تاوريرت - إدريس الخولاني
تمثل تربية الماشية أحد الأنشطة التي يتميز بها إقليم تاوريرت، لطبيعته الجغرافية والتضاريسية والمناخية، إذ يحتوي على عدد كبير من رؤوس الأغنام و الماعز والأبقار، مما يضعه في خانة الاقاليم المصدرة للحوم الحمراء داخل التراب الوطني المغربي، وهو ما يتجلى بوضوح خلال فترة عيد الاضحى من كل عام. و تعتبر منطقة الظهرة أكثر منطقة في الإقليم تهتم بتربية الماشية، وتحتوي على أكبر نسبة من رؤوس الأغنام.
وخلال المواسم الأخيرة صار الجفاف كابوسًا مزعجًا لمربيي الماشية في الإقليم، بالإضافة إلى الارتفاع الكبير في أسعار الأعلاف، و بين الحين والآخر كان العاملون في هذا المجال يشترون بأعلاف تسمى "مدعمة"، بالرغم من أنها لا تحمل من الدعم إلا الاسم فقظ، فعن أي دعم يتحدثون و ثمن القنطار من الشعير 200 درهم؟
و مع بداية 2016، راج الحديث عن توفير الشعير بصفة مستمرة، حتى نهاية شهر سبتمبر / أيلول، بسعر 200 درهم للقنطار، و بالرغم من أن العاملين في هذ المجال استحسنوا هذا الخبر، نظرًا لغياب البدائل الأخرى، إلا أن انعدام المراقبة سهل الطريق أمام كل انواع التلاعب، حيث صار الحصول على كميات كبيرة من الشعير المدعم أمرًا يسيرًا، و بعد أن فاحت رائحة طريقة التلاعب هذه تم ربط توزيع الأعلاف بالدوائر الانتخابية، وهي صيغة للتوزيع عليها أكثر من علامة استفهام. وأمام غياب أي إجراء من قبل وزارة الفلاحة لوقف النزيف الذي يتعرض له الشعير المدعم، خصوصًا وأن المؤشرات الأولية لهذا الموسم الفلاحي تبدو غير سارة بالمرة، يبقى مربي الماشية هو الضحية، ويبقى تجار الأعلاف هم المستفيدون الحقيقيون.
ويطرح فلاحون متضررون من عدم حصولهم على أعلاف ماشيتهم أسئلة محيرة، ويبقى السؤال الأهم: متى يتم التحرك لحماية مواطني العالم القروي ودعمهم في مواجهة الجفاف؟ أم أن العالم القروي يبقى فقط خزانًا للأصوات في الانتخابات؟ وفي الأخير يمكن القول إن الأعلاف المدعمة في تاوريرت تمثل صفقة مربحة، لكن لغير أهلها، ويتحكم فيها المنطق الانتخابي، وهو المحدد الحاسم لرسم خارطة سياسية واستثمار الاعلاف المدعمة من قبل الدولة، لخدمة أجندات انتخابية، في غياب مراقية وزارة الفلاحة والغرف الفلاحية المنتخبة، إذ لم يعد هدف الدعم مساندة الفلاح الفقير، وتنمية موارده، وتحفيزه على الإنتاج، وتحسين مستوى معيشته.