طنجة - ياسين العماري
تحولت جنازة الشاب، الذي أحرق نفسه في المعبر الحدودي بين مدينة سبتة المحتلة ومدينة تطوان في شمال المغرب، إلى تظاهرة حاشدة للتنديد "بتفشي الفساد والزبونية" وسط رجال الجمارك والأمن في المعبر الحدودي المعروف بـ"باب سبتة". وكان شاب مغربي، ينحدر من تطوان، يبلغ من العمر 24 عامًا، ويدعى عبدالرحمن الشيخ، قد لفظ أنفاسه الأخيرة، صبيحة الخميس 5 أيلول/سبتمبر الماضي، في مستشفى "مولاي رشيد" في الدار البيضاء، متأثرًا بحروق بليغة، نجمت عن النيران التي أشعلها في جسمه، الأربعاء 4 أيلول/سبتمبر، في المعبر الحدودي، أصيب على إثرها بحروق من الدرجة الثالثة، شملت 50% من جسده، ما استدعى نقله على وجه السرعة إلى المستشفى التخصصي في الدار البيضاء، للعلاجات اللازمة. وحسب روايات متطابقة، فإن إقدام الشاب عبدالرحمن على إضرام النار في جسمه، جاء إثر سلب رجال الجمارك المغاربة في معبر "سبتة" بضاعته، البالغ قيمتها قرابة 70000 درهم، حوالي 6800 دولار، وبعد أن رفضوا السماع لتوسلاته، وإرجاع البضاعة له، وكذا الإمعان في إهانته، سحب قارورة بنزين كانت في الصندوق الخلفي لسيارته، وهي من نوع "رينو 12"، وقام بصب المادة الحارقة على ملابسه، ثم أضرم النار بواسطة ولاعة كانت في حيازته، لتشب النار في جسده، وقام زملائه بإطفاء النيران، وحملته سيارة إسعاف على وجه السرعة إلى مستشفى "مولاي رشيد" في الدار البيضاء، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة. وعقب أداء صلاة الجنازة على روحه، الجمعة، 6 أيلول/سبتمبر، سار المئات من الشباب والنساء في جنازته المهيبة، التي رفع فيها شعارات قوية، وأطلقت النساء الزغاريد, وكاد مسار المسيرة/الجنازة يتحول لما لا يحمد عقباه، بعد أن توجهت الحشود إلى منزل أحد رجال الجمارك، المتهم بالوقوف وراء دفع الشاب إلى إضرام النار في جسمه، لكن حال تدخل رجال الأمن دون ذلك، وتم منع الحشود من اقتحام إدارة الجمارك، حيث اكتفى متظاهرون غاضبون بالهتاف بشعارات تدين فساد بعض أفراد تلك المؤسسة، ثم دفن عبدالرحمن في مقبرة تطوان الرئيسية. وتعهد المحتجون بتنظيم وقفة احتجاجية، الاثنين المقبل، في معبر "باب سبتة"، لدفع السلطات المغربية على فتح تحقيق في الإهانات التي يتعرض لها ممارسو التهريب المعيشي. الجدير بالذكر أن عشرات الآلاف من الأشخاص، يزاولون ما يصطلح عليه في المغرب بـ"التهريب المعيشي"، والذي يتجلى في شراء مواد وبضائع من سبتة ومليلية المحتلتين في الشمال، ثم بيعها في سائر مناطق المغرب، دون أداء الضريبة والحقوق الجمركية، وغالبًا ما تغض السلطات الطرف عنها، مقابل أداء المهربين عمولات،كرشوة.