الأمريكي المرهق من تكاليف التدخل الخارجي سواء كانت تكاليف مادية أم بشرية.
في شهر أبريل الماضي، أظهر مركز أبحاث "بيو" أن نسبة 41 % من الأمريكيين يعتقدون أن "الولايات المتحدة تقوم بأكثر مما يلزم في مساعدة حل مشاكل عالمية"، وأن نسبة 57 % يريدون لأمريكا بلدهم أن تتعامل مع مشكلاتها وأن تدع البلدان الأخرى تتعامل مع مشكلاتها على قدر استطاعتها.. وفي العام الماضي، قالت نسبة لا تزيد عن 49 % من الأمريكيين إنهم ينظرون نظرة إيجابية لحلف الناتو.
ومع ذلك، فإن موقف ترامب المناصر لروسيا لا يقابل بشعبية؛ وقد ازدادت وجهة النظر الأمريكية تجاه روسيا سوءا بشكل دراماتيكي منذ عودة بوتين للرئاسة عام 2012، حيث ازدادت نسبة الناظرين لروسيا بشكل سلبي بين الأمريكيين من 44 % إلى 65 %، طبقا لاستطلاعات رأي أجرتها منظمة "جالوب".
وأشار الكاتب إلى أن نسب الاستياء بين الأمريكيين تجاه روسيا على مدار السنوات الثلاث الماضية سجلت أعلى معدلاتها منذ الحرب الباردة، وأظهر مركز أبحاث "بيو" أن نسبة 56 % من الأمريكيين يعتقدون أن الولايات المتحدة ينبغي أن تستخدم القوة العسكرية للدفاع عن أي بلد عضو في حلف الناتو ضد أي اعتداء روسي، فيما تعتقد نسبة 37 % أنه لا ينبغي على الولايات المتحدة عمل ذلك.
وقال جونز إن ترامب كعادته عندما أدرك أن تعليقاته قد تضر بفرصه الانتخابية، حاول التبرأ منها، قائلا " كنت أمزح عندما طلبت من روسيا أن تسطو على بريد كلينتون الإلكتروني".. وفي مقابلة مع الصحفي والسياسي الأمريكي جورج ستيفانوبولوس، أعلن ترامب أنه لا علاقة له ببوتين، وأنكر مزاعمه السابقة في هذا الصدد.
وعلى الجانب الآخر، أكد الكاتب أن حملة كلينتون تسعى إلى التركيز على تصريحات ترامب حول روسيا، في محاولة لتقديم ترامب على أنه مرشح كفيل بتعريض الأمن القومي للخطر، وأنه جاهل بشئون العالم، وأنه يكذب باستمرار ويغير أقواله.