عمان - المغرب اليوم
أجرى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، خلال زيارة إلى تركيا، الأربعاء، رافقته فيها الملكة رانيا العبدالله، مباحثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ركزت على أخر التطورات المتعلقة بموضوع القدس، في ضوء نية الرئيس الأميركي المضي قدما في نقل سفارة الولايات المتحدة الأميركية إلى القدس. وركزت المباحثات على المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، وسبل النهوض بمستويات التعاون بين البلدين في شتى الميادين.
وأكد الزعيمان، خلال مباحثات ثنائية تبعها موسعة، أهمية تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والدفاعي والثقافي بين الأردن وتركيا، فضلا عن إدانة التنسيق بينهما إزاء مجمل القضايا. وتأتي الزيارة في إطار التنسيق المستمر بين البلدين، واستكمالا للمشاورات التي جرت بين جلالة الملك والرئيس أردوغان خلال زيارته إلى المملكة في شهر آب/أغسطس الماضي والتي ناقشت سبل تعزيز العلاقات الثنائية في شتى المجالات، والقضايا ذات الاهتمام المشترك وأخر المستجدات في المنطقة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، خاصة أن الأردن يترأس حاليا القمة العربية، وتركيا تترأس منظمة التعاون الإسلامي.
وفي تصريحات مشتركة للصحافيين عقب المباحثات الموسعة، أكد الملك أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية في المنطقة، وأنه لا يوجد بديل عن حل الدولتين، مثلما أن القدس هي مفتاح أي اتفاق سلام، وهي مفتاح الاستقرار للمنطقة برمتها.
وتاليا نص التصريحات الصحافية للعاهل الأردني الملك: "بسم الله الرحمن الرحيم أخي العزيز الرئيس باسمي وبالنيابة عن الملكة رانيا وكامل الوفد الأردني، يسعدنا أن نكون هنا مجددا، وهذه الزيارة تأتي بعد زيارتكم الأخيرة الناجحة إلى الأردن هذا العام، وتأتي في وقت في غاية الأهمية. ونحن هنا لبحث الاتفاقيات الثنائية والآفاق المستقبلية والتي عبرتم عنها بشكل واف، إضافة إلى بحث التحديات التي تواجهنا في المنطقة. وتشكل اجتماعاتنا هنا فرصة للبناء على العلاقات التاريخية المتجذرة، ونتطلع قدما، كما ذكرتم، للاحتفاء بمرور 70 عاما من العلاقات والروابط التاريخية بيننا، وتوسيع تعاوننا السياسي والاقتصادي والأمني المستمر بيننا.
وأضاف "ثمة إمكانيات واعدة لزيادة مستويات التجارة والاستثمار بيننا، وبناء على اجتماعات اليوم، نتطلع إلى التواصل بين ممثلي بلدينا على المستوى الوزاري للارتقاء بالعلاقات بين شعبينا إلى مستويات جديدة. وتتزامن زيارتنا إلى بلدكم اليوم ونحن نواجه تطورات إقليمية مؤسفة تتطلب تنسيقا وتشاورا وثيقين بين بلدينا أكثر من أي وقت مضى. ويسعدني أن أعبر عن تقديري لكم فخامة الرئيس على الدعم الذي أبديتموه تجاه الأردن فيما يخص القدس، وأيضا لمستوى العمل الوثيق بيننا للتغلب على التحديات الكبيرة التي تواجهنا كأمة، وتواجه المنطقة.
وكما اتفقنا، فالقضية الفلسطينية ما تزال القضية المركزية في المنطقة ولا يوجد بديل عن حل الدولتين. وكما أن القدس هي مفتاح أي اتفاق سلام، فهي مفتاح الاستقرار للمنطقة برمتها. ولقد أكدت للرئيس الأميركي، الثلاثاء مجددا قلقنا إزاء قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وبالتالي بات من الضروري العمل سريعا
للوصول إلى حل نهائي واتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والذي يجب أن يمكن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة، التي تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل، وعاصمتها القدس الشرقية. وإن عدم إنصاف حقوق الفلسطينيين والمسلمين والمسيحيين في القدس لن يؤدي إلا إلى مزيد من التطرف وسيقوض الحرب على الإرهاب. ونحن في الأردن بصفتنا صاحب الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، سنستمر في تحمل مسؤولياتنا الدينية والتاريخية تجاه المسجد الأقصى/الحرم القدسي الشريف، وسنؤدي دورنا في حماية الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس.
وتابع "مرة أخرى أود أن أشكركم فخامة الرئيس على دعمكم هذا. وكما أشرتم، فإننا متفقون بشكل كامل على الحاجة لعقد قمة لمنظمة التعاون الإسلامي حول القدس الأسبوع المقبل تجمع القادة العرب والمسلمين. ولقد تناول الرئيس تحديات إقليمية أخرى، وأود هنا أن أشير إلى سورية، حيث يجب توجيه الجهود في هذه المرحلة للبناء على محادثات أستانا لتحقيق حل سياسي ضمن مسار جنيف، يضمن وحدة سوريا واستقرارها وأمن شعبها. والرئيس لعل هذه الزيارة من أهم الزيارات المتبادلة بيننا، حيث نقف جنبا إلى جنب لمواجهة التحديات الماثلة أمامنا، وأتطلع قدما أن أكون معكم مرة أخرى الأسبوع القادم في إسطنبول.
