الرباط - المغرب اليوم
قرر مجلس النواب التراجع عن إحداث لجنة للأخلاقيات يعهد إليها بضبط سلوك النواب وتتبع مخالفاتهم بالتزامن مع تفاعل المجلس مع الرسالة الملكية بمناسبة الذكرى الستين لإحداث البرلمان المغربي، والتي تضمنت دعوة صريحة لممثلي الأمة من أجل إقرار مدونة للأخلاقيات تكون ملزمة لعموم البرلمانيين، وهي الدعوة التي تأتي في سياق متابعة عدد غير يسير من النواب والمستشارين أمام القضاء بتهم تتعلق بقضايا فساد وتبديد أموال عمومية.
ورفض نواب البرلمان مقترح "إحداث لجنة لتأديب النواب"، مؤكدين أنه "لا يمكن أن يصدر البرلمان أحكام إدانة بحق نواب، دون احترام مقررات القضاء الذي تصدر أحكامه باسم الملك وتكون عنوانًا للحقيقة، لاسيما أن الإدانة أو البراءة سلطة حصرية لمؤسسة القضاء وكل إجراء يخالف ذلك هو تدخل في شؤون القضاء واعتداء على اختصاصه ومس صريح بالمقتضى الدستوري المتعلق بالفصل بين السلطات، البرلمان مؤسسة تشريع وليس مؤسسة قضاء".
صيغة جديدة
ووفق نسخة جديدة لتعديلات النظام الداخلي لمجلس النواب، يضع المجلس مدونة للأخلاقيات تكتسي طابعا ملزما وتشكل جزءا لا يتجزأ من هذا النظام الداخلي، وتتضمن بصفة خاصة المبادئ والواجبات والضوابط التي يجب على كل النائبات والنواب التقيد بها أثناء ممارستهم لمهامهم النيابية.
وحسب مصفوفة التعديلات الجديدة التي اعتمدتها لجنة النظام الداخلي المشكلة من رئيس المجلس ورؤساء الفرق والمجموعة النيابية ورؤساء اللجان الدائمة، فإن هذا التعديل يذكر بمدونة الأخلاقيات باعتبارها من مشمولات النظام الداخلي مع استحضار ما جاء بالرسالة الملكية بمناسبة الذكرى 60 للبرلمان من خلال "إقرار مدونة للأخلاقيات في المؤسسة التشريعية بمجلسيها تكون ذات طابع قانوني ملزم".
وتقترح التعديلات الجديدة، أن تضع الفرق والمجموعات النيابية لوائحها الداخلية التي تحدد على وجه الخصوص طرق التدبير الديمقراطي والمشاركة الفعالة في أنشطة وأجهزة المجلس، مع ضرورة التزام كل عضو من أعضائها بالتقيد واحترام مقتضيات مدونة الأخلاقيات المضمنة في هذا النظام الداخلي، وذلك بهدف زيادة التحسيس بأهمية التقيد باحترام مدونة الأخلاقيات.
وحسب نص التعديل الجديد المدرج على المادة 68 من النظام الداخلي وفق صيغته النافذة، "ينتدب مكتب مجلس النواب في مستهل كل فترة نيابية عضوين من بين أعضائه أحدهما من المعارضة للقيام بمهمة التتبع المستمر وحسن تطبيق مقتضيات مدونة السلوك والأخلاقيات البرلمانية، وذلك دون الإخلال بالمقتضيات الصريحة الموكول تطبيقها لرئيس ومكتب المجلس".
التحقق من المخالفات
ويعهد إلى العضوين المنتدبين من مكتب مجلس النواب، بالتحقق من المخالفات التي قد يرتكبها أحد أعضاء المجلس والمحددة في هذه المدونة ويحيطان مكتب المجلس بها علما، إضافة إلى قيامهما بتقديم الاستشارة لمكتب المجلس وإعداد تقرير في الموضوع كل سنة تشريعية على الأقل.
وتضمنت نسخة التعديلات السابقة، التي اقترحها مجلس النواب في مسعاه لتفعيل التوجهات الملكية لتخليق العمل البرلماني، أن "ينتخب المجلس في بداية الولاية التشريعية لجنة للأخلاقيات لا يتجاوز عدد أعضائها 13 عضوا يتم انتدابهم على أساس قاعدة التمثيل النسبي للفرق والمجموعة النيابية، ويعين أعضاء لجنة الأخلاقيات من بينهم رئيسا ومقررا أحدهما من المعارضة كما يعينون نائبا لكل من الرئيس والمقرر".
