الرباط - المغرب اليوم
مثل "عبد العلي حامي الدين" القيادي في حزب العدالة والتنمية صبيحة يومه الثلاثاء أمام غرفة الجنايات برئاسة القاضي "اللحيا"، الذي يبث في قضيته بمحكمة الاستئناف بفاس وذلك بعدما قرر قاضي التحقيق متابعته بتهمة "المساهمة في القتل العمد" وأحاله على غرفة الجنايات، على خلفية الاشتباه بتورطه في مقتل الطالب بنعيسى أيت الجيد في مارس/ آذار 1993.
وشهدت الساحة المقابلة لمحكمة الاستئناف بفاس إنزالا أمنيا كبيرا منذ الساعات الأولى من صباح اليوم الثلاثاء، مخافة حدوث مناوشات بين المتضامنين مع المرحوم أيت الجيد من اليساريين خصوصا طلبة جامعة ظهر المهراز، المتواجدين بقوة، والبيجيديين المتضامنين مع أخيهم في الحزب عبد العلي حامي الدين.
بنكيران "لن نسلم لكم أخانا"
وقامت قيادة شبيبة العدالة والتنمية بإنزال كبير إلى جانب قيادات سياسية ومحامين وأعضاء في الحكومة المحسوبة على “البيجيدي” و أعضاء آخرين من الأمانة العامة لنفس الحزب بالوقوف أمام استئنافية فاس، لدعم أخيهم استجابة لمقولة عبد الإله ابن كيران الشهيرة “لن نسلم لكم أخانا”، والذي حضر بدوره رفقة قيادات بيجيدية.
وعلى هامش المحاكمة قال "عبد الإله ابن كيران" الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، وهو يخاطب أنصاره بمدينة فاس قبل لحظات من انطلاق أشغال محاكمة “عبد العلي حامي الدين” ، “شحال هاذي كنتو كتقولو في سبيل الله ما أحلى المنون…. ودَابا مْخْلُوعِين غِير من استِدعاء المحكمة”، مضيفا “الله يْخْرّج العاقبة بسلام”.
العدالة والتنمية تستعرض عضلاتها
وفي وقت سابق، أثار قرار قاضي التحقيق حفيظة حزب العدالة والتنمية، وعقد على إثر ذلك اجتماعاً لأمانته العامة بالرباط، ثم شكل لجنة من أجل تتبع الملف، وتتكون اللجنة من وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان المصطفى الرميد، رئيساً، ومحمد أمكراز الكاتب الوطني لشبيبة العدالة والتنمية، ورئيس المجلس الوطني للحزب إدريس الأزمي، ورئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس المستشارين نبيل شيخي، ثم عبد الصمد الإدريسي رئيس جمعية محامو العدالة والتنمية وهو ما اعتبرته هيئات قضائية وطنية ضربا لاستقلالية القضاء ومحاولة للتأثير عليه وحماية الجاني والتستر على جريمة يعاقب عليها القانون.
و حضر يومه الثلاثاء الأمين العام السابق لحزب العدالة و التنمية عبد الإله ابن كيران لغرفة الجنايات بمدينة فاس لمؤازرة القيادي في الحزب عبد العلي حامي الدين المتابع في قضية مقتل الطالب اليساري “بنعيسى آيت الجيد”.
المحامي بنجلون : سيجدون الفصل 128 و 293 من القانون الجنائي في الملف
وأكــد المحامي "جواد بنجلون التويمي" لـ"شوف تيفي" أن الضغط السياسي لحزب العدالة والتنمية في قضية الطالب اليساري “عيسى آيت الجيد” يجعل الاستنفار الأمني أمام محكمة الاستئناف بفاس تحسبا لأي انفلات أمني قد يقع من طرف كتائب البيجيدي.
