باريس - المغرب اليوم
قرّر المجلس الدستوري الفرنسي في 8 شباط/فبراير تعويض جميع ضحايا حرب الجزائر (1954 و1962) الذين كانوا يقيمون هناك، بعدما كان قانون التعويضات المالية المصادق عليه في 1963 يسمح بتعويض الضحايا الفرنسيين فقط. ما قد يفتح الباب أمام عشرات آلاف الجزائريين للمطالبة بهذه التعويضات.
وعلقت المحامية الفرنسية جنيفر كامبلا في جريدة "الوطن" الجزائرية على قرار المجلس الدستوري الفرنسي الذي أصدر حكما نهائيا في الثامن من شهر شباط/فبراير الجاري يقضي بمنح "تعويضات ومنح مالية للمدنيين الجزائريين الذين تضرروا من الحرب الجزائرية"، "إنه فوز كبير لموكلي ولكل الضحايا المدنيين الجزائريين الذين عانوا من ويلات الحرب الجزائرية" (1954-1962)، وجاء هذا القرار، الذي وصف بالتاريخي من قبل بعض المؤرخين المتخصصين في كتابة تاريخ الحرب الجزائرية الفرنسية، تعديلا لنص سابق لم يكن يسمح بمنح تعويضات مالية إلا لحاملي الجنسية الفرنسية، لكن استنادا لمبدأ "المساواة أمام القانون" الذي يضمنه الدستور الفرنسي، أقر أعضاء المجلس الدستوري الفرنسي تمديد حق الحصول على المعاشات إلى جميع ضحايا هذه الحرب، طالما أنهم كانوا يقيمون في الجزائر أثناء النزاع المسلح.
وجاء قرار المجلس الدستوري الفرنسي الذي يرأسه لوران فابيوس منذ شباط/فبراير 2016، ردا على شكوى رفعها مواطن جزائري مقيم في فرنسا يدعى عبد القادر. ك، وطالب عبد القادر القضاء بإعادة النظر في قانون التعويضات المالية الذي صدر في 1963 بحجة أنه يفرق بين المصابين في الحرب، وكونه نص على إمكانية استفادة المواطنين الفرنسيين فقط من حق التعويض مستثنيا الجزائريين الذين كانوا يعيشون في الجزائر أثناء الحرب.
وعبر أولفييي لاكور غراند ميزون، وهو مؤرخ فرنسي متخصص في الحرب الجزائرية الفرنسية وأحد المدافعين عن حقوق المحاربين الجزائريين القدماء عن فرحته في صفحته على فيس بوك، واصفا قرار المجلس الدستوري الفرنسي بـ"المهم جدا" في "انتظار كسب انتصارات جديدة مثل اعتراف فرنسا بشكل رسمي بالجرائم التي ارتكبتها في حق الشعب الجزائري إبان سنوات الاستعمار" حسب ما كتبه، وكان المواطن الجزائري عبد القادر.ك الذي يقيم بمدينة بوردو -جنوب غرب فرنسا- قد طلب من وزارة الدفاع الفرنسية أن تدفع له تعويضا شهريا باعتباره وقع "ضحية في حرب الجزائر وتعرض إلى أشكال عديدة من العنف لها علاقة مباشرة مع هذه الحرب". لكن الوزارة رفضت طلبه بحجة أنه لم يكن "يمتلك الجنسية الفرنسية أثناء وقوع الأحداث"، لكن محامية المواطن الجزائري قررت في 2016 الطعن في قرار وزارة الدفاع الفرنسية أمام محكمة بوردو والتي بدورها لجأت إلى المجلس الدستوري في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 طالبة منه البت في القضية.
واندلعت الثورة الجزائرية في تشرين الثاني/نوفمبر 1954 في جميع أنحاء الجزائر ودامت أكثر من سبع سنوات لتنتهي بالتوقيع على اتفاقية "إيفيان" في آذار/مارس 1962 بين مسؤولين من حزب جبهة التحرير الوطني ومفاوضين فرنسيين. فيما أدت هذه الحرب إلى مقتل أكثر من مليون ونصف المليون جزائري حسب إحصائيات للنظام الجزائري كما خلفت دمارا واسعا في المدن والأرياف، وبينما وصفت الصحافة الجزائرية والعربية قرار المجلس الدستوري الفرنسي بـ"التاريخي" و"المنصف" للجزائريين، لم يصدر أي تصريح رسمي من الحكومة الجزائرية أو من وزارة المجاهدين التي ترعى حقوقهم.