القدس المحتلة ـ وكالات
اختارت إسرائيل تدشين المرحلة الأولى مما يسمى مخطط "استحداث ساحة البراق" بدون مراسيم احتفالية رسمية خوفا من إثارة غضب المجتمع الدولي مجددا حيال سياسات تل أبيب تجاه الملف الفلسطيني والقدس المحتلة على وجه الخصوص. وأنجزت بلدية الاحتلال المرحلة الأولى من المشروع الاستيطاني التهويدي بتدشين شبكة الأنفاق لتخوم وساحات المسجد الأقصى في مسعى لحجبه عن الأنظار وتغطيته بالمباني والعمارات اليهودية نحو تحقيق هدفها المعلن بتقسيم الأقصى بين المسلمين واليهود توطئة لبناء "الهيكل" المزعوم. وفتحت بلدية الاحتلال قبل أيام، وبالتنسيق مع الجمعيات الاستيطانية وشركة تطوير "حائط المبكى" شبكة الأنفاق أمام السياح الأجانب واليهود بينما حظرت على الفلسطينيين دخولها. وتشهد ساحة البراق حراكا نشطا للوفود السياحية الأجنبية واليهودية وجماعات المستوطنين مثلما رصدتها ووثقتها كاميرا الجزيرة نت، حيث تنطلق الجولة السياحية بمرافقة طاقم إرشادي من البوابة الرئيسية للشبكة الممتدة من ساحة البراق من الجهة الغربية نحو الجهة الشرقية لساحات الأقصى والحديقة التوراتية المتاخمة لجسر تل باب المغاربة والتي شرع الاحتلال بحفرها وتطويرها منذ 2010 لتكون بذلك أول حديقة توراتية تدشن، وكذلك أول نفق يفتتح من الجهة الغربية لساحة البراق نحو ساحات الأقصى وأسواره والبلدة القديمة وسلوان. واستعرض مدير المسجد الأقصى، ورئيس قسم المخطوطات بالمسجد، الحفريات الإسرائيلية المتواصلة منذ عام 1971 تحت الأقصى وتخومه والبلدة القديمة، والهادفة لخلق مسارات أرضية يمكن الوصول منها لساحات الأقصى. واستذكر الدكتور ناجح بكيرات دخول وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان إبان حرب 1976 لساحة الأقصى عن طريق القصور الأموية، وعقبها عام 1973 اقتحام للمصلى المرواني عبر نفق أرضي للسيطرة على المسجد وتهويده. وأضاف أن المؤسسة الإسرائيلية تهيئ بالتالي الرأي العام الإسرائيلي للانقضاض على الأقصى، مقابل مساعيها لزعزعة الذاكرة الفلسطينية وخلع الوجود العربي والإسلامي، وهي مؤشرات للحرب القادمة بالقدس وإن بدت معالمها كحرب باردة في هذه المرحلة. وحذر بكيرات من تدشين الأنفاق والحديقة التوراتية، وهو ما سيؤدي -وفقه- إلى اندلاع مواجهات ضارية تتحمل تبعاتها سلطات الاحتلال، لافتا إلى أن إسرائيل ترى بهذا التدشين الصامت مقدمة لإعادة اقتحام المصلى المرواني ومنطقة الأقصى القديم الممتدة تحت الأرض والتي وصلتها شبكة الأنفاق، حيث تتم الزيارات والجولات الميدانية الأرضية لتصل حتى ساحات المسجد. ولفت إلى أن الاحتلال يقر بوجود عشرين نفقا فقط لكن هناك عشرات الأنفاق غير المعلنة ويحظر نشر تفاصيل عنها، وهنا تكمن الخطورة، خصوصا وأن سلطات الاحتلال دأبت خلال مشروعها التهويدي على تحطيم الحضارة العربية والإسلامية وتزييف الحقائق التاريخية جنوب الأقصى بمنطقة القصور الأموية الممتدة على نحو 75 دونما قصد تحويلها لما يسمى "مطاهر الهيكل" وتوسيع ما يسمى بـ "مدينة داود" بسلوان مع مواصلة الحفريات لإقامة متحف للتراث اليهودي وتدشين ثلاثة أنفاق لربطها بشبكة الأنفاق المؤدية لساحة البراق والقصور الأموية. ويتفق رئيس مؤسسة "الأقصى للوقف والتراث" المهندس زكي اغبارية مع بكيرات بأنه لا يوجد جرد دقيق ونهائي لتعداد الأنفاق الممتدة تحت ساحات الأقصى وتخومه، وعليه فهو غير متفاجىء من تدشين الأنفاق بساحة البراق والحديقة التوراتية وفتحها للسياح الأجانب واليهود، خصوصا وأن متابعة "مؤسسة الأقصى" ورصدها للمخططات الاستيطانية والتهويدية تشير إلى أن الاحتلال شيد تحت أرضية الأقصى مدينة يهودية ترتبط بشبكة الأنفاق نحو ساحة البراق وسلوان والبلدة القديمة. إلى ذلك، وضمن المرحلة الثانية من مشروع "استحداث ساحة البراق" يؤكد اغبارية للجزيرة نت بأن بلدية الاحتلال أنجزت المرحلة الثانية من الحفريات بتل باب المغاربة الملاصق لأسوار الأقصى بهدف إقامة كنس ومصليات للنساء اليهوديات. في حين تتواصل الحفريات بمنطقة القصور الأموية لربطها بشبكة الأنفاق وإقامة ما يسمى "مطاهر الهيكل" لتصل شبكة مؤلفة من ثلاثة أنفاق بلدة سلوان التي تعتبر الخاسرة الفلسطينية الوحيدة لصيانة وحماية الأقصى من الجهة الجنوبية لترتبط هذه الأنفاق بما يسمى بـ مخطط "مدينة داود" لتتفرع صوب ساحة البراق وتل باب المغاربة والقصور الأموية. وعزا اغبارية مواصلة إسرائيل مخططاتها التهويدية بالأقصى إلى الصمت الدولي وانعدام من يردعها في ظل ضعف الموقف العربي والإسلامي بشكل عام حيال القدس والأقصى، مبينا أن بلدية الاحتلال اختارت تدشين الأنفاق بشكل صامت دون مراسيم احتفالية رسمية لكي لا تثير الرأي العام الدولي والعربي، خصوصا وأنها تستغل الظروف الإقليمية والدولية لتنفيذ جميع مخططاتها لفرض أمر واقع نحو بناء الهيكل المزعوم.