وأضـــاف “بنجلون التويمي” في مكالمة هاتفية لــ “شوف تيفي” أنه انبهر هذا الصباح بالتواجد القوي لرجال الأمن في محيط محكمة الاستئناف، مبرزا أنه من المتوقع أن يحضر بكثافة رفاق عيسى والمنتمون إلى الفصيل القاعدي الطلابي وخوفا من أي مواجهات بين مكونات العدالة والتنمية والطلبة القاعديين عرفت جوانب المحكمة ما لم تعرفه منذ زمن بعيد، وذلك بعدما أطلقت كتائب البيجيدي حملة التضامن مع حامي الدين استجابة لنداء الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية القائل “لن نسلم لكم أخانا”.
وقال المحــامي جواد بنجلون التويمي عضو دفاع عائلة “آيت الجيد” ، أنه “وبعد انتهاء محاكمة عبد العلي حامي الدين القيادي بحزب العدالة والتنمية، وإثارة الدفوع القانونية لكلا الطرفين وخلو الهيئة القضائية للمداولة سيفتحون الملف من أجل تفحص الأوراق الموجودة فيه ولن يرضخوا لعويل الحزب الحاكم”، مضيفا “الهيئة القضائية لن تجد عبد الإله ابن كيران بسيارته الفاخرة ولا أعضاء البرلمان بتصريحاتهم الواهية كما لن تجد إدريس الأزمي عمدة مدينة فاس داخل الملف بمعنى أن لا تأثير لهم ولا أثر لهم بل سيجدون شهادة الوثائق المكونة للملف وشهادة الشاهد الخمار الحديوي القوية “.
واسترسل بنجلون أبرز محاميي عائلة آيت الجيد بالقول : ” سيفتحون الملف و سيجدون الفصل 128 و 293 من القانون الجنائي وهما الفصلان اللذان يؤطران جريمة المساهمة في القتل والتي تبلغ عقوبتها إلى الإعدام ” مردفا ” وسيجد القضاة جريمة عقوبتها الإعدام التي هم مطالبون بالبث فيها بكل تجرد وبعيدا عن تأثيرات ابن كيران وإخوانه في الحزب والحركة…”.
المحامي الهيني : نريد الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة
من جهته، يرى المحامي “محمد الهيني” أن اليوم هو يوم الوفاء ويوم الحقيقة والإنصاف والعدالة وهو يوم تاريخي في تاريخ القضاء المغربي، مردفا بالقول : “لا للإفلات من العقاب، نعم للحق في الحياة، آيت الجيد قتل غدرا لا لشيء إلا لأنه مواطن يؤمن بالفكر اليساري التقدمي”.
وتعليقا على الضغط السياسي للبيجيدي، استرسل الهيني قائلا : “إنه إنزال الضعفاء والجبناء ويعتقدون أنهم بانتمائهم للمؤسسات سيستغلونها لخدمة متهميهم، تركوا الإدارات وتركوا المجالس التي يشرفون عليها ويتلقون أجورهم من المال العام والتحقوا بالمحكمة وعطلوا مصالح المواطنين مما يدل على إيمانهم بدولة الحزب والجماعة وليس بالمؤسسات…”.
واستطرد نفس المتحدث : “نقول لهم مهما جمعتم لن تخيفوننا، لأننا أصحاب قضية، لن نخافكم ولن نهابكم، نحن نحتمي بالقانون ولا نحتمي برئيس الحكومة، لا شأن لنا بتسليم أخيكم أو (…)، نريد الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة وحتى لا يتكرر هذا لأن الكلمة يرد عليها بالكلمة وليس بالقتل …”.
المحامي زهراش : قضية آيت الجيد سياسية لأن اغتيال بنعيسى كان سياسيا
من جهة أخرى، صرح المحامي عبد الفتاح زهراش لـ”شوف تيفي” قائلا إن : ” هذه المحاكمة يتوخى منها إيصال الحقيقة القضائية والتاريخية وهذا بالنسبة لمجموعة من المناضلين والمناضلات الذين يؤمنون بالقيم التي كان يؤمن بها آيت الجيد ولهذا فهو يوم الوفاء”.
