الرباط : إبن عيسى
اعتبر الأكاديمي المغربي حيمري البشير المقيم في الدانمارك أن منطقة شمال أفريقيا شهدت تجارب فاشلة في حكم الدول، بدءً بالجبهة الوطنية للإنقاذ في الجزائر مرورًا بحركة النهضة في تونس ثم حركة الإخوان المسلمين في مصر، وأن أسباب الفشل متنوعة، راجعة تارة لغياب التجربة في تدبير الشأن العام ،وتارة أخرى لضعف الكفاءات المتحكمة في تدبير الشأن العام، واستعمالها طرقًا لا علاقة لها بالنزاهة، والجدية، في خدمة الصالح العام بل إشباع رغبات شريحة مرتبطة بأتباع والتضييق على أغلبية، فضاقت بهم السبل بعد مدة قصيرة سواء في الجزائرأوتونس أومصر، فتعرضوا لانقلابات عسكرية تارة ،أو لاقتسام السلطة مع أحزاب علمانية مكرهين تارة أخرى .
كما حدث في تونس لتجنيب البلاد حرب أهلية تؤدي إلى انهيار تام لاقتصادها ،فشل التجارب في الدول الثلاث ،وعودة حزب العدالة والتنمية لتدبير الشأن في المغرب بعد الخمس أعوام الأولى من الحراك الشعبي ،وبعد إجراءات قاسية قامت بها الحكومة ،كان من جملتها فرض إصلاح منظومة التقاعد على الطبقة العاملة في غياب حوار اجتماعي مع النقابات ،والمصادقة على مجموعة من الإجراءات والقوانين أحدث رجة كبيرة وأخرجت الآلاف للتظاهر مدة طويلة ،بدأها الأطباء المتدربون ومراكز تكوين الممرضات والممرضون ثم الأساتذة المتدربون ،الذين تعرضوا جميعهم لقمع لم يشهده المغرب منذ أعوام خلت،وهذا في حد ذاته مسا بحقوق الإنسان وانتهاكا خطيرًا يسيئ لسمعة البلاد، فهل نعتبر ماحصل خلال الخمس أعوام التي مضت إصلاحات حكومة حزب العدالة والتنمية أم مصادرة لحقوق ناضلت من أجل تحقيقها نقابات لأعوام مضت .
رغم أن المغرب في حاجة إلى إعادة النظر لمنظومة التربية والتعليم بشهادة تقارير صادرة من البنك الدولي ،وهذه هي السياسة التي كنّا نحاول تفاديها منذ سنوات فإن حكومة عبد الإله بن كيران أصبحت ملزمة بتطبيق تعاليم وسياسات البنك الدولي للخروج من الأزمة التي دخلتها قطاعات مهمة في المغرب من بينها قطاع التعليم ،حيث انحدر ترتيب المغرب إلى مستويات متدنية في العالم ،دولة جيبوتي أفضل بكثير منا على سبيل المثال لا الحصر .
وضعية المدرسة العمومية في المغرب يفرض على الدولة التراجع عن حرمان شريحة كبيرة من الأساتذة المتدربين الذين قضوا عامين للتكوين وكانوا عرضة للشارع من التوظيف المباشر لأن المدرسة العمومية تعرف اكتظاظًا لم تعرفه منذ الاستقلال ،بلغ في بعض المدن سبعين في القسم وعرفت جل المدن خصاصا كبيرة في الأطر التربوية ،وحصل تراجع كبير في تمدرس الأطفال في البوادي والجبال المغربية ،المشكل لا ينحصر في قطاع التعليم بل في الصحة كذلك نقص في الأطر الطبية والممرضين والممرضات واكتظاظ رهيب في مستشفيات الدولة.
وستزداد الأوضاع اجتماعية سوءً لا محالة في ضَل استمرار السياسة نفسها خلال الأعوام المقبلة، بسبب ارتفاع مديونية المغرب الخارجية والتي ستدفع الحكومة لإجراءات تقشفية لا مناص منها من أجل إنقاذ الإقتصادات الوطني ،وضعية ستدفع الشارع المغربي للمزيد من حركات الإحتجاج ، في ظل ارتفاع البطالة وهي بوادر فشل غير محمودة ،مما يجعل بلدنا في دائرة البلدان التي لن تعرف استقرارًا في المستقبل ،مما يعني أن مناخ جلب الاستثمار غير متوفر في بلادنا في الظروف الراهنة.
ويضاف لماقلت صعوبة تشكيل حكومة متجانسة في برامج مختلفة ،فهل ستضاف تجربة حزب العدالة والتنمية الإخواني لتجارب جبهة الإنقاذ الجزائرية وحركة النهضة في تونس وحركة الإخوان في مصر أم سيكون تجربة إخوان المغرب استثناءً في العالم العربي ونموذجًا يحتذى به سيقود المغرب لبر الأمان كما يقول الكاتب الأكاديمي المغربي .