الرباط - المغرب اليوم
بناء عاصمة جديدة، لجنوب السودان، كان حلما قديما للجنوبيين، منذ انفصالهم عن السودان الشمالي في 2011، لكن صعوبات ومشاكل حالت دون تحقيقها. اليوم، أصبح الحلم حقيقة بفضل الملك محمد السادس. كيف ذلك؟
منذ 2011، بعد انفصال جنوب السودان، تبنت الحكومة الجديدة، برئاسة الرئيس الراحل جون كرنغ، قرارا لإنشاء عاصمة جديدة بمواصفات حديثة للدولة الناشئة، وبدأ الحديث منذ ذلك الحين عن منطقة “رامشيل”، التي تبعد عن جوبا بنحو 200 كلم، لكن جون كرنغ، توفي في حادث مأساوي، قبل أن يرى حلمه يتحقق، فواصلت القيادة الجديدة التي خلفته جهودها لإنجاز المشروع الذي تحول إلى “حلم الجنوبيين”.
تأخر إنجاز المشروع لأسباب عدة: فمن جهة اندلعت صراعات مسلحة على السلطة، بين الرئيس الحالي، سيلفا كير ونائبه ريك مشار، ومن جهة أخرى برزت مشاكل في تحرير الوضع القانوني لأرض “رامشيل” وحدودها والمتنازع عليها بين عدد من ولايات الجنوب. الحل الذي توصلت إليه الحكومة في جنوب السودان هو أن تكون “رامشيل”، التي تمتد على مساحة 40 كلم، عاصمة فدرالية يشرف عليها عمدة منتخب من طرف كل سكان جنوب السودان، وليس من ولاية واحدة.
حكومة جنوب السودان وضعت، أيضا، خططا لبناء أحد أكبر المطارات الدولية في إفريقيا، ليكون بمثابة مطار العاصمة الجديدة، وذلك في منطقة قريبة تدعى “تالي” Tali. وتخطط الحكومة في هذا الإطار لإبرام شراكات مع شركات طيران دولية، لإنجاح هذا المشروع بعد تحقيقه، حسب ما نشرته وسائل إعلام محلية.
ومنذ مدة توقفت حكومة جنوب السودان، عن بناء المباني الحكومية في جوبا، في انتظار إخراج مشروع العاصمة الجديدة، لكن مشاكل تمويل المشروع كانت مطروحة في ظل الصعوبات التي تعانيها البلاد، ولهذا سعت إلى استقطاب استثمارات أجنبية لإنجازه. بعض الشركات العقارية بدأت تبدي اهتمامها لبناء عمارات سكنية وعقارات في العاصمة الجديدة، وتم إنجاز مشروع طريق جديد بين “جوبا” و”رامشيل”، فبدل قطع المسافة بين المدينتين في 4 أو 5 ساعات، حيث كانت الطريق غير معبدة تقلصت المدة إلى ساعتين فقط. لكن المشروع كان يحتاج إلى خبرة لإنجاز الدراسات اللازمة، ووضع مخطط مديري، وهو ما تحقق بموافقة المغرب على تولي هذه المهمة.
وخلال الزيارة الملكية إلى جنوب السودان التي انطلقت، أول أمس، أعلن محمد حصاد، وزير الداخلية، أن المملكة وافقت على تمويل دراسات الجدوى التقنية والمالية لهذا المشروع “الضخم” بقيمة 5,1 مليون دولار، وهي دراسات أولية “ستنكب على التعمير والجوانب الاجتماعية والاقتصادية والبيئية لهذا المشروع”، وستفضي إلى وضع مخطط مديري وإصلاح تقني ومالي ووضع مخطط إنجاز. ولن يتوقف دور المغرب فقط، في مجال الدراسات، بل إن حصاد أكد أن “المملكة ستقدم دعمها لجمهورية جنوب السودان خلال مختلف مراحل إنجاز هذا المشروع، بما في ذلك الدعوة إلى شراكات مالية وتقنية، إلى جانب تعزيز خبرة وتجربة جنوب السودان”. أكثر من هذا، فإن المشروع سيتم في إطار “تدبير مفوض”، حيث ستتولى مجموعة العمران إنجاز المشروع، تحت إشراف لجنة تنفيذية يعينها الملك، وستسهر اللجنة على توفير الإمكانات اللازمة من أجل ضمان نجاح هذا المشروع.
أما دولة جنوب السودان، فستتولى تكليف فريق عمل لضمان العناصر اللازمة لتنفيذ المشروع، لا سيما في موقع البناء. وفي هذا السياق، أُعلن عن إحداث لجنة لتتبع المشروع، التي يرتقب أن تجتمع مرتين على الأقل في السنة.
وستبلغ كلفة مشروع تشييد العاصمة الجديدة، نحو 10 ملايين دولار على مدى 20 سنة.
الاتفاقيات والمذكرات الموقعة بين المغرب وجنوب السودان
– اتفاق يهم إنجاز مدينة “رامشيل” الجديدة، وقعه عن الجانب المغربي وزير الداخلية، محمد حصاد، ووزير السكنى وسياسة المدينة نبيل بنعبدالله، ورئيس مجلس إدارة مجموعة التهيئة العمران، بدر كانوني، وعن جانب جنوب السودان ماييك آيي دونغ، وزير لدى الرئاسة.
– اتفاق عام للتعاون، وقعه وزير الخارجية صلاح الدين مزوار، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي لجنوب السودان، دنغ ألور كول.
ـ اتفاق لتشجيع وحماية الاستثمار، وقعه وزير الاقتصاد والمالية، محمد بوسعيد، ووزير المالية والتخطيط في جنوب السودان، ستيف ديو داو.
ــ اتفاقية لمنع الازدواج الضريبي ومحاربة التهرب الضريبي في مجال الضرائب على الدخل، وقعها محمد بوسعيد وستيف ديو داو.
– مذكرة تفاهم في المجال الزراعي، وقعها وزير الزراعة والصيد البحري، عزيز أخنوش، ووزير الفلاحة والأمن الغذائي بالنيابة الجنوب سوداني، كورنليو كون نغو.
– مذكرة تفاهم تهم التعاون الصناعي، وقعها وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، مولاي حفيظ العلمي، ووزير التجارة والصناعة بجنوب السودان، موس حسن اييت.
– مذكرة تفاهم تهم التعاون في قطاع المعادن، وقعتها بالأحرف الأولى المديرة العامة للمكتب الوطني للهيدروكاربونات والمعادن، أمينة بنخضرة، والمدير العام لمديرية التنمية المعدنية في جنوب السودان، تونغجانغ أواك تونغجانغ.
– اتفاق تعاون في مجال التكوين المهني، وقعه عن الجانب المغربي المدير العام لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، العربي بنشيخ، والسفير المدير العام للوكالة المغربية للتعاون الدولي محمد مثقال، وعن الجانب الجنوب سوداني، جواك أغوك أنيار، المدير العام للتعليم التقني والتدريب المهني في وزارة التربية العامة والتعليم.
– مذكرة تفاهم بين الاتحاد العام لمقاولات المغرب وفيدرالية جنوب السودان للمقاولات والمشغلين، وقعتها رئيسة الاتحاد العام، مريم بنصالح، وأيي دوانغ أيي، رئيس فيدرالية الأعمال في جنوب السودان.