ورحب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال التصريحات الصحافية، بزيارة الملك إلى بلاده، مؤكدا عمق العلاقات التاريخية التي تجمع البلدين.
وتاليا نص التصريحات الصحافية للرئيس التركي: "أخي الملك عبدالله الثاني، السادة أعضاء الوفد الكرام، ممثلو وسائل الإعلام، السلام وعليكم ورحمة الله وبركاته جميعاً. خلال فترة قصيرة بعد زيارتي الأخيرة التي قمت بها إلى المملكة الأردنية الهاشمية في شهر آب،/أغسطس يشرفنا الملك عبدالله الثاني بزيارة بلدنا، ويسعدني أن أستضيف جلالته هنا في أنقرة. وأود بحضوركم أن أعبر مجددا عن تقديري لأخي الملك، وأعضاء وفده، وأن أرحب بهم في بلدنا مجددا.
ونحتفل اليوم بمرور سبعين عاما على تأسيس العلاقات الدبلوماسية الأردنية التركية، ونحن نقدر عاليا التضامن الذي أظهره الأردن إزاء محاربة منظمة فتح الله غولن الإرهابية في الأردن، ونحن نقدر عاليا هذا الموقف الراسخ في مواجهة هذه المنظمة في الأردن. وإن مستوى التبادل التجاري الحالي بين بلدينا قد وصل إلى ما يقارب مليار دولار، وبإذن الله ومن خلال الاستثمارات والمشاريع الكبرى سنتمكن من زيادته لمستويات أعلى. وإن اتفاقية التجارة، وتشجيع الاستثمارات، واتفاقية حماية الاستثمار والإعفاء من التأشيرات الموقعة بين البلدين خلال فترة 5-6 سنوات الماضية، وساهمت بشكل كبير في تقوية وازدهار علاقاتنا.
ونحن نأمل أن نحقق توازنا في علاقاتنا الاقتصادية. وقد اتخذنا خطوات محددة للمضي قدما في هذا المجال، وسنستمر بهذه الخطوات في المستقبل. هناك إمكانيات كبيرة للمزيد من التعاون بين البلدين في مجالات التجارة، والصناعات الدفاعية، والاستثمارات في البنية التحتية، والسياحة. ويمكننا بوضوح أن نرى مستوى التقارب بين الشعبين من خلال حجم برامج التبادل الثقافي والطلابي بين البلدين، وبجهود مجموعة من العلماء الأتراك فإنه يسعدنا استضافة 50 طالبا أردنيا لمتابعة دراساتهم العليا في تركيا.
وإن الوكالة التركية للتعاون والتنسيق تقوم بتنفيذ عدة مشاريع في مجالات مختلفة في الأردن، وأتمنى أن تستمر جهودنا في المستقبل. وممثلو وسائل الإعلام، لقد أتيحت لي الفرصة لبحث المستجدات الأخيرة في المنطقة مع أخي الملك عبدالله الثاني.
وبالطبع فإن أهم التطورات على أجندتنا المشتركة هي القدس. إننا نشاطر الأردن نفس المشاعر حيال المحافظة على قدسية القدس ووضعها التاريخي. إننا نولي اهتماما كبيرا للدور المهم الذي تقوم به المملكة الأردنية الهاشمية كحام للأماكن المقدسة في القدس. إن أي خطوة خاطئة يتم اتخاذها فيما يتعلق بالقدس ستسبب ردة فعل على امتداد العالم الإسلامي، وهذا من شأنه أن يقوض مرتكزات السلام، وستشعل موجة جديدة من التوترات، وصراعات جديدة في منطقتنا.
وإن القدس هي قرة عين كل المسلمين لقدسيتها ومكانتها. وإن أي محاولة أو نية، ومهما كان مصدرها، تتجاهل هذه الحقيقة فإن مآلها الفشل، وستنتهي بكارثة. وأعتقد أن أمن وسلام منطقتنا أهم من أن يفرط به بسبب حسابات سياسية داخلية. ونأمل أن يتم التراجع عن هذه الخطوة، والعودة إلى حدود عام 1967 والقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين. وكرئيس لمنظمة التعاون الإسلامي فإنني آمل وأدعو إلى اجتماع قمة استثنائي في 13 من كانون الأول/ديسمبر الجاري في اسطنبول. وسيقوم وزراء الخارجية قبل يوم من انعقاد القمة على مستوى القادة بمباحثات أولوية والاتفاق على القرارات التي سيتم اتخاذها في القمة.
