الرباط - المغرب اليوم
توقع سعيد بنيس، أستاذ علم الاجتماع بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن تؤدي عودة اجتماع الأسر المغربية في البيوت، بسبب الحجر الصحي، إلى إعادة تشكيل العلاقات بين أفرادها وانتقالها إلى علاقات واقعية، بعدما انزاحت، خلال السنوات الأخيرة، إلى علاقات افتراضية، جراء تنامي استعمال وسائل التواصل الحديثة.
وقال بنيس، في لقاء نظمته مؤسسة الدراسات والأبحاث التهامي الخياري، مساء الأربعاء، بث على صفحتها بـ"فيسبوك"، إن منظومة التواصل الواقعي يمكن أن تتجذّر بعد انتهاء فترة الحجر الصحي، مشيرا إلى أن الأسْرة ستسترجع دورها كمحضن للتنشئة، حيث مكّن الحجر الصحي من اكتشاف الآباء والأمهات لشخصيات أبنائهم وتطلعاتهم المستقبلية، وبالتالي حصول تقارب بين الطرفين.
مرحلة ما بعد جائحة "كورونا"، ستجعل الآباء والأمهات يعيدون النظر في طريقة تعاملهم مع أبنائهم، حيث ستتعزز قيم المراقبة، بعدما كان المنطق الزمني قد أفضى إلى غياب الآباء والأمهات والأبناء أيضا عن البيت، رغم تواصلهم افتراضيا، بحسب بنيس، مبرزا أن الزمن الانتقالي لكورونا سيعيد علاقة "المْصاحبة والمعايشة" بين الآباء والأبناء، من خلال كسر "الكيطوهات" التي خلقها الشباب من خلال انغماسهم في العالم الرقمي.
وأردف المتحدث أن الزمن الحالي الذي فرضته جائحة كورونا لم يشهد فقط تغيرات على مستوى علاقات أفراد الأسرة، بل إن هذه التغيرات طالت أيضا علاقات أفراد المجتمع ككل، بعد تسجيل تحولات اجتماعية ظرفية، حيث حدث انخفاض في عدد الجرائم المرتكبة، ما سيؤدي إلى انخفاض منسوب العنف في المجتمع، وبالتالي ارتفاع منسوب الثقة في مؤسسات الدولة الساهرة على ضمان الأمن العام.
وبخصوص كيفية تدبير ما بعد جائحة "كورونا"، قال بنيس إن ثمّة ضرورة لتعميق المواطنة الإيجابية واسترجاع الثقة، بالارتكاز على السياسات الحياتية التي تضع الحفاظ على حياة الإنسان وحمايته على رأس أولويات السياسات العمومية، بدل التركيز فقط على الاستثمار في البنية التحتية، مقترحا توسيع مبادرة صندوق تدبير جائحة كورونا إلى مبادرة لإنشاء صندوق وطني لمواجهة الأوبئة والجوائح.
ويرى بنيس أن على الأحزاب السياسية المغربية أن تلتقط الإشارات المهمة التي أفرزتها جائحة كورونا لبناء برامجها الانتخابية المستقبلية، مع مراعاة مستجد هام، وهو أن الجيل الحالي من الشباب ينتظر من الأحزاب السياسية خطابا جديدا مختلفا عن الخطاب الكلاسيكي الذي كانت تتبناه، وذلك عبر التفاعل معه في العالم الافتراضي، وعدم الاكتفاء فقط بالتواصل الواقعي.
وأضاف: "يجب أن تدبر الأحزاب السياسية مرحلة ما بعد كورونا بطريقة عقلانية وواقعية، لأن وعي المواطن المغربي يتشكّل ويلتقط عناصره من العالم الرقمي، كما أن تنشئته تمت عبر وسائط التواصل الاجتماعي، وعلى الأحزاب أن تلتقط هذه الإشارات، فكل خرجة لأي مسؤول سياسي تتم مناقشتها بطريقة مستفيضة من طرف المواطنين، وهناك وعي سياسي وعبقرية سياسية ينضح بهما العالم الرقمي المغربي".
قد يهمك ايضا