واشنطن - المغرب اليوم
بينما كانت الأنظار في أنحاء الولايات المتحدة تتجه إلى النتائج النهائية للانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي، ترقب محافظو الحزب الجمهوري في مقاطعة لانكاستر الريفية بولاية بنسلفانيا نتائج إقبالهم الكثيف الثلاثاء، على صناديق الاقتراع، أملاً في القضاء على «الفرصة الذهبية» للديمقراطيين الذين اجتهدوا خلال الأسابيع الأخيرة من أجل الاحتفاظ بالسيطرة على مجلس الشيوخ، في وقت بدا فيه مجلس النواب أقرب إلى سيطرة الجمهوريين.
وفي ظل إقبال كثيف على التصويت منذ الصباح الباكر، بدا مقعد مجلس الشيوخ في بنسلفانيا، وهو واحد من المقاعد الـ35 التي تخضع لهذه الانتخابات النصفية، أكثر أهمية من سواه؛ لأن أكثرية المقاعد الـ34 المتبقية تبدو محسومة، ويمكن أن تبقى على حالها، مما يعني أن الديمقراطيين سيسيطرون على 51 مقعداً إلا إذا حصلت مفاجآت غير مستبعدة في ولايات أخرى؛ مثل نيفادا وأريزونا وجورجيا وويسكونسن ونيوهامشير وأوهايو. ولهذا لم يدخر أي مسؤول في الحزب الديمقراطي، بما في ذلك الرئيس جو بايدن، أي جهد في السعي إلى تأمين فوز مرشحهم جون فيترمان؛ ليحل مكان السيناتور الجمهوري المتقاعد بات تومي.
ويلقى فيترمان كثيراً من الدعم في أوساط أبناء المدن الرئيسية مثل فيلادلفيا، حيث النسبة الأكبر من المتعلمين، ومن يوصفون بأنهم «تقدميون»، بينما يميل المقيمون في الريف إلى التعلق بالقيم الدينية الإنجيلية والعادات الاجتماعية المحافظة، بما في ذلك تأييدهم القوي لـ«الحق في الحياة» مقابل اعتراضاتهم القديمة على حق الإجهاض، فضلاً عن تذمرهم من الأوضاع الاقتصادية التي ازدادت تفاقماً في ظل موجة التضخم الكبرى تحت إدارة الرئيس بايدن. ولم تخل هذه التقاليد دون المجاهرة بدعم مرشح الجمهوريين محمد أوز، الذي يمكن أن يصير أول سيناتور مسلم في تاريخ مجلس الشيوخ الأميركي.
وبينما وضع الحزب الجمهوري كل ثقله وموارد ضخمة بشرياً ومالياً في محاولة لدفع «موجة حمراء» (لون الحزب) من المؤيدين أملاً في انتزاع السيطرة على مجلس النواب، الذي يتألف من 435 مقعداً، خضعت كلها لهذه الانتخابات النصفية، يمكن أن يشكل فوز أوز، الذي يحظى بدعم من الرئيس السابق دونالد ترمب، ضربة قاصمة لآمال بايدن في الاحتفاظ بالسيطرة على مجلس الشيوخ الذي يتألف من 100 سيناتور. بين وفيما ظلت الاستطلاعات تظهر سباقاً متقارباً بين فيترمان وأوز، حذر الديمقراطيون من استعجال النتائج في وقت مبكر؛ لأن أكثر من 10 في المائة من الناخبين اقترعوا في وقت مبكر أو بالبريد (نحو مليون ومائة ألف ناخب من أصل ثمانية ملايين مسجلين في بنسلفانيا). ودعت الناطقة السابقة باسم البيت الأبيض جين ساكي، الثلاثاء، إلى عدم الاحتفال مساء بأي نتيجة لأنها «قد تكون مضللة»، موضحة أن 70 في المائة ممن انتخبوا مبكراً من أنصار الحزب الديمقراطي، مما يعني عملياً أن الانتخاب البريدي يمكن أن «يؤجل» إعلان النتائج في هذه الولاية.
