الرئيسية » ناس في الأخبار
ذكرى استلهام مسيرة الراحل محمد الخامس

الدار البيضاء - المغرب اليوم

يستحضر الشعب المغربي قاطبة، بحلول العاشر من رمضان من كل عام، ذكرى الملك محمد الخامس، الذي ضحى بالغالي والنفيس، دفاعًا عن استقلال البلاد ووحدة ترابها وكرامة شعبها، وذلك على الرغم من كل الشدائد والمحن التي لاقاها، خلال جميع مراحل الكفاح الذي خاضه جنبًا إلى جانب مع أسرته وجميع أبناء الشعب المغربي الأبيّ.

وكان الراحل قد أسلم الروح إلى باريها في العاشر من رمضان من عام 1380 هجرية (الموافق 26 فبراير/شباط 1961)، وذلك بعد سنوات قليلة من تخليص الوطن من الاستعمار ونيل استقلال المملكة، وقد شكلت فادحة للأمة، ولحركات المقاومة والتحرير، التي كانت ترى فيه، أحد أبرز أقطاب حركة التحرر الوطني ورمزا لكفاح الشعب من أجل الظفر بالاستقلال والكرامة والتقدم، فيما يشكّل تخليد هذه الذكرى عربونا عن الوفاء والتشبث الثابث بذكرى ملك عز مثيله، والذي فضل التضحية بالغالي والنفيس وتحمّل مرارة المنفى على الخنوع والاستسلام في وجه المستعمر، فهو الذي اعترض باسم المبادئ المؤسسة للأمة اعتراضا قطعيا على التنازل عن السيادة الوطنية أو الدخول في أي نوع من المساومة مع سلطات الحماية.

وطوال مسيرة كفاحه ضد الاستعمار، كان الراحل محمد الخامس يؤدي واجبه بتشاور دائم مع الحركة الوطنية، معبّرا بذلك عن حرص ثابت على تدعيم ورص صفوف مختلف مكونات المقاومة، وذلك من منطلق الوعي بأن التحرير واستعادة السيادة بالعمل الجماعي والمنسق، القائم على أساس التشبث بالإيمان وتعبئة الشعب المغربي، فلقد حاول الكيان الاستعماري الذي جثم بثقله على المغرب لأزيد من أربعة عقود، تسخير الوسائل كافة وتوظيف جميع الأساليب المتاحة للمساس بالوحدة الوطنية والنيل من الرباط المتين الذي جمع بين الملك محمد الخامس وشعبه الوفي، مستهدفا من خلال ذلك، طمس معالم آصرة قوية جسدتها رابطة البيعة وتشبث الشعب المغربي القوي بالعرش العلوي المجيد.

وخدمة لهذا الغرض، لم تتوانى سلطات الحماية عن محاصرة القصر الملكي بواسطة قواتها يوم 20 أغسطس/آب من سنة 1953، مطالبة الراحل بالتنازل عن العرش، فما كان منه إلا أن آثر النفي على الرضوخ لإرادة المستعمر، مصرحا بكل ما أوتي من إيمان وثقة في الله أنه لن يضيع الأمانة التي وضعها شعبه الوفي على عاتقه، والمتمثلة في كونه سلطان الأمة الشرعي ورمز وحدتها وسيادتها الوطنية، وفاءا منه لرابطة راسخة جسدتها البيعة الشرعية، وأمام المواقف الوطنية السامية التي أبان عنها بطل التحرير، وسعيا منها إلى النيل من تلاحم الشعب المغربي الوطيد بملكه الشرعي، في الشمال كما في الجنوب وفي الشرق كما في الغرب، أقدمت سلطات الاحتلال على تنفيذ جريمتها بنفيه ورفيقه في الكفاح جلالة المغفور له الحسن الثاني والأسرة الملكية الشريفة، إلى جزيرة كورسيكا ومنها إلى مدغشقر.

وما أن عم الخبر ربوع المملكة وشاع في كل أرجائها حتى ثار الشعب المغربي في انتفاضة عارمة وتفجر غضبه في وجه الاحتلال الأجنبي، معلنا بداية العمل المسلح وانطلاق العمليات البطولية التواقة إلى ضرب غلاة الاستعمار ومختلف مصالحه وأهدافه، وما كانت هذه الأعمال البطولية الباسلة إلا أن تثمر عودة بطل التحرير من المنفى إلى أرض الوطن، معلنا انتهاء عهد الحجر والحماية وبزوغ فجر الحرية والاستقلال، ومجسدا بذلك الانتقال من معركة الجهاد الأصغر إلى معركة الجهاد الأكبر، وانتصار ثورة الملك والشعب المجيدة التي جسدت ملحمة عظيمة في مسيرة الكفاح الوطني الذي خاض غماره الشعب المغربي بقيادة العرش العلوي المجيد، من أجل حرية الوطن وتحقيق الاستقلال والوحدة الترابية.

