الرباط – المغرب اليوم
يبدو أن مستوى الضغط الذي يعيشه رئيس الحكومة المعين عبدالإله بنكيران، هذه الأيام، سيرتفع بشكل كبير بعد اللقاء الذي جمعه بالمستشاريْن الملكيين عبد اللطيف المنوني وعمر القباج، والذي أدرك فيه أن مطالب التعجيل بتشكيل الحكومة الصادرة عن مختلف الهيئات السياسية والقوى المجتمعية باتت معلنة أيضا من أعلى سلطة في البلاد. وفي الوقت الذي تعيش فيه المشاورات حالة من "البلوكاج" انقطعت فيها حبال الود بين مجموعة من الأحزاب، سيكون بنكيران ملزما ببذل جهود مضاعفة وتحمل مشقة التقريب بين المواقف المتباعدة أصلا وربما التضحية بجزء غير يسير من مصالح حزبه من أجل إخراج التشكيلة الحكومية التي طالب القصر بها في أقرب الآجال.
وبعد هذا اللقاء، سارت العديد من التحليلات السياسية إلى الإقرار بصعوبة الموقف الذي يوجد فيه "زعيم الإخوان" غير المحسود عليه، بعد تلقيه لانتظارات المؤسسة الملكية، والتي سيكون رئيس الحكومة مجبرا على الأخذ بها ورفع وتيرة المشاورات لإنهاء العطالة التي تعيشها كل من مؤسستي الحكومة والبرلمان. تداعيات اللقاء، الذي جاء لتحريك المياه الراكدة تحت جسر المفاوضات، أكد محمد زين الدين، أستاذ القانون الدستوري، أنها ستظهر خلال الأيام المقبلة التي سيكون فيها رئيس الحكومة تحت ضغط شديد، قد يدفعه إلى تقديم بعض التنازلات في أفق إخراج الحكومة التي أصبحت مطلبا ملحا، وفق قوله، مؤكدا أن هامش التحرك بات جد ضيق أمام بنكيران في مفاوضاته مع الأحزاب الأخرى.
واعتبر زين الدين، أن تأثير الدعوة الملكية سيسهم في جعل موقف كل من حزب العدالة والتنمية وحزب التجمع الوطني للأحرار أكثر مرونة من ذي قبل، مضيفا بالقول: "بنكيران سيكون مخيرا بين تسريع المفاوضات مع عزيز أخنوش، قائد التجمعيين، خلال الأسبوع المقبل وبين العودة إلى الملك وإعلان فشله في تشكيل الحكومة"، قبل أن يوضح أن خيار التفاوض والتراضي هو الأقرب إلى التحقق خلال المرحلة المقبلة.
رسالة الملك محمد السادس، التي حملها مستشاراه، اعتبرها الباحث في الشؤون السياسية "تنبيها سياسيا" لرئيس الحكومة وحزبه ككل من أجل تدارك الوقت الذي أهدر خلال الأشهر الماضية في التفاوض، مقرا بأن جميع الأعراف الدستورية طبّقت عندما مارس الملك صلاحياته محاولا الابتعاد قدر الممكن عن التدخل أو لعب دور التحكيم في هذا الملف.
وفي قراءته لجوانب اللقاء الذي عقد بمقر رئاسة الحكومة، لفت زين الدين إلى دلالة عقد اللقاء في المؤسسة الدستورية عوض الديوان الملكي؛ "وهو ما يعكس احتراما تاما للمؤسسات"، وفق قوله، مشيرا في الوقت ذاته إلى خصوصيات مستشاري الملك، الفقيه الدستوري عبد اللطيف المنوني، والعارف بخبايا الاقتصاد عمر القباج، يضيف المتحدث ذاته. وزاد أستاذ القانون الدستوري قائلا: "اختيار المنوني والقباج فيه دلالة واضحة على التأثير الحاصل لتأخر تشكيل الحكومة على سير عمل المؤسسات الدستورية، وأيضا النتائج السلبية على اقتصاد البلاد".