الرئيسية » مقابلات
الفنان أسامة الرحباني

بيروت- المغرب اليوم

عيد الموسيقى والذكرى الخامسة والثلاثون لرحيل عاصي الرحباني، مناسبتان لحوار فنان مثقف، من بعد ورؤية، ابن الجذور والمدرسة والإرث: أسامة الرحباني. تنظم صفحة «التجمع من أجل لبنان» الفيسبوكية من فرنسا، نقاشات كل ثلاثاء سعياً وراء الخلاص اللبناني. الوسيلة: تطبيق زوم»، رفيق الأوصال البشرية بعدما استبدت الجائحة. صنف اللقاءات سياسي، يطرح إشكالية التركيبة ويبحث عن حلول. هذه المرة، الكلمة للفنان، فيشرح العلة ويصب غضبه على المقسمين وقتلة الثقافة.

يمتد النقاش نحو ساعة ونصف ساعة، بإدارة إيلي حداد الخائف على لبنان من المهجر. يطرح ألان حردان الأسئلة، ويترك لأسامة الرحباني الاستفاضة في شرح الجرح. يرفض ابن منصور أن يكون لبنان الحقيقي ما نشهده اليوم: طوابير وذل ولهب. وعلى عكس خيبة البعض، يؤكد أن لبنان الرحابنة هو الوطن ساطع الحضور في العلا والسمو. وينطلق في الإبحار. جلسة ثقافة وفكر ورصانة، يمزج فيها الضيف مسارات التاريخ بالفن والموسيقى والجمال. يمر على السيستم الأميركي وازدواجية الديمقراطيات، ثم حرب فيتنام، فصعود حركة «الهيبيز»، حتى بدايات نشأة الكيان اللبناني وبناء المؤسسات مع فؤاد شهاب، وصولاً إلى التقاتل الداخلي، فالتمزق الطائفي والانهيار الحالي، متسائلاً: «أي تناقض هو اللبناني؟ كيف يعيش من الاثنين إلى الجمعة في الجحيم، ويتأقلم في الويك إند؟ شعب فظيع».

نشأ في منزل ديكوره من الكتب، والبيانو له مكانة كبيرة. تمر في ذاكرته صور والده منصور «المفكر الأكبر»، الغارق في أبحاث الفلسفة والتاريخ والسياسة والميثولوجيا واللاهوت. يخبر أن الأخوين رفضاً تورط أولادهما بالفن، وأرادا تجنيبهم الاحتراف المكلف. «يا أولادي، الفن هو التعاطي مع القلق. لا تكونوا فنانين». التواقون إلى الكمال معذبون. اصطياد الفكرة من العبث والمطلق، فتجسيدها على الورق، شقاء. ضريبة فهم المبهم باهظة.يفتخر بثلاث سنوات أمضاها في دراسة التاريخ بالجامعة اللبنانية، قبل السفر إلى أميركا. يطول النقاش بعبرة مسرح الأخوين ومحاكاتهما التراث والقرية، ثم مرحلة المسرح الملحمي، ومسرح المدينة، فمسرح ما بعد الحرب. «بعد رحيل عاصي، دمج منصور الحقول الفنية، فولد مسرح غنائي مختلف كلياً».

ينتج أسامة الرحباني أعماله، ويوضح: «الإنتاج ليس مالاً، هو أفكار». يلتهمه القلق الذي أراد الأخوان ألا يتجرع الأبناء سمه. فأسامة يتدخل في الشاردة والواردة، يلاحق الكوريغرافيا والديكور والملابس والموسيقى والإخراج. يتعب وربما يتعب. يرعبه «ثقل» الإرث: «إنت ابن مين؟»، فهو إن نجح، رد بعضهم النجاح للأصل، وما الفرع سوى مقلد؛ وإن أخفق، قارنوا بين الجيلين، فدلوا على تفوق الأول وتعثر الثاني. «كان المهم هو ما أريد قوله. ماذا أريد الموسيقى أن تقول؟ والصوت أن يقول؟». لذلك تنبه، فنهل من النبع وزينه بعطائه. بصم وشق طريقه نحو الهوية الخاصة.أمضى عاصي ومنصور العمر يتأملان الغيم على التلال ويراقبان فلسفة الطبيعة. يغادران منزلهما صباحاً، ويعودان ليلاً. من التفاصيل، شحنت أفكار عظيمة، نظماها في قالب شعري خالد. «أدخلا الفكر إلى الفن. جعلا للكلمة ثقلاً، وحملاها بعداً إنسانياً».