وبذلك يكون الشعب المغربي قد برهن للعالم بأسره عن تعلقه الدائم وحبه العارم لوطنه وملكه، مبديا استعداده القوي واللامشروط لخوض أشد المعارك وتخطي أعتى الصعاب، للدفاع عن مقدساته وصونا لكرامته النابعة من إبائه وأصالته، وهو ما أشار إليه الراحل الحسن الثاني في خطابه بمناسبة الذكرى الـ 19 لثورة الملك والشعب سنة 1963، واصفا هذه العلاقة المتينة بالرابطة التي "نسج التاريخ خيوطها بعواطف المحبة المشتركة، والأهداف الموحدة التي قامت دائما على تقوى من الله ورضوانه".

هكذا، وبفضل هذه الجهود الدؤوبة كان من الممكن خوض المعركة السياسية، التي آتت أكلها بفضل المواقف البطولية لأب الأمة، الذي قرر مواجهة الأمر الواقع المفروض من طرف السلطات الاستعمارية، التي بلغت ذروة سطوتها من خلال التآمر ضد الشرعية التي يجسدها العرش، وذلك عندما قرر المحتل الغاشم إجبار عاهل البلاد وعائلته الكريمة على تكبد قساوة المنفى السحيق، لكن ما لبث أن خاب أمل المستعمر بفعل المقاومة الباسلة التي أبان عنها المغفور عنه محمد الخامس، وكذا نتيجة الدعم القوي الذي أظهره شعبه الأبي خلال هذه المحنة. فبفضل تجند الشعب المغربي من أجل عودة الملك الشرعي ورمز السيادة الوطنية من المنفى السحيق، أحبطت المؤامرة وعاد الملك المجاهد إلى بلاده، حاملا بشرى انتهاء عهد الحجر والحماية.

وهكذا، نجح المغرب بفضل المعركة التي خاضها الملك المجاهد محمد الخامس جنبا إلى جنب مع الحركة الوطنية، في جلب الاهتمام الدولي بقضيته، بما مكنه من انتزاع ربقة الاستعمار، لينكب على تشييد الصرح الوطني وبناء الدولة المغربية الحديثة.

وبعد الراحل الروح إلى باريها، واصل رفيقه في الكفاح الراحل الحسن الثاني، ترسيخ هذه المكتسبات من خلال الالتزام بتنفيذ ورش ضخم لتنمية البلاد اقتصاديا واجتماعيا، ووفق نفس الرؤية السديدة، انكب بكل عزم وتفاني، وارث سره، الملك محمد السادس، على مواصلة تفعيل وتدعيم هذا المسار النير، عبر جعل المغرب ينخرط في مرحلة جديدة، هي مرحلة الحداثة والتنمية.

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

تايلور سويفت تعلن تأييدها لهاريس في الانتخابات الرئاسية
الملك تشارلز والملكة كاميلا يحييان الذكرى الثانية للملكة إليزابيث
ميسي يوجه رسالة عاطفية لـ دي ماريا بعد اعتزاله…
الملك محمد السادس يُعزي العاهل السعودي في وفاة شقيقته…
جورج كلوني يشيد بالرئيس جو بايدن بسبب انسحابه من…

اخر الاخبار

المعارضة المغربية ترفض الترضيات في إرسال الوفود البرلمانية للخارج…
الملك محمد السادس يُشيد بالدور البارز للدول الكبرى وعلى…
نزار بركة يترأس اجتماعاً مشتركاً بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية…
الرئيس الفرنسي يحل في المغرب 28 أكتوبر الجاري مرفوقاً…

فن وموسيقى

نبيلة عبيد تستأنف مسيرتها الفنية بمسلسل سعودي بعد فترة…
حياة عادل امام بعد الاعتزال وكيف يقضي ايامه بدون…
نرمين الفقي تتحدث عن عودتها إلى المسرح بعد سنوات…
كندة علوش تكشف عن أسرار جديدة حول إصابتها بمرض…

أخبار النجوم

عمرو يوسف ومي عز الدين يقدمان "قلبي وأشباحه" في…
يحيى الفخراني يُكرّم في مهرجان نقابة المهن التمثيلية
رحمة رياض بدلاً من أنغام في "إكس فاكتور"
«الأرض السودا» تجمع كريم عبدالعزيز وياسمين صبري لأول مرة

رياضة

الركراكي يُعرب عن سعادته بإقامة مباراتي المغرب ضد أفريقيا…
ليفربول يخطط للإطاحة بصلاح ويتعاقد مع لاعب جديد
كريستيانو رونالدو يضغط على نادي النصر لضم دي بروين…
بوغبا يفسخ عقده مع يوفنتوس عقب تخفيض عقوبته واقتراب…

صحة وتغذية

مكملات غذائية للوقاية من السرطان وتحسين جودة النوم والوظائف…
اختبار دم جديد قد يُساهم في التشخيص المبكر لمرض…
فصيلة دمك قد ترفع خطر التعرض للسكتة الدماغية في…
اختبار دم يتنبأ بفترة بقاء مرضى سرطان البروستات على…

الأخبار الأكثر قراءة

تداول فيديو لقاسم سليماني يتجول في قصر صدام حسين
المغربي أنور الغازي يبترع ب500 ألف يورو لأطفال غزة…
الملكة رانيا تأسر القلوب بعد احتضانها حفيدتها الأميرة إيمان
تفاعل كبير مع فيديو بوتين يقبل القرآن على وسائل…
فرنسا تُوشح المدير العام للأمن الوطني المغربي بوسام الشرف