الرباط - المغرب اليوم
أكّد الملك محمد السادس أن المطلوب اليوم هو العمل من أجل حل المشاكل وتجاوز مرحلة التوقف عند التشخيص، وذلك بعد دعوته للحكومة المغربية إلى إعادة النظر في النموذج التنموي الذي أصبح لا يستجيب لتطلعات المغاربة وحاجاتهم.
وجدّد الملك تأكيده على أن النموذج التنموي، الذي أسهم في تحقيق العديد من المكتسبات والمنجزات الاقتصادية والاجتماعية الملموسة، "لم يعد قادرا على الاستجابة للمطالب والحاجيات المتزايدة للمواطنين، ولا على الحد من الفوارق الاجتماعية والتفاوتات المجالية، وبالتالي تحقيق العدالة الاجتماعية".
وأوضح خلال رسالة وجهها إلى أعمال المنتدى البرلماني الدولي الثالث للعدالة الاجتماعية، الذي ينظّمه مجلس المستشارين هذا العام تحت شعار "رهانات العدالة الاجتماعية والمجالية ومقومات النموذج التنموي الجديد" على مدى يومي 19 و20 فبراير/شباط، أنه يتوخى من الدعوة إلى مواجهة هذا النموذج التنموي أكثر من مجرد إصلاحات قطاعية معزولة، أو إعادة ترتيب بعض المشاريع الاقتصادية والبرامج الاجتماعية.
ودعا الملك، في الرسالة التي قرأها المستشار الملكي عبد اللطيف المانوني، الفاعلين كافة إلى الأخذ بعين الاعتبار التغيرات المجتمعية التي يشهدها المغرب؛ و"ذلك عبر وضع مسألة الشباب في صلب النموذج التنموي المنشود، والتفكير في أنجع السبل من أجل النهوض بأحوال شبابنا، باعتبارهم الرأسمال الحقيقي للبلاد، وثروته التي لا تنضب"، وأضاف :"لنا اليقين أن نجاح هذا التصور يبقى رهينًا بتغيير العقليات، باعتباره السبيل الوحيد، ليس فقط لمجرد مواكبة التطورات الذي يشهده المغرب، في مختلف المجالات، بل بالأساس لترسيخ ثقافة جديدة للمبادرة والاعتماد على النفس وروح الابتكار وربط المسؤولية بالمحاسبة".
وعادت الرسالة، مجددًا، إلى قضية فساد الإدارة العمومية، حيث أكد الملك من خلالها أنه "لا يمكن تحقيق إقلاع اقتصادي واجتماعي حقيقي دون قيام المرافق العمومية بمهامها في خدمة المواطن وتحفيز الاستثمار وغريها، في النهوض بالعملية التنموية"، كما دعا القطاعين العام والخاص إلى مضاعفة في شراكات فعالة.
وردا على الأصوات المنتقدة لهذا النموذج التنموي وجّه الملك محمد السادس رسائل إلى جميع الفعاليات والهيئات السياسية والنقابية والحقوقية والمدنية، وقال إن "إعادة النظر في النموذج التنموي المغربي قضية تهم كل المغاربة وكافة القوى الحية"، كما توّجه إلى كل الفاعلين المعنيين قائلًا: "المجال مفتوح للمساهمة بأفكاركم ومقترحاتكم البنّاءة بكل حرية وموضوعية؛ فليس هناك أي حدود أو شروط أمام هذا النقاش الوطني الواسع، في إطار الالتزام بالدستور، واحترام ثوابت الأمة".
وأشاد الملك محمد السادس بتخصيص مجلس المستشارين في هذه الدورة محورا مهما لمسألة العدالة الاجتماعية والمجالية، وقال إنه "بذلك يكون هذا المنتدى المتميز قد لامس بعدا مركزيا من أبعاد النموذج التنموي الذي نتطلع لبلورته، ألا وهو البعد الاجتماعي والترابي"، كما شدّد على أن النموذج المرتقب يجب أن يسهم في تحسين ظروف المعيشية اليومية للمواطنين "في ظل العدل والإنصاف والكرامة الإنسانية وتكافؤ الفرص".
وأبرز الملك أن تحقيق العدالة الاجتماعية يقتضي استحضار مجموعة من الرهانات، التي يتعين التعاطي معها بكل جدية وموضوعية، وبروح الابتكار؛ ومن بينها، على الخصوص، إشكالية الفوارق الاجتماعية والمجالية، وعلاقتها الاجتماعية الأساسية، ومسألة تعميم الولوج إلى الخدمات والمرافق الاجتماعية، بالإضافة إلى إيجاد مؤسسات متشبعة بقيم التضامن والعدالة الاجتماعية، تسهم في حل المشاكل الحقيقية للمواطنين والاستجابة لانشغالاتهم ومطالبهم الملحة.