وخلافا للصيغة السابقة، يقترح التعديل الجديد، أن "يشكل مكتب مجلس النواب في مستهل كل فترة نيابية وفي منتصفها لجنة خاصة بتتبع تطبيق مدونة الأخلاقيات البرلمانية ينتدب لها عضوين من بين أعضائه أحدهما من المعارضة، تقوم هذه اللجنة بالتحقق من المخالفات التي قد يرتكبها أحد أعضاء المجلس والمحددة في هذه المدونة ويحيطان مكتب المجلس بها علما".
وتقدم اللجنة الخاصة، الاستشارة لمكتب المجلس، ولكل عضو من أعضاء المجلس يرغب في ذلك، وترفع توصياتها بشأن كل وضعية معروضة عليها لمكتب المجلس الذي تعود له مهمة ضبط ومراقبة احترام مدونة الأخلاقيات حيث يتخذ القرار المناسب بشأنها ويوجه عند الاقتضاء تنبيهات وإشعارات للمعنيين بالأمر طبقا لما هو منصوص عليه بالنظام الداخلي لمجلس النواب.
قواعد وضوابط
مصفوفة التعديلات الجديدة تلزم اللجنة المذكورة تقريرا بأنشطتها كل سنة تشريعية على الأقل ترفعه لمكتب المجلس. وأوضح مجلس النواب في تفسيره لإدراج التعديل الجديد، بكونه فرضته إعادة هيكلة النص، حيث سيتم التذكير بأجهزة المجلس في جزء خاص، وحيث إن هذه اللجنة الخاصة المنبثقة عن مكتب المجلس سيتم إحداثها لأول مرة وبذلك سيتم نقلها من الجزء الخاص بمدونة الأخلاقيات.
واقترحت رئاسة المجلس على الفرق والمجموعة النيابية إدخال تعديلات جديدة على الجزء الحادي عشر المتعلق بمدونة الأخلاقيات البرلمانية، والتي تهم تحديد مرجعية وأهداف مدونة الأخلاقيات البرلمانية، والمبادئ الأخلاقية المؤطرة لمدونة الأخلاقيات، مع تحديد قواعد وضوابط السلوك والأخلاقيات البرلمانية والإجراءات التأديبية والاحترازية.
وحسب نفس الوثيقة التي يتوفر عليها "العمق"، تهدف مدونة الأخلاقيات البرلمانية المضمنة في هذا الجزء من النظام الداخلي إلى السمو بالعمل البرلماني عبر تغليب المصالح العليا للوطن والمواطنين على غيرها من الحسابات الحزبية وتخليق الحياة البرلمانية حتى يضطلع مجلس النواب بدوره كاملا في نشر قيم الديمقراطية وترسيخ دولة القانون وتكريس ثقافة المشاركة والحوار وتعزيز الثقة في المؤسسات المنتخبة، وذلك في إطار تفعيل مضامين الرسالة الملكية بمناسبة الذكرى 60 للبرلمان المغربي.
وتلزم المدونة الجديدة، النواب بأن يمثلوا الأمة بأمانة وإخلاص وأن يصونوا ثقة المواطنات والمواطنين فيهم وأن يعملوا على تقويتها وأن يتصفوا بخصال الاستقامة والنزاهة والفضيلة والشرف والمروءة. كما يتعين عليهم عدم التحريض أو التشجيع على القيام باحتجاجات غير مشروعة كما يجب على النائبات والنواب التعبير عن آرائهم بلباقة واحترام وتجنب استعمال ألفاظ أو عبارات تنطوي على التهديد أو الترهيب أو الاستفزاز أو الشتم.
وأقرت مدونة الأخلاقيات وفق مصفوفة التعديلات، قواعد وضوابط السلوك والأخلاقيات البرلمانية، حيث يتعين على النائبات والنواب التصريح بكل تنافٍ مع عضويتهم بمجلس النواب كما هو منصوص عليه بالمادة 27 من هذا النظام الداخلي، كما يتوجب على كل عضو من أعضاء المجلس عدم قبول أي هدية أو منفعة أو قرض لم يكن ليناله لولا صفته البرلمانية التصريح لمكتب المجلس بالهدايا التي يحصل عليها إذا كانت قيمتها تعادل أو تفوق تعويضه البرلماني الشهري على أن يودع الهدايا التي يتلقاها من طرف المؤسسات الوطنية أو الدولية في إطار المهام الرسمية التي ينتدب لها بمتحف المجلس.
فوضي في البرلمان المغربي بسبب رفض مٌناقشة حصيلة القطاعات على مستوى اللجان