الرباط - المغرب اليوم
قدمت حكومة عبد الإله بنكيران حصيلة عملها خلال السنوات الخمس الماضية في مختلف القطاعات، وأكدت أنها نجحت في القيام بعدد من الإصلاحات، فيما اعتبرت حصيلتها “نتاجا لعمل جماعي لمختلف مكونات الأغلبية الحكومية وثمرة لمنطق سياسي جديد”.
وأفردت الحكومة في وثائق نشرتها وزارة الاتصال حيزا كبيرا من هذه الحصيلة للحديث عما اعتبرته نجاحا لها على مستوى تطور الحقوق والحريات والمحافظة عليها طوال السنوات التي تولت فيها إدارة شؤون البلاد، وكذا صون حرية الإعلام والتعبير.
وأكدت السلطة التنفيذية أنه تم إقرار إلزامية فتح التحقيق في قضايا التعذيب وعدم الإفلات من العقاب في حالة ثبوت حصوله، فسجلت سنة 2015 147 عملية فحص للحالات، كما تقررت متابعة 35 رجل سلطة وأمن ودرك، بالإضافة إلى إصلاح قانون القضاء العسكري عبر التنصيص على عدم عرض المدنيين أمام المحاكم العسكرية وإحالة العسكريين على القضاء العادي في حال ارتكابهم جرائم للحق العام.
و”تفتخر” الحكومة بتعزيز ضمانات المحاكمات العادلة، كاعتماد حضور المحامي إلى جانب الأحداث والمصابين بإحدى العاهات وغيرهم، واعتماد تقنية التسجيل السمعي البصري لاستجواب الأشخاص الموضوعين رهن الحراسة النظرية، بالإضافة إلى تمكين الهيئات الوطنية والدولية المستقلة من زيارة أماكن الاحتجاز، وكذا الاعتراف القانوني بالصحافة الإلكترونية وجعل اختصاص إيقاف الصحف وحجب المواقع الإلكترونية من اختصاص القضاء.
وواصلت الحكومة سرد انجازاتها، من خلال التأكيد أن حق التظاهر بقي مكفولا في المغرب، حيث تم تسجيل معدل 30 تظاهرة ووقفة في اليوم، وتمكين المواطنين وجمعيات المجتمع المدني من تقديم العرائض للسلطات العمومية ورفع الملتمسات التشريعية، وكذا إعداد مشروع قانون تنظيمي يحدد كيفية وشروط ممارسة الدفع بعدم دستورية قانون يمس بالحريات والحقوق المضمونة دستوريا.
وفي ما يخص التوقيع على الاتفاقيات الدولية، ذكرت الحكومة بتوقيعها على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، التي صادقت عليها منظمة الأمم المتحدة بتاريخ 20 دجنبر 2006، بالإضافة إلى التوقيع على البروتوكول الاختياري المتعلق باتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللانسانية أو المهينة، وكذا تنظيم الحوار الوطني الأول حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة سنتي 2013 و2014.
الصورة الوردية التي رسمتها الحكومة عن الوضع الحقوقي بالمغرب، يراها عدد من نشطاء حقوق الإنسان بمنظار آخر، إذ قال محمد الزهاري، أمين عام فرع التحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات بالمغرب، إن حصيلة الحكومة في هذا المجال تبقى “سيئة”، رغم أن المملكة صادقت على مجموعة من الاتفاقيات والبروتوكولات الملحقة، مردفا بأن “أي حكومة كانت ستقوم بذلك”، على اعتبار أنها “مؤسسة لمقتضيات الدستور الجديد”.
واعتبر الزهاري، في تصريح لهسبريس، أن “دستور 2011 جاء بعدد من المقتضيات المرتبطة بقضايا حقوق الإنسان، وأكد التزام الدولة المغربية بتنفيذ الاتفاقيات الدولية، وكذا سمو المواثيق والمعاهدات على القوانين الوطنية، في حين أفردت الفصول من 19 إلى 40 للحديث عن الحقوق والحريات بشكل واضح”.
وانتقد الناشط الحقوقي ذاته ما أسماه “الممارسات التي تتم على أرض الواقع”، مؤكدا أنه “تم تسجيل عدد من التجاوزات على مستوى الحق في التظاهر، ورصد ارتفاع وتيرة تدخلات القوات العمومية خارج المساطر القانونية؛ كما أن هناك استعمالا مفرطا للقوة يمس السلامة الجسدية للمواطنين المشاركين في تظاهرات سلمية يحميها القانون”، حسب تعبيره.
وتابع الزهاري بأن عددا من الجمعيات تودع ملفاتها القانونية لدى السلطات لكنها لا تتوصل بأي وصول للإيداع، سواء النهائي أو المؤقت، مشيرا في الوقت ذاته إلى “التضييق” الذي يتعرض له الصحافيون، و”تحريك المتابعة في حق من يعبرون عن آراء مختلفة، بمجرد انتقادهم للشخصيات العمومية”.
وذكر المتحدث ذاته بتقرير رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي قدمه في البرلمان، “الذي أكد من خلاله وجود عدد من التجاوزات في مجال حقوق الإنسان، كان من المفروض أن يفتح فيها تحقيق، كحالة الشاب الذي توفي في مدينة أسا، وحالة كمال العماري في آسفي، بالإضافة إلى تأكيده أن هناك استعمالا مفرطا للقوة، يؤدي إلى تهديد حياة الأفراد”، على حد قوله.
وفي ما اعتبر أن مجال حقوق الإنسان بالمغرب تشرف عليه وزارة الداخلية بشكل مباشر، قال محمد الزهاري إن الحكومة لا سلطة لها على هذا المجال، مستشهدا في ذلك بحادث التدخل الأمني ضد الأساتذة المتدربين في مدينة إنزكان قبل أشهر، الذي قال وزير الداخلية، محمد حصاد، إنه كان قانونيا وبتعليمات من رئيس الحكومة، وهو ما نفاه عبد الإله بنكيران، ما يبين أن “وزارة الداخلية تتصرف في كثير من الأحيان على أنها حكومة داخل الحكومة”، حسب تعبيره.