الرباط - المغرب اليوم
يطل نقاش “مجالات السيادة المكفولة” على سطح الفضاء السياسي المغربي مجددا، فبعد مرحلة إجماع طبعت السياسة الخارجية للبلاد، خرج بيان حازم من الديوان الملكي يرفض أي ابتزاز يقحم اختيارات المغرب وعلاقاته مع إسرائيل ضمن “أجندة انتخابية”.
وجاء رد القصر الملكي بشكل مباشر على بيان أصدرته الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية بخصوص العلاقات مع إسرائيل، استهجن “المواقف الأخيرة في بعض اللقاءات الإفريقية والأوروبية لوزير الشؤون الخارجية ناصر بوريطة”، وقال إن الوزير “يبدو فيها وكأنه يدافع عن الكيان الصهيوني”.
وأضاف بلاغ الديوان الملكي بخصوص “خرجة البيجيدي” أن “السياسة الخارجية للمملكة هي من اختصاص جلالة الملك، نصره الله، بحكم الدستور، ويدبره بناء على الثوابت الوطنية والمصالح العليا للبلاد، وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية”.
وشدد الديوان على أن بلاغ حزب العدالة والتنمية يقفز بشكل مثير على كون المجال الخارجي هو مجال محفوظ للملك، ويعتبر من القضايا الإستراتيجية التي يدبرها ويشرف عليها الملك باعتباره رئيسا للدولة وبموجب دستور فاتح يوليوز.
كما تحدث بلاغ الديوان الملكي عن كون “العلاقات الدولية للمملكة لا يمكن أن تكون موضوع ابتزاز من أي كان، ولأي اعتبار، لاسيما في هذه الظرفية الدولية المعقدة. ومن هنا فإن استغلال السياسة الخارجية للمملكة في أجندة حزبية داخلية يشكل سابقة خطيرة ومرفوضة”.
عبد الرحيم العلام، أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاضي عياض بمراكش، سجل أن “النقاش ليس دستوريا في هذه الحالة، فالأمر مرتبط بتداول سياسي في الموضوع، لأنه لم يمس رئيس الحكومة أو اختصاصات وزارة الخارجية، بل حزبا في المعارضة”.
وأضاف العلام، في تصريح لهسبريس، أنه “من الناحية الدستورية لا تنصيص على حصر مجال الخارجية لصالح طرف معين، لكن جرت العادة التاريخية أن هذا المجال مكفول للمؤسسة الملكية بالعودة إلى استمرارها وثقلها التاريخي وعلاقاتها”.
واعتبر المتحدث ذاته أن “الممارسة الدستورية بعد سنة 2011 أوكلت في مناسبتين وزارة الخارجية لمسؤولين حزبيين هما سعد الدين العثماني وصلاح الدين مزوار، لكن تغير مجددا هذا الاعتبار”، مشيرا إلى أن “المصالح الإستراتيجية للمغرب يتولاها الملك”.
هشام معتضد، الخبير في العلاقات الدولية، أكد أن “البلاغ الملكي جاء لتأطير هفوة سياسية وانحراف حزبي عن قواعد العمل السياسي الذي يطبع الحياة السياسية والحزبية في المغرب”.
وأكد معتضد، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “اختيار إصدار بلاغ يعد موقفا واضحا ومسؤولا من المؤسسة الملكية لاحترام ميكانيزمات القيم السياسية التي تؤسس لتنظيم العمل الحزبي داخل المغرب”.
وأشار المتحدث إلى “التجاوزات التي حملها بيان الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، وإخلالها بمرتكزات الدستور المغربي في بابه المتعلق بالسياسة الخارجية التي تعتبر من اختصاصات الملك الدستورية وحقلا ملكيا بامتياز من حيث التدبير والقرار والتوجيه”.
كما نبه معتضد إلى أن “الانجراف اللامسؤول نحو إقحام واستغلال السياسة الخارجية للمغرب داخل أجندات حزبية يعتبر إخلالًا سياسيًا وتطاولا”، مسجلا أن “محاولة إقحام السياسة الخارجية في مداولات حزبية من منطلق إصدار بيانات واتخاذ مواقف تتنافى والتوجهات الإستراتيجية المضبوطة دستوريًا تعتبر تهاونًا سياسيًا صريحًا”.
وأشار الأستاذ الباحث في العلاقات الدولية إلى أن “دور الأحزاب السياسية في المغرب منظم دستوريا، ومواكبتها للتطورات الوطنية والدولية كان دائمًا يحترم الثقافة السياسية والدستورية وحقول الاختصاصات المرتبطة بمختلف المؤسسات السياسية”، مستنتجا أن “المؤسسة الملكية تسعى دائما إلى التذكير بضوابط الحياة السياسية في المغرب بمجرد وقوع تجاوزات غير مسؤولة أو مغالطات خطيرة قد تؤثر على الشأن المغربي داخليًا وخارجيًا”.
قد يهمك أيضاً :