الرباط -المغرب اليوم
سعيٌ إنساني نحو المعنى، والبحث عن الذات، والتعبير عن مسار السفر الإنساني في تجربة الوجود، تحاول لوحات تشكيلية ومنحوتات للفنانة المغربية نجوى الهيتمي التعبير عنه، في معرض جديد، ينظم في إطار الدورة الـ14 من مهرجان فاس للثقافة الصوفية.ويستقبل زائرَ المعرض عملٌ ينحو نحو التجريد، تبددت فيه ملامح الإنسان المميِّزَة له عن آخَره، حتى صار أكثر قربا من باقي مكونات اللوحة، بسقفها السماوي، وسحابها، وشمسها، وفضائها الأرضي… هو مسيرٌ جماعي، يدل على تشابه رحلات العيش في آخر المطاف، ويتمسك بالاستمرارية الجَمعية لتجربة الحياة، وينتصر لوحدة الوجود: كلنا واحد، إنسانا وطبيعة، وأفكارا وتجارب، تختلف الأدوار، والتعبيرات الإنسانية، لكن تجمعنا وحدة الأصل ووحدة المصير، وتجمعنا حياة، دنيا، واحدة.
ويطغى على المعرض الإحساس بالحركة، ولو أنها ليست واحدة، تحضر ضربات الريشة اللولبية، والصاعدة التي يتلوها نزول فصعود وهكذا دواليك… وأخرى لا يمكن ضبط مسيرها بكلمات. الأساس هو أن هناك تطلعا، في كل هذه التجارب المعبَّر عنها، إلى الارتقاء (الروحي؟)، سعي إلى أفق أرحب، إلى السمو بالنفس، إلى الارتقاء بالروح إلى ما تعرفه ذاكرتها الفطرية التي تسعى إلى تذكير الإنسان بهذه الآفاق كلما طالها ضمور، أو سقوط يواري أصلها.وفضلا عن منحوتة، يرى فيها شراع، هو الرحلة، رحلة الإنسان في دار الابتلاء… وتظل بوصلتها متجهة نحو السماء، أو نحو المتعالي، تحضر أعمال هي تجارب إنسانية، خطت عليها حروف التجارب، التي لا يسطَع المتطفل فكها، وقد تكون هي الإنسان، الذي لا يبقى منه إلا أثره، الدال على أنه كان يوما شيئا مذكورا
هذه الأعمال تقع تحت الضياء. تنير ثلاثتها، وهي وتر (والله يحب الوتر)، مصابيح، تبرزها، تصطفيها… وهي، أيضا، ذاكَ الأفق المتعالي الذي يستمد الإنسان صفاءه منه، ويتذكر به أصله، ويسعى إليه لتكتمل إنسانيته، ولو كان ضعيفا بالتعريف.وينتبه الناظر إلى حضور ألوان، بالمعرض، لا تتلاءم ومقام الاعتلاء بالنفس، والارتقاء، والصفاء، أحمر قاتم، أسود مظلم، أزرق لم يعد لونَ الحب. هل سبب الملاحظة عدم الانتباه إلى أن لحظات الصفاء وليدة لحظات، وشطر مظلم من الحياة؟ وهل سببها نسيان أن الارتقاء بالنفس مخاض، مؤلم، من النظر في عورات الذات، وانفلاتاتها، والانحياز إلى ما يواري الفطرة، والتحول، والانسلاخ عن الأدران التي تثقل الجسد والذهن والروح
وحول اختيار ألوان مثل الأسود، تنفي الفنانة، ابتداء، في حديث لها مع هسبريس، فعل الاختيار عن ريشتها، فتقول: “لا أتدخل في اشتغالي بعقلي، وأترك لذاتي التعبير (…) أترك جسدي يتحرك، حتى ينسجم الروح والجسد والعقل، ولا يهيمن العقل على هذا السعي نحو التعبير، فيصير العمل الفني عملا عقليا (تقنيا)”.وتتابع التشكيلية والنحّاتة نجوى الهيتمي: “الألوان مثل الأسود، لا تُعَبِّر عن السوء. والأسود هو المجهول وهو المطلق. لا يوجد سيء وجيد، بل مسار… ويمكن أن يكون ما نعتبره سيئا منبعا لشيء جيد، تجربة تقودنا نحو الأفضل، تعلمنا، وتطهرنا”.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
تأسيس منظمة تنسيقية لجمعيات الفنون التشكيلية في المغرب
جمعية الفنون التشكيلية في سلطنة عُمان تشارك في ملتقى فني في المغرب