وسنقوم بإصدار بيان ختامي موجه للعالم أجمع. وأعتقد أن العالم الإسلامي سيقوم بدور مهم في الوقوف والتضامن بشكل قوي لحماية الوضع القائم في القدس. وسأستمر في التواصل الوثيق مع أخي الملك عبدالله الثاني، بصفته الرئيس الحالي للقمة العربية. وأود أن أوجه نداء بهذا الشأن للعالم كله. إن الوضع القانوني للقدس قد نتج عن مجموعة قرارات للأمم المتحدة، ويجب تفادي أي خطوة قد تمس به. لا أحد يمتلك الحق بأن يتلاعب بمصير البلايين من البشر من أجل مكاسب ونوايا شخصية. وأي خطوة في هذا الاتجاه ستخدم منظمات إرهابية أكثر تطرفاً.
ولقد تبادلنا الآراء حول التطورات الأخيرة في سورية والعراق مع أخي الملك، ونؤكد أهمية وحدة أراضي سورية والعراق. وإن الأردن يتابع عن قرب التطورات بهذا الشأن، ونتشارك مع أشقائنا في الأردن ذات القلق إزاء تلك الأوضاع. وإننا نستضيف الملايين من الأشقاء الذين تركوا بلادهم في العراق وسورية، وأصبحوا لاجئين، إن تركيا تستضيف حالياً 3 ملايين لاجئ، ويستضيف الأردن أكثر من 3ر1 مليون لاجئ سوري. سنكثف تعاوننا بهذا الشأن في المستقبل، بهدف المساهمة في تحقيق السلام والازدهار والأمن في المنطقة.
وأتمنى أن تثمر زيارة الملك إلى تركيا بنتائج إيجابية لشعبينا ومنطقتنا. ويشرفني أن أستضيف الملك و الملكة، وأود أن أحيي إخواني وأخواتي في الأردن". وتناولت المباحثات الموسعة، التي حضرها الأمير غازي بن محمد، كبير مستشاري الملك للشؤون الدينية والثقافية، المبعوث الشخصي ، وكبار المسؤولين في البلدين، سبل تحسين شروط التجارة بين الأردن وتركيا، وزيادة الصادرات الأردنية إلى الأسواق التركية، خصوصا وأن حجم التجارة بينهما وصل إلى مليار دولار سنويا، والمتوقع أن يتضاعف في المستقبل القريب.
وجرى بحث إمكانية زيادة مستوى الاستثمارات التركية في الأردن، والاستفادة من موقع المملكة كمعبر ومحطة إقامة للحجاج القادمين من تركيا. وعبر الجانب التركي، خلال المباحثات، عن اهتمامه بالاستفادة من مدينة العقبة كمركز لوجستي وسياحي، وزيادة عدد الرحلات إلى الأردن، على النحو الذي يسهم في زيادة عدد السياح الأتراك للمملكة.
وتم، خلال المباحثات، عرض مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص في كلا البلدين في مجال البنية التحتية والتعاون في مجال النقل. وأبدى الجانب التركي اهتمامه في تطوير التعاون مع الأردن في مجالات المياه والطرق. وأعرب الرئيس التركي عن رغبته بدعم الأردن في مجال التعليم المهني من خلال إنشاء مدرسة مهنية، وكذلك توسعة آفاق التعاون في مجال التعليم العالي.
وتناولت المباحثات التطورات في المنطقة، خصوصا القضية الفلسطينية، وضرورة احترام الوضع التاريخي والقانوني القائم في مدينة القدس الشريف وعدم المساس به، لما سيكون له من تبعات سلبية على أمن واستقرار المنطقة برمتها. وأعرب الملك، في هذا الصدد، عن تقديره لتركيا على دعم دور الأردن في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، والتي تقوم بها المملكة من منطلق الوصاية الهاشمية على هذه المقدسات.
وتطرقت إلى المساعي المستهدفة إيجاد حلول سياسية للأزمات التي تمر بها المنطقة، تسهم في استعادة الأمن والاستقرار لشعوبها. مباحثات الملك والرئيس التركي تناولت أيضا الأزمة السورية، حيث تم التأكيد على أهمية التوصل إلى حل سياسي لها، عبر مسار جنيف، وبما يحفظ وحدة أراضي سورية وسلامة شعبها، ويسمح بعودة اللاجئين. وتم، خلال المباحثات، استعراض الجهود الإقليمية والدولية في الحرب على الإرهاب، ضمن نهج شمولي، كون خطره يهدد الأمن والسلم العالميين.
وحضر المباحثات رئيس الوزراء، ورئيس الديوان الملكي الهاشمي، ووزير الخارجية وشؤون المغتربين، ومدير مكتب جلالة الملك، ووزير الصناعة والتجارة والتموين، والقائم بأعمال السفارة الأردنية في أنقرة، فيما حضرها عن الجانب التركي نائب رئيس الوزراء، ووزير الجمارك والتجارة، والسفير التركي في عمان، وعدد من كبار المسؤولين.