حين افتتح إيلي حداد النقاش، تحدث عن علمين للبنان: الأرزة والرحابنة. وقال إنهم كأبناء انتشار يقدرون الإرث ويثمنون المدرسة أكثر من أبناء الأرض. وقد يبدو هذا الرجل وسائر الحالمين أمثاله، «مسكيناً» بالنسبة إلى اليائسين والمكتوين في لبنان الحزين. كيف لا يزال ينشد وطناً نراه من الداخل مستحيلاً؟ أسامة الرحباني «واقعي» في «فضحه» التركيبة المريضة. يذكر بصفات العائلة: «نحن متمردون، رفضيون، نعنى بالإنسان ومشاكله أينما وجد». ويستعيد قولاً لمنصور: «ما مات رجل في العالم، إلا ومات بي». يتساءل إن علم الجمهور اللبناني أنه في صدد التحضير لمسرحية ضخمة، هل سيهتم؟ هل لديه المال لشراء التذكرة؟ وبأي سعر سنبيعها؟ أراد الأخوان مسرحاً للعامل الفقير وعائلته، قبل أثرياء الحال. «ونحن نريد ذلك، لكن كيف؟ هل بإمكان الموظف دفع ثمن التذاكر لأسرة كاملة؟». يروعه «التسطيح»: «لا يكفي القهر الاقتصادي، فابتلع التسطيح كل القطاعات. المعادلة ثابتة: إذا أردت قتل شعب، فاقتل ثقافته». اليوم يقتلون الثقافة والدواء والكرامات.

يسأله ألان حردان عن تصوره للخروج من الأزمة: «كيف ترى لبنان الغد؟». يا لقسوة السؤال! يتحرك غضب أسامة الرحباني وهو يتحدث عن منطق «النكاية» في تكوين السيستم اللبناني. يستعيد قولاً لوالده في مسرحية «عودة الفينيق»: «لبنان تعاسته موقعه، وسعادته موقعه». ألقه الخاص لعنة. كم يبدو الوطن الرحباني بعيد المنال، كعاشق تنهشة الوحشة في الغربة! ذات مرة، قال الصحافي رفيق خوري عن اللبناني أنه مستعد للذهاب إلى حرب أهلية، لكنه لا يثور. غريب نوعاً ما طرح من هذا النوع، يحرك مخيلة أسامة الرحباني: «حان الوقت ليتبع لبنان فكرةً، بدل الزعيم»! هنا فقر وتهريب وجريمة وإهانة، مع ولاء أعمى وهتافات. أراد الأخوان تربية «جيل المسرح»، وحاول الأبناء إكمال المسيرة. مبك المسرح اللبناني، كان ينقصه الكوفيد ليختنق. الأمعاء الخاوية تريد رغيفاً. الفن لا يسد الجوع.

قد يهمك ايضا:

المطربة هبة طوجي تثير غضب نادين الراسي بسبب تقليدها

هبة طوجي تطرح ثلاث أغنيات عبر تطبيق "أنغامي"

   

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

عبير صبري تتحدث عن كواليس عملها مع ريهام حجاج
عمرو سعد يتحدث عن تأثير المشاهير على مسيرته الفنية…
إياد نصار يتحدث عن شخصيته في فيلم «من أيام…
اختيار هند صبري ضمن قائمة BBC لأكثر 100 امرأة…
سلاف فواخرجي تتحدث عن صعوبة فيلم سلمى

اخر الاخبار

إحباط عملية تهريب دولية للمخدرات في ميناء طنجة المتوسط…
مُباحثات مغربية بحرينية لتعزيز التعاون في مجالات التنمية الاجتماعية
الحكومة المغربية تُصادق على تُعين المهندس طارق الطالبي مديراً…
وزير العدل المغربي يُقدم أمام مجلس الحكومة عرضاً في…

فن وموسيقى

لطفي بوشناق يقدّم أغنية لبيروت ويتضامن مع المدينة الجريحة…
سلاف فواخرجي تفوز بجائزة أفضل ممثلة بمهرجان أيام قرطاج…
كاظم الساهر يسّتعد للعودة للغناء في المغرب بعد غيابه…
المغربي حاتم عمور يستنكر عدم حصوله عن أي جائزة…

أخبار النجوم

أحمد السقا يكشف موقفه من تمثيل ابنته ومفاجأة عن…
زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
محمد رمضان يُشعل مواقع التواصل بمسابقة وجائزة ضخمة
أزمات قانونية تنتظر عمرو دياب في العام الجديد

رياضة

محمد صلاح بين الانتقادات والإشادات بسبب صورة عيد الميلاد…
المغربي حكيم زياش لا يمانع الانضمام لصفوف الوداد في…
محمد صلاح ينفي شائعات التجديد مع ليفربول ويؤكد أن…
المغربي أشرف حكيمي ضمن أفضل 100 لاعب لسنة 2024

صحة وتغذية

المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع
نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
وزارة الصحة المغربية تكشف نتائج التحقيق في وفيات بالمركز…
اختبار عقاراً جديداً يُعيد نمو الأسنان المفقودة

الأخبار الأكثر قراءة

منى زكي تتحدث عن محطات مؤثرة في حياتها بين…
رامي عياش يؤكد أنّ مزاولة نشاطاته الفنية لا تعني…
يوسف الشريف يتحدث عن العقدة التي سبّبها له المخرج…
الفنانة مي سليم تكشف عن رايها في تجسيد الأدوار…