وزاد المحامي زهراش قائلا : “كنت أتمنى أن يجعل حزب العدالة والتنمية مسافة بينه وبين هذه القضية التي تروج أمام القضاء ومنهم من خرق مبدأ التحفظ ويتعلق الأمر بالوزير الرميد وهو ما يجرمه القانون الجنائي” مضيفا “نحن نقول إنه بريئ حتى تثبت إدانته ، لنا معطيات استدل بها الإخوان أمام قاضي التحقيق وسنستدل بها أمام الهيئة والمتهم يحظى بدعم من ثلة غير مأثرة في المجتمع سياسيين متقاعدين و حقوقيين لا وزن لهم ” وزاد “محاكمة حامي الدين في قضية آيت الجيد نعم هي قضية سياسية لأن اغتيال بنعيسى كان سياسيا ليس اغتيالا لشخصه ولكنه كان لفكره ونحن اليوم في دولة الحق والمؤسسات “.
المحامي حاجي : البيجيدي سقطوا في استغلال مناصبهم لأجل نصرة حامي الدين
وأكد المحامي الحبيب حاجي أن جلسة محاكمة “عبد العلي حامي الدين” حضرتها قيادات القاعديين وعلى رأسهم “نور الدين جرير” وأن محاكمة اليوم بمحكمة الاستئناف بفاس كانت بمثابة استعراض سياسي لكل طرف سواء خارج القاعة أو الحضور داخل القاعة، وأضاف الحبيب حاجي أن ما يناهز خمسين محاميا حضروا جلسة اليوم لأجل الدفاع عن عائلة آيت الجيد ومن جميع نقابات المغرب، فيما حضر كذلك ما يناهز 40 محاميا من حزب العدالة والتنمية للدفاع عن “أخيهم” حامي الدين.
واسترسل الحبيب حاجي في حديثه لـ”شوف تيفي” بالقول “الإسلام السياسي الحكومي حضر بقوة من أجل الضغظ على القضاء والتأثير عليه وحضور قيادات البيجيدي ولاسيما ابن كيران” وزاد “هناك رسائل من وراء الضغط السياسي لحزب البيجيدي يقولون من خلالها إننا غاضبون على متابعة حامي الدين”، مردفا ” حضور قيادات البيجيدي وعلى رئسهم ابن كيران ليس استعراضا على هيئة الدفاع أو المواطنين بل هم يعرفون لمن يوجهون الرسائل وهذا السلوك يجعلهم يخلطون ما بين ما هو شخصي حزبي وما هو عمومي وحكومي وسقطوا في استغلال مناصبهم الحكومية والعمومية من أجل نصرة رجل من عشيرتهم فإنهم يهدمون كل ما ساهمت فيه القوى الحقوقية في بناء صرح استقلالية القضاء واستقلالية النيابة العامة “.
وزاد محامي عائلة آيت الجيد “هذا السلوك يعتبر خللا دستوريا ينصب على إساءة استعمال مؤسسات الدولة في الغرض الذي أعد له ، حيث حول مناصب وزارية إلى استغلال شخصي” مردفا بالقول : “مثلا أن مؤسسة رئاسة الحكومة ووزارة حقوق الإنسان الآن تعيش خللا ولا تعرف سيرًا حسنًا مما يستوجب تدخل الملك الساهر دستوريا على حماية السير العادي للمؤسسات بل وتحولت وزارة حقوق الإنسان إلى وزارة حامي الدين” .
وقضت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف في فاس يومه الثلاثاء بتأجيل البث في ملف متابعة حامي الدين إلى يوم 12 فبراير 2019 لإعداد دفاع أطراف القضية.
وجديــر بالذكر أنه وبالرغــم من مــرور أكثر من 24 سنة على مقتل الطالب اليساري “أيت الجيد” بالقرب من موقع ظهر المهراز الجامعي، بعد صراعات دمــوية بين طلبة يساريين وإسلاميين لا زال الملف جاريا بمحكمة الاستئناف في فاس .
اقرأ المزيد : حزب العدالة والتنمية يُخصِّص محاكم داخلية لمتابعة مُنتسبيه
تفاصيل مُثيرة بشأن تورُّط حامي الدين في مقتل اليساري "آيت الجيد"