برلين ـ وكالات
ليس من المتوقع أن تغير الانتخابات الإسرائيلية المقررة يوم الثلاثاء القادم شيئاً كثيراً. وهذه الحقيقة قد تشكل مشكلة في العلاقات مع ألمانيا. فتعثر مباحثات السلام في المنطقة يثقل كاهل العلاقات الألمانية الإسرائيلية. يمكن لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يترقب نتائج الانتخابات يوم الثلاثاء المقبل بارتياح كبير. وهو يوم يتوجه فيه الناخبون الإسرائيليون إلى صناديق الاقتراع لانتخاب برلمان جديد. فنتائج الاستطلاعات الأخيرة تشير إلى أن رئيس الوزراء الحالي سيبقى في منصبه. وتتكهن الاستطلاعات بأن يحصل التحالف اليميني الذي يتألف من حزب الليكود بزعامة نتنياهو وحزب إسرائيل بيتنا بزعامة وزير الخارجية السابق أفيغدور ليبرمان، على ثلث مقاعد البرلمان الذي يتكون من 120 مقعداً. لكن نتنياهو سيواجه منافساً من أقصى اليمين المتمثل بحزب البيت اليهودي، بزعامة نفتالي بينيت، والذي قد يشكل قوة ثالثة في البرلمان المقبل بعد حزب العمال. ويبقى أن ننتظر عما إذا كان نتنياهو سينجرف أكثر نحو اليمين عند تحالفه مع بينيت، أم سيتخذ مكاناً وسطياً عند تحالفه مع العلمانيين. وهو أمر حاسم فيما يخص محادثات السلام مع الفلسطينيين. واستئناف المحادثات مع الجانب الفلسطيني أمر يهم الحكومة الألمانية كثيراً. في هذا السياق، يقول رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الألماني، روبريشت بولنتس، في حديث مع DW: "نحاول طبعاً أن تنطلق محادثات السلام من جديد. لكن الجانب الألماني يتابع بقلق الحملة الانتخابية في إسرائيل، خصوصاً عندما يطرح حزب ما هدفاً انتخابياً يتمثل في استقطاع جزء من الضفة الغربية وإلحاقه بإسرائيل من أجل بناء مستوطنات جديدة عليه. وهذا هو هدف حزب بينيت بالذات". وتحتفظ ألمانيا تقليدياً بعلاقات وثيقة مع إسرائيل، وتجد نفسها ملزمة بالحفاظ على أمنها. هذا التضامن يدخل في إطار السياسة الألمانية الثابتة ولا جدال فيه. ويعقد الجانبان الألماني والإسرائيلي منذ عام 2008 مشاورات حكومية مشتركة. ويقول روبريشت بولتنس في هذا السياق إن الجانبين ينويان بعد الانتخابات في إسرائيل الاتفاق على تعميق التعاون البرلماني، عبر توثيق التعاون والعمل المشترك بين لجنة العلاقات الخارجية في الكنيست الإسرائيلي ولجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الألماني وذلك بغض النظر عن نتائج الانتخابات. وتعتبر العلاقات الألمانية الإسرائيلية مثقلة حالياً. فقد شعر رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بالإحباط بعد أن امتنعت ألمانيا عن التصويت على عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، إذ كان الأخير يتوقع رفضاً ألمانياً واضحاً للطلب الفلسطيني. كما تشعر ألمانيا بالكثير من الإحباط جراء سياسة الحكومة الإسرائيلية الحالية، كما يقول آفي بريمور، الذي شغل منصب السفير الإسرائيلي في برلين لسنوات طويلة، في حديث مع DW. وتشعر ألمانيا بشكل خاص بخيبة أمل إزاء سياسة الاستيطان للحكومة الإسرائيلية. وتشكل هذه السياسة من وجهة نظر ألمانيا العقبة الكبرى أمام تحقيق حل الدولتين، وهو أمر انتقدته الحكومة الألمانية بشكل مستمر. ويقول بولنتس في هذا السياق: "إن حل الدولتين يصب أيضاً في مصلحة إسرائيل". فهذا الحل يشكل الطريق الأفضل للدولة اليهودية الديمقراطية لكي تعيش بأمن وسلام مع جيرانها، كما يوضح بولنتس. ويتابع عضو البرلمان الألماني حديثه قائلاً: "وإذا استمرت سياسة الاستيطان، فإن النقد الألماني لها سيستمر أيضاً"، مضيفاً أنه لا بد من الحديث مع الحكومة الجديدة حول تبعات استمرار سياسة الاستيطان. وحسب رأي السفير الإسرائيلي السابق في برلين، آفي بريمور، ينبغي على ألمانيا بعد تشكيل الائتلاف الحاكم الجديد في إسرائيل أن تشترط على الحكومة الجديدة ووفقاً للمبدأ القائل "إذا أردتم دعمنا، فعلينا أن نتفاهم سياسياً". وحسب رأي الدبلوماسي السابق، فإن تطوير وتنمية الشرق الأوسط ملف يهم ألمانيا وأوروبا. ويتابع بالقول: "أضف إلى ذلك أن إسرائيل في كل المجالات تحتاج إلى الدعم الألماني". ويضرب بريمور مثلاً، فيقول: "بدون علاقات قوية مع برلين، لا يمكن لإسرائيل إقامة علاقات قوية مع أوروبا". لكنه لا يعتقد أن الأوروبيين يستطيعون إطلاق مبادرة إذا توجهت السياسة الإسرائيلية نحو المزيد من القسوة. وإذا صحت نتائج استطلاعات الرأي، التي تتكهن بفوز كبير للقوى الأكثر يمينية، فان الأنظار ستتجه في كل الأحوال نحو الولايات المتحدة بانتظار ما سيفعله الرئيس بارك أوباما.