الرباط - كمال العلمي
أكدت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل رفضها للتصور الذي عرضته الحكومة لإصلاح منظومة التقاعد في صيغته الحالية، معبرة عن رفضها لـ”السرية” التي يتم فيها تحضير الإصلاح وضرورة فتح نقاش موسع حوله.
جاء ذلك في ندوة نظمها المكتب الإقليمي لـCDT بالرباط، مساء أمس الخميس، حيث ذهب عبد الفتاح البغدادي، عضو لجنة إصلاح التقاعد بالنقابة، إلى وصف التصور الذي قدمته الحكومة إلى النقابات بـ”خارطة طريق الإصلاح المؤدي إلى الموت، لأنهم سيأخذون أكثر ويعطون أقل ما يمكن من معاش للمتقاعدين”.
ويرتكز إصلاح منظومة التقاعد، الذي تسعى الحكومة إلى تطبيقه، على رفع سن إحالة الموظفين والعمال على التقاعد ورفع قيمة الاقتطاعات المالية التي يؤديه النشيطون لصناديق التقاعد وخفض قيمة المعاش.
واعتبر البغدادي أن التصور الحكومي لإصلاح أنظمة التقاعد “لا يقبله عقل ولا منطق”، وزاد متسائلا: “كيف يُعقل أن يعمل الموظف والعامل أكثر، ويدفع اقتطاعات أكبر، وبالمقابل يأخذ معاشا أقل”.
وشدد المتحدث ذاته على أن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ترفض بداية التشخيص الذي بنتْ عليه الحكومة تصورها لإصلاح أنظمة التقاعد، مشبّها الإصلاح الذي تسعى الحكومة إلى تطبيقه بالإصلاح الذي جاءت به حكومة فرنسا، والذي أثار رفضا واسعا من قبل الفرنسيين.
وتوقف عضو لجنة إصلاح التقاعد بالنقابة عند وضعية الصندوق المغربي للتقاعد الخاص بموظفي القطاع العام، موضحا أن الدولة لم تدفع إليه المساهمات التي بذمتها تجاه الصندوق من سنة 1956 إلى سنة 1996، ولاحقا “كانت تساهم وقت الحاجة فقط وليس بشكل رسمي وكأنها تتصدّق عليه”، ذاهبا إلى القول “يجب على الدولة أولًا جبر ضرر هذا الصندوق”.
وذهب المتحدث ذاته إلى القول إن صناديق التقاعد المغربية تعاني فعلا من مشاكل مالية، “ولكن تم التعسف عليها، حيث فقدت أموالا طائلة ولم تسترجع”، مضيفا: “الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عرف اختلاسات، وصدر حكم قضائي؛ لكنهم غطوا على اللصوص الكبار، وحاكموا الذين يوقعون على الوثائق باعتبارهم هم المسؤولين.. وهذا يطرح إشكال الحكامة”.
وأوضح البغدادي أن من أسباب ضعف عائدات الاحتياطات المالية للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، التي تقدر بـ61 مليار درهم، إلزامه تحويلها إلى صندوق الإيداع والتدبير من أجل تسييرها؛ لأن الفائدة التي يحصل عليها لا تتعدى 3.5 في المائة، في حين أن الصناديق الأخرى تستثمر احتياطاتها في مشاريع خاصة بها، تحت وصاية الدولة.
ووصف الفاعل النقابي ذاته الإصلاح الذي تريد الحكومة تطبيقه بـ”الخطير؛ لأنه يمس القدرة الشرائية للمواطنين وهم في مرحلة نشاطهم، وسيمس قدرتهم الشرائية عندما يصيرون متقاعدين، لأنه غير مبني على أسس واضحة، وهذا ما لن نقبله أبدا ولن نوقع عليه”.
من جهته، ذهب عثمان باقة، الكاتب الإقليمي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إلى القول إن ملف إصلاح التقاعد “قنبلة موقوتة”، مشددا على أن الكونفدرالية “ترفض أن يكون النقاش حوله سريا، ونرفض جملة وتفصيلا ما يتم الإعداد له”.
واعتبر باقة أن التحدي الذي يطرحه ملف التقاعد أصبح يزداد تعقيدا، لا سيما مع تحسّن أمد الحياة في المغرب، حيث انتقل إلى 74 عاما بالنسبة للرجال و76 عاما عند النساء، مع ما يتطلبه ذلك من مصاريف إضافية.
وأردف الفاعل النقابي ذاته أن موضوع التقاعد لا يعني المغرب فقط، بل يعني عددا من دول العالم، مشيرا إلى فرنسا التي خرج ثلاثة ملايين من مواطنيها إلى الشارع للاحتجاج ضد خطة حكومة البلاد لإصلاح منظومة التقاعد، لأنه مسألة مجتمعية تعني أمن المواطنين بعد مغادرتهم للعمل.
ولفت الكاتب الإقليمي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل إلى أن “العمر الثالث”، أي مرحلة ما بعد مغادرة العمل، “يجب أن تكون فترة يرتاح فيها الإنسان بعد أن أفنى عمره في العمل، وأن يُضمن له معاش لائق؛ لأن الأمراض تزداد، ومعها المتطلبات المادية للأبناء، وبالتالي تزداد الأعباء ويجب ألا يلجأ الإنسان إلى الصدقة”.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
عقد برنامج جديد بين الدولة والصندوق المغربي للتقاعد