الرباط - المغرب اليوم
في قراءتهما للنموذج التنموي الجديد، الذي وضعت معالمه اللجنة الملكية المشكلة لهذا الغرض، أكد إدريس كسيكس، عضو اللجنة، وعبد الله ساعف، الباحث في مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، على أن التنمية التي ينشدها المغرب تتطلب وضع ركائز أساسية، في مقدمتها الديمقراطية والثقافة.
وقال ساعف في لقاء نظمه مركز السياسات من أجل الجنوب، مساء الثلاثاء، إن إنجاح النموذج التنموي الجديد، يقتضي تكريس مزيد من الدمقرطة في البلاد من أجل الاقتراب أكثر من المعايير الدولية للديمقراطية، معتبرا أن “المغرب لم يعد يفصله فارق كبير في هذا المجال مع النماذج الأكثر تقدما”.
ويرى ساعف أن ثمّة إشكاليتين ينبغي إعادة التفكير فيهما قصد إنجاح النموذج التنموي الجديد، الذي أتمّت اللجنة الملكية المكلفة به عملها في وضع تصوره الأولي؛ أولاهما عدم السقوط في خطأ الرؤية الأحادية، “لأننا نحتاج إلى مجتمع تنافسي، وهذا يتطلب تعددية”.
أما الإشكالية الثانية التي دعا ساعف إلى إعادة التفكير فيها، فتتعلق بعدم الخلط بين العمل الذي أوكل إلى لجنة النموذج التنموي الجديد وبين التصورات التي تحملها الأحزاب السياسية، موضحا أن النموذج التنموي الجديد “لا ينبغي أن يكبح التصورات العمومية التي تطرحها الأحزاب، بل من المفروض أن يقوّلها ويلهمها، في إطار التعددية والتنافسية”.
وتوقف إدريس كسيكس، عضو لجنة النموذج التنموي الجديد، عند ضرورة بناء مشروع ثقافي جديد يراعي التحولات الكبيرة التي يشهدها المجتمع المغربي خلال السنوات الأخيرة، خاصة في الشق المتعلق بالرقمنة، لافتا إلى أن جائحة فيروس كورونا أظهرت ضرورة تقوية القدرات الكامنة في المجتمع بشكل أكبر، عبر مدخل الاهتمام بالثقافة.
وأكد عضو لجنة النموذج التنموي الجديد أن المجال أصبح مفتوحا على نطاق واسع أمام المغاربة للتعبير عن آرائهم المختلفة، من خلال الفضاء الرقمي، حيث يزيد عدد مستعملي منصة “فيسبوك” على عشرين مليون مغربي، بينما كانت قنوات التعبير في السابق شبه منعدمة؛ إذ لم يكن عدد الذين يلجون إلى التلفزيون العمومي، قبل عشر سنوات فقط، يتعدى ثلاثة ملايين شخص، و300 ألف شخص فقط يشترون الجرائد، معتبرا أن تمكّن الملايين من التعبير عن آرائهم “معطى مهم جدا”.
وأورد كسيكس أن المغرب لا يعاني من نقص على مستوى المؤسسات الثقافية، بل يحتاج إلى تكوين الوسطاء (Médiateurs) القادرين على تشكيل الشغف بالثقافة لدى المواطنين، وخلق فضاءات للإبداع والنقاش والتعبير الحر، مشددا على أن “المواطن ينبغي أن يتربى على أن لا أحد يمتلك الحقيقة، وأن ما يبني التعايش هو التعدد”.
ودعا المتحدث إلى استغلال ما يتيحه الفضاء الرقمي من أجل إنتاج المعرفة والتصور والإدراك والجمال، من خلال التنسيق مع الجامعة ومع المبدعين الموجودين في الساحة لإنتاج محتويات ذات جودة في الفضاء الافتراضي، لافتا إلى أن الإنتاج الرمزي في المجتمع المغربي، مثل السينما والإبداع بشكل عام، ما زال ضعيفا.
قد يهمك ايضاً :
نشطاء يرصدون غياب "النظرة الاستشرافية" في تقرير النموذج التنموي الجديد
دعم التشغيل يستدعي "تعديل المدونة" واعتماد أنماط العمل الجديدة في المغرب