ويجد المرشحان على مقعد مجلس الشيوخ في بنسلفانيا نفسيهما على مسافة متباعدة جداً من بعضهما بعضاً، إذ جاء أوز (62 عاماً)، وهو جراح قلب من أصول تركية تحول إلى مقدم برنامج شهير بعنوان «دكتور أوز» (واسمه الحقيقي محمد عثمان)، إلى الولاية التي أصبحت ساحة معركة رئاسية بعدما انتقل من منزله القديم في نيوجيرسي المجاورة. وهو بالكاد فاز في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري. ترك أوز، وهو مبتدئ في السياسة، حياته المهنية الرابحة في التلفزيون أثناء النهار من أجل السياسة في ولاية جديدة، وحصل على دفع قوي من الرياح السياسية المعاكسة ضد الديمقراطيين، مثل ارتفاع التضخم. ومع ذلك، كافح من أجل إقناع المحافظين بأنه واحد منهم أثناء حملته الانتخابية لكسب ناخبين متأرجحين في الضواحي، وإبعاد الناخبين السود واللاتينيين الذين يميلون بشدة إلى الديمقراطيين.
أما فيترمان (53 عاماً) فحمل شعاره «كل مقاطعة، كل صوت»، آملاً بإعادة الحزب الديمقراطي إلى المناطق الريفية. وتعهد بأن يكون «التصويت 51» (من الأصوات الـ100 في مجلس الشيوخ) من الديمقراطيين لتمرير تشريع يحمي حقوق الإجهاض والزواج من الجنس نفسه، وإنشاء النقابات، بالإضافة إلى رفع الحد الأدنى للأجور، ووصف أي تصويت لأوز بأنه «تصويت لحظر الإجهاض»، واصفاً المرشح المنافس بأنه «بائع تلفزيوني عديم الروح كان يبيع مكملات صحية عديمة الفائدة من أجل المال، وسيقول أو يفعل أي شيء لانتخابه».
وكان فيترمان، بصفته نائب حاكم بنسلفانيا منذ عام 2019 شرع في إطلاق المسجونين أو الذين أُعيد تأهيلهم أو الأبرياء. لكنه أعطى بذلك ذخيرة للجمهوريين الذين غالباً ما اتهموه بأنه «يحرر المجرمين الخطرين للتجول في الشوارع». كما تحدى أوز فيترمان بشأن ما إذا كان صادقاً بشأن آثار الجلطة الدماغية التي أصابته في مايو (أيار) الماضي، وتحداه أن يعلن سجلاته الطبية. ورفض فيترمان هذا الطلب، وكذلك السماح لأطبائه بالإجابة عن أسئلة المراسلين.
3 مقاعد نيابية
وبالإضافة إلى مقعد مجلس الشيوخ هذا، تشهد بنسلفانيا ثلاثة سباقات محتدمة للمنافسة على تمثيل الولاية في مجلس النواب.
ويجد النائبان الديمقراطيان مات كارترايت عن منطقة سكرانتون، وسوزان وايلد في ليهاي فالي نفسيهما في منافسة جديدة مع المرشحين الجمهوريين اللذين تفوقا عليهما بفارق ضئيل قبل عامين. أما المقعد التنافسي الثالث في شمال بيتسبرغ فيتكون بشكل كبير من الناخبين الذين اقترعوا للنائب الديمقراطي كونور لامب خلال الفترتين الماضيتين. وشغر هذا العام عندما اختار لامب عدم السعي إلى انتخابه، بعدما قام بمحاولة فاشلة للحصول على ترشيح حزبه لمجلس الشيوخ.
وفي أماكن أخرى من الولاية، لم يواجه اثنان من الجمهوريين الحاليين أي معارضة، وهما النائبان غاي ريشينثالر عن جنوب بيتسبرغ، وجون جويس في منطقة مترامية الأطراف تمتد من غيتيسبيرغ إلى جونزتاون.
وسيختار الناخبون حاكماً جديداً لبنسلفانيا بين الديمقراطي جوش شابيرو، والجمهوري دوغ ماستريانو، في معركة يتوقع أن تضع حقوق الإجهاض على المحك، بالإضافة إلى إدارة الانتخابات الرئاسية عام 2024 في ولاية متأرجحة، وغالباً ما تكون حاسمة. وحطم شابيرو، المدعي العام المنتخب للولاية لفترتين، سجل تمويل الحملات الانتخابية في بنسلفانيا خلال حملة قوية لعام واجه فيه الديمقراطيون رياحاً معاكسة على الصعيد الوطني. أما ماستريانو، فهو عقيد متقاعد في الجيش وسيناتور الولاية، ويُعتبر مبتدئاً سياسياً نسبياً. وقد أدار حملة يمينية متشددة. وبينما تشير الاستطلاعات إلى أن شابيرو يتقدم على ماستريانو، بقيت الأعصاب مشدودة لمعرفة النتائج النهائية.
قد يهمك ايضاً