طرابلس – مفتاح المصباحي
شهد سجن أبو رشادة في مدينة غريان غرب طرابلس الليبية، الأربعاء، تمردًا نتج عنه فرار مائة وستين مهاجرًا غير شرعي من جنسيات أفريقية مختلفة، وإصابة عدد آخر منهم بجروح نتيجة استخدام حراسات السجن الرصاص الحي. واستغل السجناء سوء الأحوال الجوية وضعف الحراسة الخاصة بالسجن الذي يحوي أربعمائة مهاجر غير شرعي، لمهاجمة أفراد الحراسة، الأمر ما اضطرهم لإطلاق الرصاص على المهاجمين. وباشرت السلطات الأمنية التحقيق في الأسباب التي أدت إلى عملية التمرد والفرار، فيما كثفت في الوقت ذاته البحث عن الفارين وملاحقتهم. وتشهد ليبيا هجمة غير مسبوقة من موجات المهاجرين غير الشرعيين خاصةً الأفارقة الذين يعتبرون ليبيا دولة مرور إلى ساحل المتوسط الشمالي، حيث الدول الأوروبية واهتمام جماعات حقوق الإنسان بهم، وتوفر فرص العمل الأكثر مردودًا. ووقَّع النظام الليبي السابق اتفاقيات مع الجانب الأوروبي لمحاربة والحد من الهجرة غير الشرعية المنطلقة من الأراضي الليبية تجاه الدول الأوروبية، حصل بموجبها على مساعدات مالية ولوجستية، كما كان النظام متشددا في العقوبات التي تطال المتعاملين في هذه التجارة من الليبيين، كالذين يؤوون المهاجرين في مزارعهم او أماكن يخصصونها لهم بعيدًا عن أنظار السلطات، وأولئك الذين يعملون على نقلهم عن طريق البحر إلى سواحل إيطاليا ومالطا وإسبانيا. وأثرى كثيرون من هذه التجارة غير الشرعية، حيث تصل تكلفة نقل الشخص الواحد عن طريق البحر ما لا يقل عن ألف ومائتي دولار، إلا أن كثيرين منهم يتعرضون إلى عمليات نصب واحتيال من قبل الناقلين، أو يموتون غرقًا بسبب بدائية وسائل النقل والأعداد الكبيرة التي يتم نقلها في الرحلة الواحدة. ولا يكاد يمر يوم واحد حتى تتناقل الأخبار القبض على مجموعات جديدة من المهاجرين غير الشرعيين داخل ليبيا. وفي ذات السياق ألقت السلطات الأمنية في مدينة إجدابيا على خمسمائة مهاجر غير شرعي من جنسيات أفريقية مختلفة، حيث تم ضبطهم بجنوب المدينة، فيما تم القبض على عدد سبعة وسبعين مهاجرًا غير شرعي في مدينة الجفرة. ويتم التحفظ على المهاجرين غير الشرعيين في أماكن تتبع جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، وتقديم المساعدات لهم إلى حين ترحيلهم لبلدانهم عن طريق المنافذ البرية والجوية. وتتكلف الدولة الليبية أموالاً طائلة لإيواء هؤلاء المهاجرين وترحيلهم، وأيضًا تقديم المساعدات الطبية لهم، حيث إن غالبهم يسلكون طرقًا صحراوية صعبة تؤدي أحياناً لوفاة الكثيرين منهم قبل الوصول إلى مبتغاهم مدن الساحل الليبي. بالإضافة إلى الجنسيات الأفريقية تأتي العمالة المصرية في مرتبة تالية من حيث الهجرة غير الشرعية إلى ليبيا، نظرًا إلى وفرة فرص العمل الجسدية داخل السوق الليبي، وأيضًا ارتفاع أسعار اليد العاملة، ما ينعكس على العامل المصري إيجابًا مع الفرق الكبير عند تغيير العملة إلى محلية أثناء عودته لبلده. وكابدت العمالة الملونة خاصة الأفريقية مصاعب جمَّة أثناء الحرب الليبية العام 2011 التي أطاحت بنظام القذافي، حيث تم اتهامها بالارتزاق والحرب مع كتائب القذافي ضد الثوار آنذاك، وتعرض بعضهم إلى القتل والسجن. ويتهم مواطنون ليبيون العمالة الأفريقية بعدم احترامها لعادات وثقافة المجتمع المنغلقة إلى حدٍ ما، وأيضًا يتهمونها بالانتشار الكبير لظاهرة المخدرات والدعارة، خاصة وأن المداهمات الأمنية دائمًا تسفر عن القبض على بعض هؤلاء المهاجرين وهم يتاجرون في المخدرات، أو يديرون أوكارًا لممارسة الدعارة.