كويتا ـ المغرب اليوم
قضى الانتحاري الذي قتل 72 شخصا في بلوشستان، على جيل من المحامين الذين كانوا يسعون الى احقاق العدالة في هذه المنطقة الشاسعة الواقعة في جنوب غرب باكستان وتواجه حركات تمرد وقمعا عسكريا قاسيا.
والاعتداء الذي اعلن فصيل من حركة طالبان وجهاديو تنظيم الدولة الاسلامية مسؤوليتهم عنه، استهدف على ما يبدو المحامين الذين يشكلون نقابة صغيرة متراصة في كويتا.
وتم تفجير القنبلة في مستشفى توافدت اليه اعداد كبيرة من المحامين بعد اغتيال نقيب محامي الاقليم قبل ساعات. وتسبب الانفجار في مقتل عدد كبير من الاشخاص.
وقال عطا الله لانغوف الامين العام السابق لنقابة محامي بلوشستان "خسرنا كل قادتنا"، معربا عن الاسف "لحصول فراغ لن يتم ملؤه في حياتنا".
وفي بلوشستان اكبر الاقاليم الباكستانية وافقرها، يتسبب عدد كبير من المجموعات الاسلامية المسلحة، والطائفية او الانفصالية، بأعمال عنف، وتعتبر السلطات فاسدة ويتهم الجيش بارتكاب تجاوزات.
وتبقى المنطقة غامضة على الصعيد الاعلامي، لان الصحافة الدولية لا تستطيع الى حد كبير الوصول اليها فيما يقوم الصحافيون المحليون بممارسة مهنتهم فيها وسط ظروف بالغة الصعوبة. وقتل اثنا عشر منهم منذ 2008، كما تقول منظمة العفو الدولية، لكنها لم تحتسب الذين قتلوا الاثنين.
وادت استثمارات صينية كبيرة تهدف الى اقامة اتصال على صعيدي الطرق والطاقة بين غرب الصين وبحر العرب، الى زيادة الضغوط، لأن هذا المشروع بات رهانا كبيرا للجيش وهدفا للانفصاليين.
وفي هذه الظروف يلعب المحامون دورا مهما لكشف التجاوزات والانتهاكات. وهم يستهدفون باستمرار بعمليات اغتيال محددة الاهداف او هجمات على نطاق اصغر. واعتداء الاثنين الذي اسفر عن مقتل 72 شخصا يشكل المحامون القسم الاكبر منهم، هو اول عملية قتل بهذا الحجم يتعرض لها قطاع المحامين.
- ضرب المجتمع المدني -
ومن بين ضحايا الهجوم، خمسة اشخاص كانوا من كبار وجهاء المجتمع المدني في بلوشستان.
وكان المحامي سونغات جمال الدين عضوا في لجنة حقوق الانسان في باكستان، وهي منظمة مستقلة ناشطة جدا حول مسائل عديدة منها المفقودون في بلوشستان.
ومنذ سنوات، تنتقد منظمات دولية للدفاع عن حقوق الانسان، تجاوزات قوات الامن في بلوشستان، المتهمة بـ "اخفاء" الاف الاشخاص ولاسيما الناشطون الانفصاليون الذين لا يمارسون العنف. ويرفض الجيش الذي يصف الانفصاليين بأنهم "ارهابيون" هذه الاتهامات.
وناضل المحامي جمال الدين العضو الناشط في النقابة، ونجل احد اعضاء مجلس الشيوخ، من اجل حقوق النساء ايضا، وهي معركة طويلة في هذا البلد المحافظ.
اما المحامي الشاب عدنان قاسي الذي تدرج في لندن مطلع الالفية الثالثة، فأصبح اصغر مسؤول لكلية الحقوق في كويتا، حيث قدم عددا كبيرا من التدابير التي تستهدف المحسوبية والتزوير.
وقد أسس مكتبه الخاص، وقام بمرافعات في المحكمة العليا، واعتبر مرشحا لانتخابه امينا عاما لنقابة المحامين خلال انتخابات مقررة منتصف آب/اغسطس.
من جهته، كان باز محمد بكر أحد اوائل المحامين من بلوشستان الذين يدينون بالولاء لرئيس القضاة السابق افتخار محمد شوداري. وكان شوداري ابرز وجوه التحرك الذي جرى من 2007 الى 2009 وادى الى اعادة قضاة اقالهم الديكتاتور العسكري السابق برويز مشرف الذي كان يحاول العودة الى الحكم.
وكان بين الضحايا عدد كبير من الصحافيين ايضا، ومنهم مأمون همدرد. وكان هذا الحارس السابق الذي يتحدر من عائلة متواضعة عمل حارسا لشبكة تلفزيون مجموعة "دون" (الفجر)، ثم انتقل الى الصحافة. وما لبث ان تابع دروسه واصبح مصورا.
واقترن، كما ينص التقليد، بزوجة اخيه بعد وفاة شقيقه البكر. وكان مسؤولا عن سبعة اطفال، هم ابناؤه وابناء شقيقه الاربعة.