الرباط – رضوان مبشور
لازالت التصريحات التي أدلى بها زعيم حزب الاستقلال المغربي حميد شباط في احتفالات فائح أيار/مايو في العاصمة المغربية الرباط تثير العيدي من ردود الفعل المختلفة، بين الدبلوماسيين الجزائريين وقيادة حزب "الاستقلال"، فيم لم تصدر الدولة المغربية أي بيان أو تصريح رسمي في الموضوع، اللهم قلق رئيس الحكومة المغربية من تصريحات حليفه الحكومي حميد شباط. فبعدما صرح وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي الأحد الماضي على هامش ندوة صحافية في العاصمة الرباط، أعقبت اجتماع وزراء خارجية دول المغرب العربي الخمس، حيث حذر شباط من خطورة أقواله عندما طالب باسترجاع الصحراء الشرقية ومنطقتي تندوف وبشار من الجزائر، وإعادة النظر في اتفاق ترسيم الحدود بين البلدين، الموقع في 15 حزيران /يونيو 1972. وقال مراد مدلسي أن "سيادة الجزائر ووحدتها الترابية وسلامة حدودها لا تقبل أبداً تحت أي مبرر، أن تكون موضع مناورات حزبية أو سياسية من تلك التي تلغم المنطقة". ورد حزب "الاستقلال" المغربي على الخرجة الإعلامية لوزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي بالقول إن "تصريحات شباط أخرجت الخارجية الجزائرية عن طوعها وأفقدتها صوابها، سيما أن هذه الأخيرة تدرك جيداً أن اتفاقية ترسيم الحدود بين المغرب والجزائر لم تعرض بعد على "ممثلي الأمة في البلدين"، مما يجعل الملف يحافظ على راهنيته". وجاء في افتتاحية جريدة "العلم" الناطقة بلسان حزب "الاستقلال" أن "الجزائر هي البلد الوحيد في العالم التي خرجت من مرحلة الاستعمار بمساحة أكبر من المساحة التي كان عليها قبله"، مرجعا "هذا الانفراد الذي تميزت به الجزائر عن المغرب وتونس، إلى كون الاستعمار الفرنسي قد خطط لمكوث فترة قصيرة في المغرب وتونس عكس الجزائر، التي كان يعتبر وجوده فيها أبدياً. لذلك حرص على الاقتطاع من الدول المجاورة، حيث اقتطع من المغرب شرقاً، ومن تونس غرباً وضمها إلى الأراضي الجزائرية". وأصدر حزب جبهة التحرير الوطني الجزائري بياناً نارياً للرد على تصريحات حميد شباط، اعتبر من خلاله "تهجم الاستقلالي شباط، ينم على الجهل بالواقع السياسي، ويعكس أحلام المخزن المغربي، ويعيد إلى الأذهان أحلام مؤسسي حزب الاستقلال المغربي بدءاً من علال الفاسي إلى حميد شباط". ودعا بيان الحزب الجزائري الحاكم شباط إلى "الاهتمام بسبتة ومليلية وجزر ليلى، عوض الخوض في ملف حدود وجغرافيا دولة ذات سيادة بحجم الجزائر"، مضيفاً أن "شباط يريد تعويض خسارته الانتخابية وانتكاساته المتكررة بعرض خدماته على القصر عبر التعرض للجزائر"، مؤكدا أن "تصريحات شباط تضرب عرض الحائط أعراف الأخوة والجوار، ومضمون المعاهدات والمواثيق وتظهر نفاق الطبقة السياسية المغربية على الخصوص والمخزن على العموم". وذكر حزب "الاستقلال" أن أغلب البيانات الختامية لمؤتمرات حزب الاستقلال، ظلت تجدد مطالب هذا الأخير باسترجاع تلك المناطق، التي تتمثل في مناطق القنداسة وبشار وتندوف وتديكلت وجبل طارق، وذلك بحكم أن مواقف المغرب من معاهدة ترسيم الحدود الشرقية مع الجزائر كانت مشروطة باستغلاله المشترك للمناجم الموجودة في المنطقة، بالإضافة إلى دعم الجارة الجزائر لاسترجاع المغرب لأراضيه الصحراوية في الجنوب، كما أن المطالبة بالحدود الشرقية التي ينادي بها المغرب، ترتبط في الأساس بالحدود التي كانت تحث نفوذه قبل مجيء الاستعمار الفرنسي إلى منطقة شمال أفريقيا. وتشير مجموعة من المعطيات التاريخية إلى أن المغرب رفض التفاوض مع فرنسا في شأن هذه المناطق، باعتبار أن مشكلة الحدود سيتم حله بين الجزائر والمغرب، حال حصول الجزائر على استقلالها، وهم ما لم يحدث، حيث احتفظت الجزائر بهذه المنطقة، عكس ما تم الاتفاق عليه بين الملك محمد السادس وقادة جبهة التحرير الجزائرية عام 1956 بعد حصول المغرب مباشرة على استقلاله من فرنسا.