الجزائر - و ا ج
ظل السلام المنشود من قبل الفلسطينيين مشلولا على مدى عام جديد شهد توسعا استيطانيا إسرائيليا غير مسبوق أجهض محاولات التوصل إلى حل الدولتين رغم جولات وزير الخارجية الأمريكي المكوكية للمنطقة ومحاولاته تحقق أي اختراق يذكر في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية. السلام على النحو الذي يراه الأمريكيون والإسرائيليون وبصورته وشروطه الحالية غير مقبول لدى الفلسطينيين باعتبار انه لم يحقق لهم أدنى مطالبهم بل عكس جليا نية إسرائيل في توسيع نشاطها الاستيطاني ومتابعة سياستها التي تجهض أي حل ممكن. فبعد أن حطم رئيس الدبلوماسية الأمريكي جون كيري الرقم القياسي في عدد جولاته بالشرق الأوسط الذي فاق أي محاولات لوزير خارجية أمريكي أخر وجد الفلسطينيون أنفسهم ورغم 14 اجتماعا مع الجانب الإسرائيلي بعيدين كل البعد عن تقدم لصالح القضية الفلسطينية أو كل ما من شانه تشجيع المضي قدما نحو اتفاق يرضي الطرفين. وكان أمل الفلسطينيين في أن تكون زيارة كيري إلى المنطقة لممارسة ضغوط حقيقية على إسرائيل لإجبارها على تقديم ما يؤكد جديتها والتزامها بحل الدولتين وفق حدود عام 1967. ورغم مراهنة الكثيرين وفي مقدمتهم الفلسطينيون على نتائج جولات كيري الا أن إسرائيل نسفت كل ذلك باصرارها على مناقشة الترتيبات الأمنية قبل الدخول في مفاوضات حول الملفات الأخرى العالقة بين الجانبين وواصلت سياسة التعنت والتسويف وضربها عرض الحائط كل الاتفاقيات والمواثيق الدولية لمساعي تحقيق السلام بما يلبي تطلعات الشعب الفلسطيني. وبقيت قضايا الحدود واللاجئون والأسرى و القدس الشرقية والمياه عالقة دون حل في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية التي استؤنفت نهاية جويلية الماضي برعاية أمريكية وذلك بعد توقف استمر نحو ثلاثة أعوام بسبب استمرار البناء الاستيطاني الإسرائيلي. ومع اقتراب نفاذ الوقت مع حلول شهر افريل القادم وتسرب الأشهر التسعة من السقف الزمني المحدد للمفاوضات واستعصاء هذه الأخيرة سارعت واشنطن مؤخرا إلى حبك خطة وصفت بالأمنية من أجل انقاذ ماء الوجه بعد أن كانت أصدرت على مدى أشهر تطمينات وتأكيدات بإمكانية التوصل إلى حل ورسمت صورة منافية لواقع المفاوضات. جاء ذلك في عرض قدمه كيري بمنطقة (الأغوار الفلسطينية) المحاذية للأردن تقضي بتواجد إسرائيلي في المنطقة لمدة 10 سنوات . ورأت القيادة الفلسطينية في ذلك محاولات أمريكية لإرضاء الإسرائيليين وتلبية أمنهم كما اعتبرتها تقويض للدولة الفلسطينية المستقلة التي يسعى الفلسطينيون لإقامتها بتزكية دولية وأممية . — الاستيطان الااسرائيلي النقطة السوداء في طريق السلام — وعلى الرغم من معاودة المفاوضات مع الفلسطينين منذ أزيد من الخمسة أشهر كثفت سلطات الاحتلال الإسرائيلي من سياسة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة بهدف تغيير الواقع الديموغرافي وذلك رغم معارضة المجموعة الدولية بما فيها الولايات المتحدة راعي المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية. ولازالت السلطة الفلسطينية تؤكد بضرورة وقف البناء في المستوطنات التي تعتبرها القوى العالمية كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي غير مشروعة كشرط لاستئناف المفاوضات. وبالموازاة مع ذلك عانت مدينة القدس المحتلة خاصة في الآونة الأخيرة من انتهاكات إسرائيلية خطيرة واعتداءات يومية على المسجد الأقصى المبارك بهدف تقسيمه زمانيا ومكانيا تمهيدا للاستيلاء كما جرى للحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل والذي تم الاستيلاء عليه بشكل كامل. وحذرت السلطة الفلسطينية من انه إذا فشلت هذه المفاوضات فإن أمام الفلسطينيين خيارات عديدة منها الذهاب إلى مؤسسات "الأمم المتحدة" لمتابعة الحصول على حقوقها في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على غرار "الانجاز التاريخي" الذي حققته العام الماضي بالاعتراف بفلسطين كدولة عضو غير كامل العضوية مع العلم أن الجمعية العامة للمنظمة الأممية اعتمدت قرارا يقضي باعتبار عام2014 عاما للتضامن مع الشعب الفلسطيني. — استمرار حصار غزة ... ومعاناة فلسطيني الشتات— استمرت إسرائيل على مدى عام آخر في حصارها الخانق لحياة الفلسطينيين بقطاع غزة الذي وثق كوصمة عار في جبين الاحتلال بصورة ترقى إلى توصيفه في خانة جرائم ضد الإنسانية وفق القانون الدولي. الكارثة الإنسانية التي ولدها الحصار الذي فرضته إسرائيل في منتصف عام 2006 وأطبق قبضته على نحو 1.8 مليون فلسطيني أدت إلى انهيار حاد في مفاصل الحياة في المدينة حيث تشير أرقام الأمم المتحدة إلى أن الحصار وإغلاق الإنفاق جعل 57% من سكان القطاع يعانون من انعدام الأمن الغذائي إلى جانب عيش أكثر من 70% من سكانه تحت خط الفقر. عام أخر يضاف إلى سنين معاناة اللاجئين الفلسطينيين في الشتات بل واجه هؤلاء خلال الأشهر الأخيرة ظروفا أصعب بعد أن أجبروا على النزوح من مخيماتهم نحو مناطق أخرى بسبب الاقتتال في مناطق لجوءهم كما يجري في سوريا والتي شكلت أزمتها فصل آخر من مأساة هؤلاء. وبحسب المركز الفلسطيني للإعلام فان عدد الضحايا الفلسطينيين جراء الاقتتال في سوريا وصل إلى أكثر من (1600) شهيد رغم أن نسبتهم من السكان لم تتجاوز (2.5 في المائة) فيما تشرد أكثر من ثلاثة أرباعهم في بقاع مختلفة داخل وخارج سوريا.